علقت صحيفة “واشنطن بوست” على التغييرات التي أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز على ترتيبات الوراثة في السعودية، وقالت إنه أكبر تغيير يحدث في تاريخ السعودية.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه “عربي21″، إلى أن الملك سلمان، الذي تسلم الحكم في كانون الثاني/ يناير، قام وبجرة قلم بنقل السلطة إلى الجيل الجديد، وأرضى المؤسسة الدينية المحافظة في المملكة، وأكد موقف نظامه المؤيد للولايات المتحدة والمعادي لإيران، وعبر عن استعداد بلاده للتحرك الواضح في الداخل والخارج.
وترى الصحيفة أن تغييرات الملك سلمان أثبتت خطأ تحليلات جيش من المحللين، الذين تكهنوا بإمكانية انهيار حكم آل سعود وعجز حكامه. ولكن الذين كانوا ينتظرون توجها ليبراليا لأهم دولة عربية مؤثرة فقد تلقوا التغييرات بمزيج من ردود الفعل.
ويستدرك التقرير بأن المسؤولين سيشعرون بالسعادة من قرارات الملك البالغ من العمر 79 عاما، وهو بحالة صحية لا يمكن التكهن بها، فقد قرر عزل ولي العهد الذي عينه سلفه الملك عبدالله لصالح ولي عهد جديد يبلغ من العمر 55 عاما، وهو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي عمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في حملات مكافحة الإرهاب.
وتبين الصحيفة أن عادل الجبير (53 عاما)، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وسفير الرياض، يحظى بشعبية في العاصمة الأمريكية، حيث تم ترفيعه إلى منصب وزير الخارجية. وفي الوقت ذاته عيّن الملك نجله المفضل الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، واضعا ابنه في تسلسل الوراثة.
ويجد التقرير أن تلك التطورات كانت ستكون مدعاة للتفاؤل لو أرفقت مع إشارات إلى أن القادة الجدد سيقومون بزيادة عجلة التطور الذي كان يسير ببطء في عهد الملك عبدالله، وبناء نظام سياسي شامل، وتأمين الحقوق المدنية وحقوق المرأة.
وتقول الصحيفة إنه لسوء الحظ فإن الإشارات تشير إلى الاتجاه المعاكس. فقد اتخذ الملك سلمان خطوات لاسترضاء المؤسسة الدينية المحافظة، وأعاد السلطة إلى القوة الرجعية الممثلة بالشرطة الدينية. وفي التعديل الحكومي الذي جرىالأسبوع الماضي، تم عزل المرأة الوحيدة في الحكومة، وهي نائب وزير التعليم نورا الفايز.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، بأنه بالرغم من أن الأمير بن نايف يحظى باحترام من المسؤولين الاستخباراتيين والعسكريين، إلا أنه شن حربا على الليبراليين والإصلاحيين، بالإضافة إلى الإرهابيين. وكما أشار آدم غوغل من منظمة “هيومان رايتس ووتش” فقد قام وزير الداخلية “بحملة قمع واسعة ضد المعارضة السلمية، حيث استخدم سلطاته لاستفزاز واعتقال وسجن أي شخص يتجرأ على انتقاد الحكومة، أو يدعو إلى إصلاح جاد”.
وتفيد الصحيفة بأن أكثر الأفعال القاسية التي قام بها نظام الملك سلمان كانت تحت قيادة ابنه وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي كان وجه التدخل في اليمن، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل مئات المدنيين، ولكنه فشل في وقف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران. ويمكن ربطه أيضا بالمبادرة السعودية الجديدة لدعم المعارضة السعودية بالتعاون مع تركيا.
ويورد التقرير أن المغامرتين تعبران عن إصرار القادة السعوديين على ملء الفراغ الذي تركته إدارة أوباما التي تراجع دورها في الشرق الأوسط.
وتعتقد الصحيفة أن المشكلة تكمن في أن المغامرات الطموحة لا يخطط لها بشكل جيد، ولا أحد خارج الرياض قادرا على فهم الكيفية التي سيتم فيها تحقيق الأهداف المعلن عنها في اليمن، وأهمها إعادة الحكومة السابقة من خلال الغارات الجوية.
ويذكر التقرير أن السعودية تعتمد على احتياطاتها العسكرية والمالية بطريقة سريعة. وبحسب تقرير المال لمؤسسة “بلومبيرغ” فقد استخدمت السعودية 5% من ودائع البنك المركزي في شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس.
وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالإشارة إلى أن عملية التغيير التي قام بها الملك سلمان كان الهدف منها تحصين النظام السياسي وتأمينه للجيل القادم، والسؤال هو عما إذا كان التوسع في الخارج والداخل قد يترك آثارا عكسية.