قالت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية: “إن سلسلة من الانتصارات التي حققها الإسلاميون ضد نظام بشار الأسد في سوريا، أثارت احتمالات حدوث تغيير هائل في زخم الحرب هناك، المستمرة منذ 4 سنوات بين المعارضة المسلحة ونظام بشار الأسد”.
وأشارت إلى أن خسارة نظام بشار الأسد الكبيرة للأراضي شمالًا في جسر الشغور، وما هو أبعد من ذلك بعد خسارة النظام لمدينة إدلب، تزامن مع تحقيق قوات المعارضة سلسلة من النجاحات النسبية جنوب غرب العاصمة دمشق، وذلك نتيجة لمستويات جديدة من التعاون والتنسيق بين المجموعات الثورية، التي قضت الأعوام الماضية تقاتل بعضها بعضًا من أجل الهيمنة، على حساب حملتها ضد نظام بشار الأسد، مضيفة أن صعود تنظيم “داعش” تسبب في إشكالية أخرى للثوار الأكثر اعتدالًا في قتالهم ضد النظام السوري.
وتحدثت عن أن هذا التغيير ربما يخدم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، عبر دفع نظام الأسد أو أولئك الذين في داخله، للاستعداد من أجل التفكير في حل سياسي للحرب المستمرة منذ 4 سنوات، إلا أن تلك النتائج لها نتائج عكسية حتى الآن، فكثير من المجموعات المسلحة حققت النجاح عبر تحالفها وقتالها بجانب جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
وذكرت أن اجتياح الثوار لجسر الشغور الشهر الماضي، زود كثيرًا من المحللين بالدليل على أن نجاحهم في السيطرة على مدينة إدلب كان جزءًا من تحسن واسع في الاستراتيجية، حيث يقوم الثوار الآن بتصوير أنفسهم مع أسلحة ثقيلة في جبال بين جسر الشغور ومدينة اللاذقية الساحلية، التي تحمل أهمية إستراتيجية كبيرة للثوار ونظام الأسد، والتي يتطلع إليها الثوار الآن.
وتحدثت عن أن التحول الذي حدث على الأرض منح الثوار سيطرة أكبر على شمال سوريا، حيث بات من الممكن أن يضغطوا على مدينة حلب، التي مازالت في قبضة النظام، كما أن الثوار بات بإمكانهم تهديد الطريق الرئيسي باتجاه حماة، وبالتالي تهديد الطرق الرئيسية التي تمثل قنوات إمداد حيوية في حرب الاستنزاف الحالية.
وأشارت إلى أن وضع النظام أفضل حول دمشق، لكنه تعرض لخسائر كبيرة جنوبًا، حيث سيطر الثوار على معبر رئيسي مع الأردن، وهناك تقارير تتحدث عن تحقيق الثوار انتصارات ومكاسب جنوب غرب العاصمة.
وتحدثت عن أن المحللين يرجعون هذا التغير في المشهد إلى عاملين مهمين، وهما: التعاون بين المجموعات المسلحة الذين قاتلوا من قبل بعضهم البعض، وكذلك التنسيق الكبير بين داعميهم، وهم قطر والسعودية وتركيا.
ونقلت عن إلياس حنا الجنرال السابق بالجيش اللبناني، الذي يدرس حاليًا في الجامعة الأمريكية ببيروت، أنه قبل عامين كانت المجموعات المسلحة تقاتل بعضها بعضًا، أما الآن فيقاتلون مع بعضهم البعض، مشيرًا إلى حدوث تحول كبير في الموقف الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بتركيا وقطر والسعودية، وتحدث عن اعتقاده بأنهم يعدون لشيء ما، ويساعدون المجموعات المسلحة هناك بالأسلحة والتدريب والدعم.
من جانبه أشار “جوشوا لانديز” الأستاذ في الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة أوكلاهوما، إلى أن التغيير الذي حدث في المواقف الإقليمية كان نتيجة للعاهل السعودي الجديد الملك سلمان، الذي أقر بأن إيران تمثل التحدي الأكثر إلحاحًا للمملكة من الإخوان المسلمين، الذين مثلوا عدوًا طويل الأمد لأسرة آل سعود.
وأضاف أن موقف العاهل السعودي سمح له بالتنسيق مع تركيا وقطر للإجهاز على نظام الأسد، حتى لو أن ذلك سيتطلب تسليح جبهة النصرة وقوى إسلامية أخرى، مشيرًا إلى اعتقاده بأن الولايات المتحدة أذعنت للوضع الجديد.
وتحدثت الشبكة عن أن التسليح الحديث يبدو أنه لعب دورًا كبيرًا في الإضرار بقوات النظام، حيث أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي الدمار الهائل الذي أحدثته صواريخ “TOW” المضادة للدبابات لمدرعات النظام، والتي يمتلكها الثوار ويستخدمونها بمهارة.
وذكرت أن بعض المراقبين تحدثوا عن قضية أساسية ساهمت في حدوث هذا التغيير، متمثلة في تآكل القوة البشرية العسكرية ومصادر نظام الأسد، فضلًا عن حدوث توترات داخل النظام، بما في ذلك الخلاف الذي حدث بين رئيسي الاستخبارات، وكذلك التوتر والمناوشات بين الجيش العربي السوري والميليشيات المحلية التابعة للنظام، التي يستخدمها لدعم القوة البشرية القتالية، والتي تسمى بقوات الدفاع الوطني.
وأبرزت تعرض العملة السورية لانهيار جديد خلال الأسابيع الماضية، حيث لاحظ إلياس حنا أن التكلفة الشهرية للحرب على النظام تصل إلى مليار دولار، في وقت يعتمد النظام بشكل كبير على إيران لتوفير الدعم المالي.
وتحدثت عن أن التحركات المستمرة لإبرام اتفاق نووي بين واشنطن وإيران، شجعت الثوار وداعميهم على السعي من أجل تحقيق مكاسب على الأرض، قبل توقيع الاتفاق، وبالتالي الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، والتي قد تستخدم لتعزيز النظام السوري.
ونقلت عن محللين أن المحادثات النووية إذا فشلت، فإن إيران ربما تصبح أكثر عدوانية ومواجهة في دعمها للنظام السوري، التي تراه حيويًا من الناحية الاستراتيجية لخدمة نفوذها الإقليمي.