تنهج الإمارات إعلامياً نهجاً سلمياً ودبلوماسية، إلا أنها تقوم بالعديد من الأعمال المشبوهة فيما يوافق مصالحها وأمورها، بغض النظر عن دماء الشعوب الأخرى. فعلى الصعيد الإماراتي والثورات العربية في المنطقة المجاورة، تحتل السياسة الخارجية فعلاً بارزاً في حوض المنطقة بقوتها المالية ونفوذها الدبلوماسية سعياً في محاولة إعادة الأنظمة الديكتاتورية للحكم من جديد، رؤيةً منها أن بقاء الأنظمة هو الطريق الأفضل للمحافظة على مصالحها وحكمها الديكتاتوري!
الإمارات تدعم الانقلاب العسكري في مصر:
في مصر كشفت المكالمات الهاتفية التي نشرها مكتب السيسي في 21 كانون الثاني/يناير2014م، بين عباس كامل ووزير الدفاع صدقي صبحي، أن الإمارات تسعى بقوة للإطاحة بنتائج الثورة المصرية، من خلال دعمها اللامحدود لحركة تمرد قائدة الحراك الشعبي للثورة المضادة، وفي الاتصال الهاتفي يطلب عباس كامل 200 ألف جنيه من حساب تمرد “الذي فتحته الإمارات”، ويتبين من الحوار أن الامارات فتحت أيضاً حساباً آخر لصالح المخابرات المصرية.
وبعد نجاح الانقلاب العسكري في مصر، قامت الإمارات بتحويل مليارات الدولارات لنظام الانقلاب في مصر، وتقديم مساعدات مالية غير مسبوقة، مع أنها امتنعت عن تقديم أقل المساعدات في فترة الرئيس السابق محمد مرسي، ليبدو السؤال واضحاً هل كانت المساعدات من أجل مصلحة الشعوب العربية كما تزعم، أم مصلحة الأنظمة الديكتاتورية؟! ولم يتوقف الدعم الإماراتي على الجانب المالي وحسب، بل جاء في التقرير الذي نشرته صحيفة صاند تايمز، أن دولة الإمارات تعاقدت مع توني بلير مقابل تقديم استشارات لرئيس نظام الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي.
الإمارات تسعى لإسقاط الثورة الليبية ودعمها اللواء حفتر:
يأتي ذلك في الوقت الذي تتفانى فيه الإمارات في دعم الأنظمة الانقلابية؛ للحفاظ على عروش أنظمتها الحاكمة، وتسعى لإسقاط الثورة الليبية، بما يؤكد أنها تدعم الثورات المضادة في العالم العربي، حيث تراهن على القضاء على الجماعات الإسلامية في ليبيا، وتمكين اللواء خليفة حفتر – قائد المحاولة الانقلابية في طرابلس، والذي يقود ميليشياتٍ ليبية تقاتل في شرق ليبيا تحت مسمى عملية الكرامة، بالتعاون مع برلمان طبرق المُنحلّ، بقوة القانون وبدعم من الإمارات – من تثبيت انقلابه، وينبع هذا من إدراكها أن نجاح النهضة في تونس والإسلاميين في ليبيا، يشكل خطرًا على الانقلاب في مصر الذي تتابعه وتسعى لتثبيته لحظة بلحظة.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فجرت فضيحة التعاون العسكري المصري الإماراتي، في ضرب الكتائب الإسلامية والثوار داخل ليبيا، الأمر الذي أكّدته لاحقًاً وكالات أنباء عالمية مثل “فرانس برس”، وأدى إلى تنديد في عواصم العالم الكبرى مثل واشنطن وباريس ولندن وبرلين وروما.
البناء الاقتصادي البديل في رسم السياسة الخارجية
رغم صحراوية الإمارات وتخلفها، إلا أنها تفوقت على قرائنها من دول الخليج في دخولها طور الغنى الفاحش، والبناء الاقتصادي بصورة سريعة، وستبقى المصلحة المالية أحد أهم العوامل التي تقوم عليها الدول، ولكن السؤال يكمن كيف يتشكل البناء الاقتصادي؟ وما مدى تأثير المال في رسم السياسات الخارجية للإمارات؟
نشرت مقالة قديمة في جريدة الفجر بعنوان “الإمارة الثامنة اسمها الاتحاد” تُبين المقالة قدم تجارة البغاء في دولة الإمارات، وكان نصها: “في بعض إمارات الدولة يتم جلد شارب الخمر والزاني والزانية، وفي بعض إمارات الدولة الأخرى تباع الخمور علناً وتعتبر كأنها _بل ربما هي كذلك_ عماد اقتصاد الإمارة، ويقال إنه يوجد في إمارة من الإمارات السبع مبنى يضم أربعة طوابق في كل طابق بنات هوى من جنسية معينة، كما أفادت بعض المصادر المطلعة الخاصة لنا، أن بعضهم يحمي مثل هذه التجارة”.
