بعد ما يقرب من أربعة أسابيع من القصف الجوي الثابت ضد مواقع عسكرية تابعة للمتمردين الحوثيين في أنحاء اليمن، أعلنت المملكة العربية السعودية، مع دعم كامل من أصدقائها في مجلس التعاون الخليجي ومصر والمغرب، وسط ضجة كبيرة في 21 إبريل/نيسان أن عملية «عاصفة الحزم» قد انتهت.
تم وضع عملية «عاصفة الحزم» للقضاء على التهديدات التي تواجه المملكة العربية السعودية، على حد قول «عادل الجبير»، السفير السعودي في الولايات المتحدة -عُين فجر اليوم وزيرا للخارجية- للصحفيين في السفارة السعودية في واشنطن. وأضاف «لقد تدهورت قدرات الحوثيين إلى حد كبير، وبالتالي تم القضاء على التهديد الذي يشكله هؤلاء المتمردون ضد المملكة العربية السعودية». واختتم بنبرة المنتصر «لقد تحققت الأهداف، وندخل الآن مرحلة جديدة مرحلة جديدة».
وفي نفس اليوم، أعقب العميد «أحمد عسيري» المتحدث باسم القوة العربية المشتركة بقيادة السعودية عملية الإعلان عن توقف العملية بإحصاءات تهدف الى توضيح ما حققته الرياض وحلفاؤها العرب في الخليج من قصف اليمن. فقد تم تدمير مستودعات الصواريخ البالستية والقواعد العسكرية ومخزونات الأسلحة التي استولى عليها الحوثيون من الجيش اليمني. وتم منع مقاتلي الحوثي من الاستيلاء على ميناء مدينة عدن الجنوبية وانتزاعه من الموالين للرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»، وتضاءلت نسبة تهديد المليشيات التي للأمن الداخلي للمملكة العربية السعودية بما فيه الكفاية.
ولكن بالمقارنة مع أهدافها السامية، فقد حققت «عاصفة الحزم» بالكاد شيئا من اسمها. وتأمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان قامتا بالطلعات الجوية في سماء اليمن أن يعود الرئيس «هادي» إلى قصره في صنعاء، أو على أقل تقدير تستقر الأوضاع بما فيه الكفاية للسماح له بالعودة إلى عدن. وكان من المفترض عودة حكومة «هادي» بالتزامن مع تهاوي قدرات حركة الحوثيين إلى حد أن قادتها سيضطرون للدخول في عملية تفاوض تسهل للأمم المتحدة إعادة حكومة «هادي».
وبدلا من ذلك، فإنه على الرغم آلاف الطلعات الجوية التي قام بها الطيران السعودي ومن تحالف معه، ومئات الأهداف التابعة للجيش والتي تضررت، إلا إن العملية السياسية في اليمن لا تزال في طريق مسدود. حركة الحوثي، والتي سيطرت على صنعاء في سبتمبر/أيلول دون قتال من القوات الخاضعة اسميا تحت قيادة «هادي»، تبدو واثقة أكثر من أي وقت مضى من النصر العسكري في نهاية المطاف. وعند وضع تعهدات الولاء للعملية الدبلوماسية جانبا، فإن «عبد الملك الحوثي» وأنصاره في المكتب السياسي الحوثي يقاومون بشكل لا يصدق لأي عملية تفاوض لا تفي بمطالب الحركة. ومن الصعب أن نرى كيف غيرت مهمة القصف السعودي التي استمرت لمدة أربعة أسابيع حساب التفاضل والتكامل للحوثيين. (لقد ذكرت إدارة «أوباما»، التي تنفست الصعداء في ختام العملية، تلك المخاوف بالضبط لزملائهم في دول مجلس التعاون الخليجي).
وبطبيعة الحال، فإن السياسة اليمنية معقدة ومربكة بشكل لا يصدق، فالولاء يتحول أسبوعيا، ويمكن للخلافات السياسية أن تتحول بسرعة إلى حالة عنف. ولا ينبغي أن تكون المملكة العربية السعودية وحدها مسؤولة عن الحالة المزرية للوضع اليمني. لقد كانت البلاد في حالة من الفوضى قبل أن تعبر الطائرات السعودية مجالها الجوي. لقد جعل القصف السعودي لمواقع الحوثيين في جميع أنحاء البلاد خلال الشهر الماضي، والذي سوف يستمر أيضا خلال المرحلة المقبلة من الحملة، حياة المدنيين في اليمن أشبه بالجحيم.
وبغض النظر عن ما يقوله المسؤولون السعوديون في العلن، فمن الصعب ألا نستنتج أن عملية «عاصفة الحزم» انتهت إلى حالة من التشويش والاختلاط. فلا يزال الرئيس «هادي»، الرجل الذي تم الاعتراف به مرارا وتكرارا كرئيس شرعي من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الرياض، لأن عودته إلى صنعاء فيها خطر كبير عليه. البنية التحتية العسكرية في اليمن، من الطائرات المقاتلة والدبابات حتى القواعد، والتي تستخدم كلها لدعم الهجمات ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تعرضت للتلف، وبقيت غير فعالة في القصف الجوي. وعلى الرغم من صدهم من بعض المناطق في عدن، إلا إن الحوثيين لا يزالون من أقوى الوحدات على الأرض، وهو التطور الذي سوف يتطلب بلا شك استمرار الهجمات السعودية، كما هو واضح على مدى عملية «عاصفة الحزم»، التي أعقبها عملية أطلق عليها اسم «استعادة الأمل».
ونستطيع أن نقول إنه في نهاية المطاف احتوت المملكة العربية السعودية مشكلة الحوثيين. لكنهم ما زالوا بعيدين عن حلها. وستُفشل الضربات الجوية أي محاولة للتوصل إلى قرار سياسي شامل يحتاجه اليمن بشدة، ولكن يمكن أن يسهم دعم المفاوضات وتقديم كل المساعدة المتاحة للرئيس «هادي» وحكومته في اتجاه السعي لبدء حوار يمكن أن يفعل ما عجزت القوة العسكرية عن فعله حتى الآن.
براغماتية مطلوبة
وهذا يعني أن السعوديين، على الرغم من الكراهية المبررة لميليشيات الحوثي الهائجة حاليا في أنحاء اليمن، يحتاجون إلى كتم غرورهم، وتبني براغماتية بحتة مطلوبة الآن للتوصل إلى تسوية دائمة. أولا وقبل كل شيء، هذا يعني أن الرياض يجب أن تسقط وجهة النظر الصفرية الخاصة بصراع اليمن، وأن تعبر بصراحة عن الرغبة في قبول مشاركة الحوثيين في أي حكومة ائتلافية مؤقتة. بل من الحماقة اعتقاد أن الحوثيين، وهي الحركة التي يتردد أنها تمثل ما يقرب من 30% من سكان اليمن، سيتم تهميشها وإبعادها عن المفاوضات السياسية المتعلقة ببنية وتشكيل حكومة مؤقتة. ويتعين على المملكة العربية السعودية أن تستخدم نفوذها الكبير على الرئيس «هادي» لهذا الغرض، في حال أن الرئيس المنفي يقاوم هذا الاحتواء والتضمين للحوثيين بمفرده.
ويدافع مجلس الأمن الدولي عن مفاوضات شاملة وعادلة ليس فقط لحل أعمال العنف الحالية، ولكن أيضا لتعزيز وجود دولة صحية ومستدامة وسلمية. ولكن لكي يحدث ذلك يجب على المملكة العربية السعودية أن تدرك شيئا واضحا؛ وهو أن الحوثيين أكبر من أن يتم تجاهلهم.
المصدر | ديفينس وان