بينما كثفت إيران دعمها العسكري لحليفها المحاصر بشكل متزايد، بشار الأسد، بدأت وجوه جديدة تظهر على ساحة المعركة السورية، هي وجوه المقاتلين الأفغان.
ووفقًا لمصادر في المعارضة ومراقبين مستقلين، ما يصل إلى 80 في المئة من المقاتلين الموالين للنظام على أرض الواقع في محافظة درعا ليسوا من الجيش العربي السوري أو من قوات الدفاع الوطني السورية، بل مقاتلين من خارج البلاد.
وقد أصبحت رؤية المقاتلين الشيعة القادمين من إيران، والعراق، ولبنان، وحتى اليمن، أمرًا مألوفًا في جنوب سوريا. ولكن في الآونة الأخيرة، أشارت تقارير المسلحين، والمدنيين، ومراقبي سوريا، إلى وجود طفرة في أعداد المقاتلين الأفغان، وتحديدًا الأفغان الهزارة من لواء “فاطميون”.
وصُور القائد الإيراني، قاسم سليماني، مع بعض أعضاء هذا اللواء في سوريا أواخر فبراير، وجميع من ظهروا معه في الصورة قتلوا بعدها.
وذكرت وسائل الإعلام المعارضة السورية أن الرجل الثاني إلى اليمين من الصورة قتل أثناء المعارك في اللجاة من محافظة درعا، في 20 أبريل/ نيسان. وقال عصام الريس، وهو المتحدث باسم الجبهة الجنوبية للمعارضة، إن “عدة أفغان قتلوا” في بصر الحرير، وإن “خمسة أو ستة” آخرين قتلوا في اللجاة.
وتعج صفحات الناشطين السوريين على وسائل إعلام المعارضة بالصور وأشرطة الفيديو التي تظهر مقتل مقاتلين أفغان. وفي واحد من هذه الفيديوهات تظهر عملية القبض على مقاتل أفغاني، ويتم سؤاله عن أصله، وعما إذا كان يتحدث العربية أم “صنع في الصين”؟
وبعد خمسة أيام من قبض الثوار عليه في اللجاة، عاد الرجل نفسه للظهور في فيديو آخر وهو يشارك في درس لتعلم رقصة دبكة محلية.
وتظهر صورة أخرى انتشرت على نطاق واسع، وأخذت من هاتف محمول استولى عليه مقاتلو المعارضة السورية بعد معركة اللجاة في درعا، مجموعة من مقاتلي لواء “فاطميون” قبل تلك المعركة بأيام فقط.
وقد عرضت وسائل الإعلام استجوابًا رسميًا مع المقاتلين الأفغان الذين نجوا من تلك المعركة وتم أسرهم.
زيادة ملحوظة
وقد وثق فيليب سميث، وهو باحث بارز في الجماعات المسلحة الشيعية، أدلةً على تواجد المقاتلين الشيعة الأفغان في سوريا منذ وقت مبكر من أكتوبر عام 2012. ولاحظ سميث وجود زيادة ملحوظة في أعداد هؤلاء المقاتلين خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة.
ووفقًا لسميث، وضعت إيران برنامج تجنيد شامل للشيعة الأفغان في وقت متأخر من عام 2013. وقد تم تسريع هذا البرنامج في عام 2014، واستخدم لاستكمال دور حزب الله في سوريا.
وقال سميث: “لقد قام حزب الله اللبناني بتحمل الكثير من العبء الثقيل في سوريا، خاصةً في الآونة الأخيرة، وهم يحاولون تجنيد عدد كاف من الناس وتولي مسؤولية مناطق جغرافية أكبر. وفي نواح كثيرة، تأتي إضافة هؤلاء المقاتلين الشيعة الأفغان لتساعد في تحقيق هذه العملية“.
وأما توقيت الزيادة فيأتي مع زيادة ضعف الجيش العربي السوري، وتغير الطقس. وقال سميث: “مع ذوبان الثلج، تصبح الظروف في جميع أنحاء سوريا وفي أجزاء من لبنان أفضل بالنسبة للثوار السوريين والقوات الجهادية السنية؛ وبالتالي هناك حاجة إلى المزي
د من المقاتلين لمواجهة تلك التطورات“.
وأضاف: “يشكل الهزارة الشيعة، وهم يمثلون عددًا كبيرًا جدًا من السكان وأصبحوا لاجئين بسبب جماعات مثل حركة طالبان، مجموعة مثالية لاستخدامها في الحرب الطائفية في سوريا“.
ويعد الهزارة ثالث أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان، وهم أساسًا من الشيعة؛ وبالتالي يقاتل رجالهم في سوريا لدوافع أيديولوجية؛ هي أن الميليشيات الشيعية تقوم بالدفاع عن دينها ضد المتشددين السنة. وقال المتحدث باسم الثوار، عصام الريس، إن هذا الأمر واضح جدًا في ساحة المعركة؛ حيث إن “هؤلاء الرجال يقاتلون حتى الموت، وهم مستعدون للموت“.
ولكن الدوافع الأيديولوجية لا تروي القصة بأكملها. ويعتبر الهزارة على نطاق واسع مستضعفين أمام شعب البشتون. وقال المعلق الإيراني، بوتكين آزارميهر، إن العديد من الهزارة فروا إلى إيران، ويعيشون هناك كلاجئين، وهم يعاملون معاملة “مواطنين من الدرجة الثانية”.
وأضاف: “كان معظم الهزارة الأفغان المتواجدين في سوريا لاجئين في إيران، وما يغريهم هو المكافآت التي يحصلون عليها في إيران، والتي تشمل منح الإقامة الدائمة لهم ولأسرهم“.
وهؤلاء الرجال مسلحون بشكل جيد، ويتم تعويضهم بشكل جيد أيضًا. وفي مقابلة أجريت معه مؤخرًا، كشف أحد أفراد لواء “فاطميون” عن أن معدل مرتبات الجماعة يتراوح ما بين 500 و700 دولار شهريًا للمقاتل الواحد، في حين أنه، وحتى بين الجماعات الثائرة المدعومة من الولايات المتحدة في جنوب سوريا، لا يأخذ معظم الرجال سوى أقل من 100 دولار شهريًا.
ميدل إيست آي – التقرير