رغم أنهما يبعدان عن بعضهما البعض مئات الأميال، وأنه ليس هناك سوى القليل من القواسم المشتركة بين صراعاتهما المحلية، لاتزال القوة الشيعية في لبنان، «حزب الله»، والمتمردون الحوثيون في اليمن، منفتحين حول علاقة تصوغ السياسة الطائفية في منطقة الشرق الأوسط.
ومع تفاقم التوترات الإقليمية بسبب ضرب الائتلاف الخليجي للحوثيين، بدأت العلاقات التي كان يتم الحديث عنها سرًا منذ فترة طويلة تصبح مرئية بوضوح. وتقول بعض المصادر إن حزب الله المدعوم من إيران قد يكون يوفر الدعم المباشر لحلفائه اليمنيين، وهذه علامة أخرى على كيفية إعادة تشكيل التنافس بين دول الخليج السنية وإيران الشيعية للصراعات المحلية. ويقول محللون إن العلاقة بين حزب الله والحوثيين قد تؤجج بدورها مخاوف الدول السنية من توسع التحالفات الشيعية.
وفي حين لم يعلق حزب الله رسميًا حول دوره في مساندة الحوثيين، قال مصدر سياسي مقرب من قيادة الجماعة إن العلاقة بين الفصيلين تعود لعدة سنوات، وألمح إلى أن الحزب قد يكون لعب دورًا استشاريًا في مساعدة قوات الحوثيين.
وقال المصدر: «إنه دور محدود ربما، كإعطاء النصح والمشورة. ولكن، ليس هناك وجود للحزب على أرض الواقع». ومن جهتهم، يقول آخرون من مقاتلي حزب الله إنهم لعبوا دورًا أكثر نشاطًا على أرض الواقع في اليمن.
وقال مسؤول من الحوثيين، التقته صحيفة «فاينانشال تايمز» في بيروت، إن العلاقات مع الحركة اللبنانية تمتد إلى أكثر من عقد من الزمن. وأضاف: «هذه ليست علاقة يكون فيها جانب واحد في السيطرة، والآخر يتبعه بدون إدراك. نحن نتبادل الخبرات والأيديولوجي. لدينا الشخصية الخاصة بنا، وطريقتنا في إنجاز أمورنا. ليس الهدف بناء نموذج لحزب الله في اليمن».
ومع ذلك، هذا هو بالضبط مصدر الخوف الذي تعاني منه دول الخليج السنية المشاركة في التحالف ضد الحوثيين في اليمن. وحتى الآن، فشلت هذه الحملة التي تقودها السعودية في إضعاف قوات الحوثيين التي اجتاحت العاصمة صنعاء، وتضغط الآن للاستحواذ على مدينة عدن الجنوبية.
ويقول مسؤولون خليجيون إنه قد تم تصميم الحملة في اليمن جزئيًا بهدف منع إيران من تحويل الحوثيين من طائفة زيدية شيعية في اليمن، إلى نسخة من الحركة اللبنانية الشيعية التي تعد قوة مسلحة هائلة.
ولكن، هذه الجهود قد تكون جاءت بعد فوات الأوان. وقال قائد في حزب الله، حجب اسمه لأنه لا يسمح لأفراد الحزب بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن الحوثيين وحزب الله تدربوا معًا على مدى السنوات الـ 10 الماضية.
وأضاف: «لقد تدربوا معنا في إيران، ومن ثم، قمنا بتدريبهم هنا وفي اليمن. اليمنيون مقاتلون شرسون وأذكياء. لا يمكنك تخيل ما مروا من خلاله». وهنا، يشير القائد إلى المعارك الجبلية الشرسة التي حارب خلالها الحوثيون لما يقرب من عقد من الزمن.
ويقول محللون إن العلاقات العسكرية بين الجانبين محدودة للغاية على الأرجح. في حين قال اثنان من أعضاء حزب الله إن مئات من المدربين اللبنانيين والإيرانيين والمستشارين العسكريين موجودون في اليمن بالفعل. وقال مقاتل من حزب الله: «يتعامل الإيرانيون ربما مع بطاريات الصواريخ وأسلحة أخرى. نحن خبراء في حرب العصابات؛ ولذلك نقدم المشورة حول أفضل توقيت للرد».
وبدوره، قال القائد في حزب الله إن ثمانية من عناصر الحزب لقوا حتفهم في القتال في اليمن. وبالرغم من استحالة التحقق من صحة هذه المزاعم، إلا أنها تدل على اهتمام أعضاء حزب الله في تصوير أنفسهم على أنهم جزء من معركة الحوثيين
.
فاينانشيال تايمز – ترجمة التقرير