نقلت صحيفة “الشروق” المصرية عن مصدر حكومى وصفته بـ”واسع الاطلاع” إن جهاز الأمن الوطنى أصدر تقريرا حذر فيه مؤسسة الرئاسة من قبول أفكار سعودية بعد تولي الملك سلمان الحكم تتعلق بتخفيف الضغط على الإسلاميين والإفراج عن مجموعات منهم.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الأمن الوطني حذر كذلك جميع أجهزة الدولة السيادية، بما في ذلك مؤسسة الرئاسة والمخابرات العامة ووزارة الخارجية وغيرها من وجود «تحركات مشبوهة» تقوم بها مراكز بحثية ومنظمات غير حكومية تمولها عواصم غربية، بغرض «إثارة قلاقل سياسية فى مصر».
وبحسب المصدر فإنه تم رصد اتصالات ومراسلات إلكترونية فى هذا الشأن تمت بين شخصيات على اتصال بسفارات غربية «ويكثرون من التردد عليها» حيث يجرى «إعدادهم وتشجيعهم» على القيام بتحركات لإثارة الشعور بالاستياء الشعبى من أداء أجهزة الدولة وصولا لما قال التقرير ــ الذى اطلعت الشروق على مقاطع منه دون أن تحصل على نسخة كاملة ــ إنه «حالة مشابهة لتلك التى أدت لمظاهرات يناير 2011 وما أعقبها من اضطرابات واسعة».
وبينما سمى التقرير شخصيات فى المجال العام ومجموعات بعينها مثل 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين، فإنه لم يقصر دائرة الاشتباه على من تمت تسميتهم بالنظر لما قال إنه مساحة أوسع من الشخصيات التى تسعى الدول الغربية لـ«تجنيدها بغية زعزعة الاستقرار فى مصر» ونشر «مطالب سياسية وحقوقية» فى غير وقتها بما يعمق مشاعر الاحتقان الاجتماعي والسياسي فى البلاد.
التقرير نفسه طالب جميع مؤسسات الدولة المعنية باتخاذ التدابير اللازمة بما فى ذلك إثارة هذا الملف والتأكيد على رفض هذه التحركات المشبوهة مع مسئولى هذه الدول خلال زياراتهم لمصر أو خلال أى لقاءات رسمية معهم لدى زيارة المسئولين المصريين لهذه العواصم.
ووجه التقرير أصابع الاتهام إلى مراكز ومؤسسات ترتبط بالولايات المتحدة وعدد من دول شمال أوروبا وكندا حيث طالب الرئاسة بتكليف وزارة الخارجية باستدعاء سفراء عدد من الدول بغرض لفت نظرهم بوضوح إلى ضرورة رفع أيديهم عن الشأن الداخلى المصري، كما أوصى بتكثيف عمليات تتبع نشطاء سياسيين وايضا وسائل التواصل الاجتماعي لرصد أى تحرك يهدف إلى إثارة القلاقل واصفا المجموعات «من النشطاء» بأنهم أخطر على مصر من «الإرهاب الأسود» بل ويمثلون دعما له.
من ناحية أخرى، علمت «الشروق» من مصدر أمنى ان هناك توصيات واضحة «لا تحتمل التأويل» تم توجيهها لكل أجهزة الدولة «بما فى ذلك مؤسسة الرئاسة» لرفض مقترحات يجرى نقاش حولها بشأن الإفراج عن بعض النشطاء السياسيين تنفيذا لوعد رئاسى علنى متكرر فى الوقت الذى تلقت فيه الرئاسة نصائح بالإعلان عن العفو عن هؤلاء النشطاء مع حلول الذكرى الأولى لتولى السيسى رئاسة البلاد.
وقال المصدر إن «أى عمليات إفراج الآن أو تخفيف لقبضة الأمن مع النشطاء سيفتح شهية هؤلاء للعودة للمطالبة بتعديل قانون التظاهر وهو الأمر الذى لا يمكن لأى عاقل فى أى من الأجهزة الأمنية أن يقبل به أو يعمل فى ظله».
المصدر ذاته قال إن هناك رفضا امنيا «قاطعا» لأفكار طرحت فى بعض الدوائر التى تقدم النصح السياسى للرئيس بالنظر فى التفاعل الإيجابي مع أفكار سعودية لتخفيف وطأه الضغط على الإسلاميين والنظر فى أفكار للإفراج عن إعداد منهم كان قد تم توقيفهم دون توجيه اتهامات محددة بحقهم حتى الآن.
وأضاف المصدر أنه بالفعل كان قد تم الإفراج عن عدد منهم «على غير رغبة الأمن» ولكن الأمر توقف مع إدراك «الدولة أن المضى فى هذا الطريق هو أمر خطر للغاية على الأمن الوطنى، مضيفا أن النصيحة الأمنية هى ألا «تبدو الدولة مستعدة للتهاون وأن يتم توقيف المزيد من الإسلاميين حتى يكون واضحا أننا لا نخشى شيئا».
فى الوقت نفسه علمت «الشروق» من مصادر غربية أن مجمل علاقات الدولة المصرية مع المعارضة السياسية ستكون حاضرة «بوضوح» على أجندة المباحثات المنتظرة بين المستشارة الألمانية انجيلا ميركل مع الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال اسابيع قليلة فى برلين.
وقالت مصادر «الشروق» إن الحديث بين السيسى وميركل: «لن يكون مثل الحديث مع نظرائها فى دول جنوب اوروبا حيث يهرعون للتقارب مع القاهرة خشية تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية. ولكنها من المتوقع أن تقول إن «استمرار التضييق والملاحقة للنشطاء ستؤدى حتما إلى تجدد التوترات السياسية التى لا نريد لمصر ان تمر بها، خصوصا أن مسالة استقرار مصر أصبح امرا لا يمكن النقاش حوله فى ظل ما تمر به المنطقة من اضطرابات، غير أننا نرى أن الاستقرار لا يتحقق بالأمن وحده لكنه يتحقق بالحوار».