تدهور أسرع من المتوقع شهدته علاقة النظام العسكري في مصر مع أذرعه الإعلامية. فبعد أيام من صدام إحدى هذه الأذرع مع وزارة الداخلية، وانتقال الصراع إلى اللجان الإلكترونية بين مخابرات وداخلية، ثم هجوم بعض الإعلاميين مثل عمرو أديب وإبراهيم عيسى على رأس النظام عبد الفتاح السيسي، جاءت لحظة أشد من اعتراف بعضها بدولة السيسي الفاشلة.
وعقب اعتراف وزير التموين بفشل المؤتمر الاقتصادي الذي سوّق له نظام السيسي كثيرًا كداعم اقتصادي مهم يعطي لنظامه الشرعية… وبعد فضيحة حادث غرق صندل الفوسفات بمياه النيل، ومحاصرة الأزمات للنظام من كل زاوية، أصبح الإعلام أمام معضلة التعامل مع حقيقة مفادها “لقد فشلنا”، وهو ما يعد سابقة خطيرة تنبئ بوصول النظام لمرحلة عدم التوازن، أو كما يقولون بالمصري “الحيص بيص”.
الإعلامي يوسف الحسيني الشهير بـ”الواد يوسف”، حسب تسريبات عباس كامل مدير مكتب السيسي، انتقد مقالاً لأكرم القصاص مدير تحرير “اليوم السابع”، حيث حاول القصاص فيه غسل يد السيسي من فشل الحكومة في مواجهة الإخفاقات، ودعا لعدم تحميلها له.. بل للحكومة أو الأجهزة الأخرى، وهو ما اعتبره الحسيني غير مقبول.
فقد اعترف الحسيني بأنه ومعظم الكتاب الصحافيين والإعلاميين، كانوا يحمّلون الرئيس المعزول محمد مرسي مسؤولية أي إخفاق أو فشل، قائلاً “فلماذا لماذا لا نعامل السيسي بالمثل؟”.
وأكد الحسيني أن اختيار رئيس الحكومة وباقي أجهزة الدولة تابع للرئيس، لذا فهو يتحمل نتيجة اختياره، مضيفاً: “ما دام النظام رئاسيًا وليس برلمانيًا، فالسيسي يتحمل كل إخفاق وفشل نراه، سواء كان أمنيا أو اقتصاديا أو سياسيا”.
ونقل الحسيني، الذي هاجم السيسي في برنامجه أول مرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصريحاته إلى حسابه على “تويتر”، حيث اعتبر أنّ “المغالين في الدفاع عن السيسي يُحاولون إفساد رجل غير قابل للإفساد”.
العجيب أن توفيق عكاشة، باللهجة المصرية “جاب من الآخر”. واعترف عكاشة أن الدولة فاشلة من رأسها لأسفلها بكل ما فيها، وقال: “إنّ من دمر الدولة وأجهزتها، يعيد تدميرها من جديد، وهذه الدولة لا تعرف حدودًا أخلاقية، ولا فرق فيها بين خسيس وأصيل، أو فدائي وعميل”.
وصب عكاشة هجومًا لاذعًا على النظام والدولة، ليُعطي انطباعًا بأنه “ما فيش فايدة”، وقال: “فشلت الدولة وكل عام وأنتم بخير”.
وأمس أيضاً، هاجم إبراهيم عيسى الدولة المصريّة، معتبراً أنّها تُغذي الإرهاب.
الطريف، هو احتفاء مواقع الأخبار المؤيدة والمعارضة للسيسي بتصريحات الحسيني المفاجئة على حد سواء، في الوقت الذي احتفت فيه المواقع المعارضة فقط بتصريحات عكاشة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انشغل الناشطون بواقعة غرق صندل الفوسفات في مياه النيل، والحكم الصادر بحق الرئيس المعزول محمد مرسي، ومباراة ريال مدريد وأتلتيكو، إلى جانب وفاة الأبنودي عن الاهتمام بتصريحات الحسيني وعكاشة. لكنّ مؤيدين للسيسي أطلقوا وسم #الحفلة_على_يوسف_الحسيني، كالوا له من خلاله النقد والتجريح لمجرد تجرؤه على نقد السيسي.
فقالت هدى: “الواد الحسيني شكله اتقلب على السيسي ونفسه يعمل فيها مناضل”. في حين اعتبر فاضل المؤيد لمرسي تصريحات الحسيني وعكاشة تصب في صراع الأذرع وقال: “واضح إن في ناس في البلد بتضرب في السيسي، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى”.
وسخرت نجوى من حديث عكاشة عن الأخلاق والضمير وقالت: “وصل بينا الحال إن العوكش هوا اللي يتكلم عن الأخلاق والمبادئ”.
في حين استغاث محمد من التخبط الواضح في الإعلام المصري وقال: “أبانا الذي في المخابرات، ارحم دماغ أبونا اللي عمالين تضربوها في الخلاط”… وسخر وائل: “عكاشة والحسيني بيقولوا إن السيسي فاشل، بتزعلك يا فاشل؟ طب يا فاشل يا فاشل”.
(العربي الجديد)