الإمارة التي تجلد شاربي الخمر هي الشارقة، والإمارة التي يقوم اقتصادها على بيع الخمور علناً هي عجمان، والإمارة التي تقع فيها العمارة التي تتكون من أربعة طوابق ويمارس فيها البغاء علناً وبحماية شيوخ الإمارة هي إمارة “دبي”، واسم العمارة “عمارة الشيخ محمد” ولي العهد الحالي وصاحب هذه التجارة وهو من يؤمن للمومسات الحماية.
ولعل القارئ لرواية “شاهندة” التي كتبها وزير خارجية الإمارات قبل أن يستوزر، يقف على التفاصيل الدقيقة للثراء المحدق واللامشروع لدولة الإمارات، فقد وصفت الرواية التي كُتبت من وحي الحقيقة بالتفصيل الممل تجارة الرقيق والنساء في الإمارات، من خلال استعراض حياة جارية اسمها شاهندة اختطفها التجار من بلدها وباعوها في الإمارات.
أما عن تجارة المخدرات فقد نشرت جريدة الخليج الصادرة من الشارقة، اعترافها بأن المخدرات بأنواعها صارت جزءاً من هموم الإمارات اليومية، واعترفت الجريدة المقربة من الشيوخ الحاكمين بأن الظاهرة ليست عابرة، وليست مجرد إدمان فئة قليلة على المخدرات، وإنما مؤشر كاف على ضخامة الحجم التجاري والتمويلي والتوزيعي والتسويقي لسلعة المخدرات، بما يوحي أنها ليست أشتات مخالفات فردية صغيرة، بل إنها بكل الدلائل المتوفرة حركة استيرادية كبرى ومنظمة.
أما أجهزة مكافحة المخدرات في الإمارات فهي لا تعمل إلا في أوساط الموزعين والمستهلكين، الذين يعملون لصالحهم خارج سيطرة السوق، فلا يشترون من المصادر الرسمية أو شبه الرسمية، وهو نفس النظام الذي تعمل به أجهزة الشرطة المخولة بمكافحة تجارة الخمور غير الرسمية، حيث يطارد رجال الشرطة المواطنين الذين لا يشترون احتياجاتهم من شركة (كرى مكنزى) وكيلة الخمور في أبو ظبي، وفندق ستراند المملوك لوزير الأوقاف والمقدسات الإسلامية، وفنادق دبي ومعظمها مملوكة لمشيختها الحاكمة، ومركز عجمان للخمور المملوك للحاكم، ومع أن الخمور ممنوعة ظاهرياً، ومهمة مراقبة المنع موكولة لمدراء المباحث في الإمارات، إلا أن حجم تداولها في الأسواق كبير جداً.
مالي، والتي تعتبر أفضل ممر للمخدرات من وإلى أوروبا وأمريكا اللاتينية، قد تورطت الإمارات في أسواق مخدراتها بطريقة أو بأخرى، حيث كانت مالي أحد أعمدة بنك الاعتماد والتجارة في الإمارات، والذي كان أحد أهم وظائفه غسيل أموال المخدرات، وما إن وصل الإسلاميون إلى السلطة حتى انهارت تلك التجارة أو تقلصت، وهذا ما يفسر دعم الإمارات للحملة الفرنسية على مالي، التي تلهث وراء مصالحها المادية.
وكذلك في أفغانستان تلعب تجارة المخدرات وغسيل الأموال دوراً رئيساً في دعم الإمارات للحرب الأمريكية على طالبان، فقد امتلكوا مزارع المخدرات في أفغانستان ومولوا مزارعي المخدرات فيها، واشتركوا في الحرب على طالبان في سبيل ذلك، بعد تدميرها لمزارع المخدرات في أفغانستان. وبعد انهيار أكبر بنك في أفغانستان عام 2011م، وهو بنك كابول، قام أخوة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي مع بقية تجار المخدرات بتحويل أموالهم لبنوك دبي، وكانت التقارير الصحفية تشير إلى اختفاء أكثر من بليون دولاراً من البنك قبل انهياره!
فيما أفاد تقرير أممي سري عن أن شركة طيران الدلفين، التي سجلها أحد قادة الإمارات في ليبيريا كانت مهامها نقل المخدرات من أفغانستان إلى الإمارات، ونقل السلاح إلى ميليشياتهم في أفغانستان والصومال. تعتبر خطوة تحويل الإمارات إلى محطة استيراد وتصدير واستهلاك للمخدرات، هي خطوة للإثراء السريع وإيجاد بدائل مستقبلية للنفط، كما تعمل على تغييب الأجيال من الالتفات إلى حقهم، ومساءلة الشيوخ الحاكمة عن الثروات التي نهبوه
* الحلقة الثانية من بحث لـ (مركز برق) للأبحاث يتعلق بالإمارات ودورها في النزاع السوري وينشر حصريا بالاتفاق مع المركز