فجأة وبدون سابق إنذار، امتلأت يافطات شوارع غزة الرئيسية و الفرعية، بإعلان غامض، يتكون من كلمتين “مين سليم” ، ما أثار تساؤلات الغزيين أحياناً وسُخريتهم في بعض الأحيان من مُروج الإعلان صاحب المزاج الهادئ، في بؤرة غزة المُشتعلة على صفيح ساخن.
و تنوعت تنبوءات الغزيين حول الإعلان الغامض الذي ملأ فجأة شوارع غزة، ما بين الترويج لمنتج جديد، أو برنامج، أو حملة، ولم يتوقعوا أن هذا الإعلان الذي أشعرهم للوهلة الأولى أنه ساخر، يحمل رسالة خطرة، وقضية مُوجهة للغزيين، ويُخاطبهم، ويسألهم، عن سلامتهم من مرض السرطان المنتشر بكثافة في غزة.
وبعد انتهاء الحرب في غزة العام الماضي، ظهرت أنواع جديدة من مرض السرطان في غزة لم تكن منتشرة مُسبقاً، كسرطان القولون الأكثر انتشارا عند الرجال وعند النساء بعد سرطان الثدي.
الوضع كارثي في غزة، وحالات الإصابة بالمرض الخبيث في ازدياد، في ظل ضعف الإمكانات الطبية، ويؤكد د. خالد ثابت رئيس قسم الأورام بمجمع الشفاء في غزة، تشخيص نحو90 حالة جديدة شهريا بمجمع الشفاء وحده، ناهيك عن الحالات التي يتم تشخيصها خارج المُجمع.
ويسجل مرض السرطان في غزة ارتفاعاً ملحوظاً، إثر الحروب المستمرة في غزة، واستخدام الاحتلال الإسرائيلي مادة اليوارنيوم المُحرمة دولياً، وإلقائه المواد السامة الكيماوية، على أحياء غزة الضيّقة التي تُعتبر الأكثر كثافة عالمياً.
كما وأدى الاستخدام الخاطئ للمبيدات الكيماوية في ري المحاصيل الزراعية، واستخدام المياه الملوثة في طهي الطعام، و إعداد الخبر في مخابز غزة، إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة الإصابة بمرض السرطان.
وثارت ضجة في الشارع الغزي مؤخراً، فور تأكيد خبراء المياه مدى خطورة استخدام المياه الملوثة بالنترات في طهي الأطعمة، وصنع الخبز بالمخابز، إذ بتسخين النترات يتشكّل مركب النيتريت، الذي يتفاعل بدوره مع الأحماض الأمينية الموجودة في جسم الإنسان، فيتكون مركب النيتروز أمينات؛ أحد المسببات الرئيسة لسرطان المعدة.