تحوّل المبتعث السعودي السابق في الولايات المتحدة الأميركية، يزيد أبو نيان، من مطلوب في 15 قضية جنائية بسبب إفراطه في شرب الخمور إلى جهادي في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، تحوّل من أقصى حياة العربدة والسجون إلى مقاتل في تنظيم جهادي يصنفه العالم إرهابيّاً.
وعاد اسم الشاب السعودي إلى بؤرة الضوء بعد الإعلان عن اعتقاله في السعودية أخيراً بتهمة قتل عنصري شرطة في حادثتين منفصلتين، ليتم إعلان انتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
تردد اسم أبو نيان كثيراً في السنوات الماضية في وسائل الإعلام الأميركية، حينما كان يدرس هناك مبتعثاً على نفقة الحكومة السعودية، ولكن الاسم لم يكن يتردد كناشط إسلامي بل ضمن قضايا تتعلق بالقيادة تحت تأثير الخمور، والسرعة المتهورة.
ونسبت للشاب الذي لم يكن يتجاوز العشرين عاماً، 14 تهمة في قضايا منفصلة عن قضيته الفيدرالية الأساسية والتي سُجن بسببها عدة أشهر لقيادته السيارة تحت تأثير الخمر وتدمير عدد من سيارات الشرطة.
ألقت الشرطة الفدرالية الأميركية القبض على يزيد أبو نيان في فبراير/شباط 2012 في مدينة أشلاند، بتهمة السرعة الزائدة (التفحيط)، ومحاولة الفِرار من رجال الأمن، والقيادة تحت تأثير الخمر، وخلال المطاردة تسبب في تحطم سيارتين تابعتين للشرطة، وبعدها تم إطلاق سراحه بكفالة مالية 65 ألف دولار.
وقبض عليه مجدداً بتهمة إحداث شغب في طائرة أميركية متجهة من بورتلاند إلى هيوستن، عندما أصر على التدخين داخل الطائرة وقام بشتم المضيفة التي حاولت منعه، كما حاول الاعتداء عليها، ما اضطر قائد الطائرة إلى العودة مجدّداً لمطار بورتلاند وتسليمه إلى سلطات المطار، ليتم إطلاق سراحه، أيضاً، بكفالة مالية أخرى إلى حين موعد محاكمته.
وقبض على الشاب مرة ثالثة، بتهمة القيادة تحت تأثير الخمر والاعتداء على أحد الضباط، غير أن اسم أبو نيان اختفى خلال العامين الماضيين، قبل أن يظهر في بيان وزارة الداخلية السعودية كعنصر في تنظيم داعش الإرهابي، والذي نجح في تجنيده من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ويتردد أن بداية التحول في حياة أبو نيان كانت عندما قُبض عليه في بورتلاند، يومها صاح في الطائرة: “الله أكبر” ثم قام يغني أغنية تمجد زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، قبل أن يقول لركاب الطائرة “مهلاً، أيها الأصدقاء، إنه ميت”.
ويؤكد الخبير في الجماعات الإرهابية، أحمد موكلي، أن التحاق يزيد أبو نيان وغيره من الشباب بالجماعات الجهادية ناتج عن عوامل سيكولوجية واجتماعية سهلت عمليات تجنيدهم، ويقول لـ”العربي الجديد”: “كثير من الشباب الذين انخرطوا في صفوف الجماعات الإرهابية لم تكن دوافعهم للالتحاق بهذه الجماعات سياسية أو دينية، وإنما هناك عوامل سيكولوجية واجتماعية عدة، سهلت عمليات تجنيدهم من هذه التنظيمات”.
وبحسب موكلي، فأهم أسباب التحاق أبو نيان وأمثاله بالتنظيمات الإرهابية يعود للعقلية الإجرامية التي تسكنهم منذ وقت مبكّر نتيجة تعرضهم لضغوط اجتماعية وأسرية، وبالتالي خلق شخصية انتقامية قابلة للقيام بأي عمل إجرامي.
ويضيف: “من الأسباب كذلك تعاطي المخدرات والعقوبات المترتبة على ذلك، والتي قد تحول شخصاً عدوانيّاً إلى مجرم نتيجة شعوره بالتهميش وعدم تقبل المجتمع له، وبالتالي تجعله صيداً سهلاً لتلك الجماعات”.
ويتابع: “هناك أسباب أخرى تجعل هذا النوع من الشبان هدفاً، كالعزلة الاجتماعية والميل للمغامرة التي تدفعهم للقيام بأعمال جسيمة قد تشعرهم بأهمية وجودهم في ظل التهميش الذي يعيشونه”.
خلل نفسي
وبحسب تقارير السفارة السعودية في واشنطن، يعاني يزيد أبو نيان من اضطرابات نفسية وهو ما أكده والده.
من جانبه يحمل المحلل السياسي، عبدالله ناصر العتيبي، الخطاب الديني المتشدد المسؤولية كونه يجد أرضاً خصبة عند من يوصفون بأنهم غير ملتزمين، ويقول لـ”العربي الجديد”: “هؤلاء لا ينضمون للجماعات الإرهابية بسبب التزامهم الديني فقط، مشكلة هؤلاء نفسية أولاً وأخيراً، ووجدت في الأدبيات الوعظية الجاهلة حلاً سريعاً وناجحاً للخلاص، ويفهم من خلال الخطاب الديني المتشدد والجاهل أن بُعده المفترض عن الله سيدخله النار، ولهذا يصاب بأزمة نفسية”.
ويضيف: “يفهم الشاب من الخطاب المتشدد أن الجهاد والاستشهاد في سبيل الله سيدخله الجنة بكل تأكيد، فيصاب بأزمة نفسية ثانية ويقدم على ما يمكن وصفه بأنه الانتحار المقدس”.
الرياض ــ خالد الشايع
(العربي الجديد)