بعد التخلص من حلفاء سلفه والانضمام إلى خط المواجهة في حروب المنطقة، تحرك الملك سلمان القادم سوف يؤثر في تشكيل المنطقة، كما رأى الكاتب البريطاني “ديفيد هيرست”.
عندما عين الملك الراحل عبد الله أخاه غير الشقيق، مقرن عبد العزيز، وليا لولي العهد العام الماضي، فإنه أضاف متسابقا غير عادي، كما نص القرار: “لا أحد يستطيع أن يغير هذا القرار”، لكن خليفته الملك سلمان تجاوزه للتو.
كتب “هيرست” في وقت صدور المرسوم يقول: “لا يوجد شيء يوقف سلمان للذهاب إلى هيئة البيعة إما بشكل جماعي أو بشكل فردي وقلب المرسوم حال استقالة الملك أو الوفاة أو العجز”، وهذا ما حدث في وقت مبكر من خلال مرسوم فجر يوم الأربعاء.
هذا تعديل وزاري يثبت بالدليل القاطع، وفقا للكاتب، أن السلطة ككل لا تزال بيد الملك، وأن ملكا واحدا يمكن تجاوز تركة سلفه. الآليات المؤسسية مثل هيئة البيعة ليس لها وزن ولا تأثير.
صفى سلمان جميع تركة أنصار النظام القديم، وحسم مسألة نقل الخلافة من جيل إلى آخر. لم يكن مقرن شخصية قوية، وقد عُين في المنصب من قبل عبد الله لحجز المقعد لابنه الأمير متعب، الذي لا يزال قائد الحرس الوطني. واستخدمه الملك سلمان في الاتصال بنظام السيسي في مصر.
وتقول بعض المصادر، وفقا لما أورده الكاتب، أن الملك سلمان الآن يفكر جديا في إلغاء وزارة الحرس الوطني، التي أنشأها الملك الراحل عبدالله ، وهو ما يعيد الحرس إلى حظيرة وزارة الدفاع، والتي يرأسها نجله محمد بن سلمان.
ويرى أن خروج سعود بن فيصل من وزارة الخارجية كان مُخططا له منذ فترة طويلة. وكان بن فيصل وزير الخارجية الأطول خدمة في العالم، وقد وجد صعوبة في الجمع بين التناقضات في خدمة سياسة عبد الله وخليفته سلمان.
تعيين سفير واشنطن السابق عادل بن أحمد الجبير، المقرب من الإدارة الأمريكية ويعتبر ليبراليا، خليفة له، دلالة على توجه السياسة الخارجية للملك سلمان: يريد أن يُبقي أمريكا قريبة. الجبير هو أول وزير خارجية يعين من خارج دائرة آل سعود.
لقد أنهى سلمان سلسلة كاملة من التغييرات الوزارية بالتخلص من رجال الملك الراحل، ولم يترك إلا آثارا قليلة من النظام القديم.
فمن هم الفائزون ومن هم الخاسرون؟ يرى الكاتب أن هذه التغييرات ستُطرب آذان تركيا وقطر، ذلك أن للأمير محمد بن نايف، الرجل الثاني الآن في ترتيب ولاية العرش، علاقات وثيقة بهما. وإذا كان هذا هو الحال، فإن الخاسر الأكبر هي الإمارات العربية المتحدة ومصر.
ومن المعلوم، يقول الكاتب، أن العلاقات بين محمد بن نايف ومحمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات، متوترة. وقد زار بن زايد الرياض ثلاث مرات منذ وصول سلمان إلى السلطة في يناير، والتقى الملك مرة واحدة فقط.
والسبب الرئيس لهذه التداعيات هي الحرب السعودية الحالية في اليمن، حيث لا يزال بن زايد يساند قوات المخلوع علي عبد الله صالح، ولا تزال أبوظبي تستضيف ابنه أحمد علي، هذا في وقت الذي تقصف فيه السعودية الآن القوات الموالية لصالح.
الخاسر الأكبر الآخر هو مصر السيسي، التي فقدت كل من مقرن وسعود الفيصل، وكلاهما وثق العلاقة بين القاهرة والرياض.
بالنسبة للمملكة نفسها، فإن الخلافة اكتملت الآن. فالرجلان الذان يديران البلاد وحروبها هما محمد بن نايف ولي العهد الجديد، ونجل الملك سلمان الشباب، الأمير محمد بن سلمان.
وهما أبناء عمومة، ومحمد بن سلمان يحترم جدا محمد بن نايف، وهذا يعود إلى الروابط الوثيقة بين والد بن نايف مع سلمان نفسه. وفي الواقع، محمد بن سلمان يظهر احترامه لمحمد بن نايف، وقد قبل مؤخرا يده علنا.
ولكن لدى محمد بن سلمان ميزة واحدة على ابن عمه الأكبر، وهو أن بن نايف ليس لديه ابن. وعلى هذا، فإن خط الخلافة، وهو أمر مهم جدا في هذه المراسيم، سوف تنتقل عن طريق بن سلمان وليس عن طريق بن نايف. وبهذا المعنى، فإن ما حدث يوم الأربعاء سيكون له انعكاسات لعقود قادمة.
والسؤال الكبير هنا، وفقا للكاتب، هو ماذا سوف يفعل سلمان بالسلطة التي يحوزها الآن. إقليميا، المملكة الآن ملتزمة تماما بالصراع من أجل السلطة والنفوذ مع إيران.
ويختم الكاتب “ديفيد هيرست” مقاله بالقول إن التحدي الأكبر الذي يواجهه سلمان هو كيف يستخدم السلطة المطلقة التي بحوزته الآن، وما إذا كان سيتم الاستفادة من القيادة الشابة لتأسيس تغيير ديمقراطي حقيقي.
إذ إن المملكة في حاجة ماسة إلى المزيد من الشفافية في قراراتها وتوزيع أوسع للثروة وإشراك المزيد من المجموعات في عملية صنع القرار.