بحسب ما أظهرته إحدى الدراسات مؤخرًا، فإن الشباب العربي بات محبطًا إزاء تحقيق التغير الديمقراطي في المنطقة، خاصة وأن حالة النشوة التي صاحبت الثورات العربية تحولت إلى مخاوف من التطرف الإسلامي العنيف.
وفقًا لاستطلاع الرأي السنوي الذي أجراه مشروع «أصداء» التابع لمؤسسة «بيرسون مارستيلر»، والذي يأتي في نسخته السابعة هذا العام، فإن هناك انخفاضًا ملحوظًا في أعداد الشباب العربي الذي ما يزال يعتقد بالديمقراطية منذ الربيع العربي الذي بدأ في نهايات عام 2011، والذي أطاح بأربعة من قادة الدول العربية.
نتائج الاستطلاع الذي أُجري هذا العام تعكس هذا الانخفاض. فبينما أبدى 92% من الشباب العربي في عام 2011 رغبتهم في «العيش في دولة ديمقراطية»، فإن نتائج العام التالي في 2012 أظهرت أن 42% اعتبروا أن غياب الديمقراطية هي أكبر عقبة تواجه منطقة الشرق الأوسط.
وفي الوقت الذي بلغت فيه نسبة الشباب العربي الذي ما زال يثق في تحقيق الديمقراطية في استطلاع هذا العام 15% من إجمالي الأعداد التي شملها الاستطلاع، والتي بلغت 3500 شخص ممن تتراوح أعمارهم بين 18-24 عامًا، قال 39% بأن الديمقراطية ضلت طريقها في المنطقة.
جدير بالذكر أن الشباب العربي الذين شملهم الاستطلاع من دول اليمن وقطر والمملكة العربية السعودية كان أكثر تشككًا من غيره في إمكانية تحقيق الديمقراطية، بينما كان الشباب العربي من دول الكويت والعراق وليبيا أكثر تفاؤلًا.
عوامل عدة كانت قد عززت من ذلك التراجع، من بينها تحوّل ثورات الربيع العربي إلى حملات قمع طالت الأحزاب الإسلامية بالتزامن مع صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة في العراق وسوريا وليبيا، ناهيك عن احتدام الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة.
بحسب النتائج أيضًا، تباينت آراء الشباب العربي حيال التهديدات التي تواجهها المنطقة. 37% اعتبروا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) التهديد الأكبر الذي تواجهه المنطقة، في مقابل 32% قالوا بأن الإرهاب هو التهديد الأكبر، و29% قالوا بأن البطالة هي التهديد الأكبر. بينما لم تتجاوز نسبة الذين رأوا في البرنامج النووي الإيراني تهديدًا يواجه المنطقة أكثر من 8%.
يؤشر ذلك على أن التباين في آراء الشباب العربي بشأن التحديات السياسية والاقتصادية كان من شأنه تقويض التصورات الإيجابية إزاء ثورات الربيع العربي.
في عام 2012، قال 72% إن العالم العربي بات أفضل حالًا في أعقاب الربيع العربي، في مقابل 38% في استطلاع هذا العام. وبينما عبر 63% من الشباب العربي عن مخاوفهم إزاء البطالة في عام 2014، فقد شهدت هذه النسبة ارتفاعًا هذا العام تخطى حاجز 81%.
فقط الثلث ممن شملهم الاستطلاع من خارج منطقة الخليج يعتقدون بقدرة حكام بلادهم على معالجة مشكلة البطالة، في حين يعتقد الثلثان ممن شملهم الاستطلاع في منطقة الخليج بقدرة زعمائهم على تقديم فرص عمل للشباب.
النتائج أظهرت أيضًا أن ما يقرب من اثنين من كل خمسة من الشباب العربي يتطلعون لبدء مشاريعهم الخاصة في السنوات الخمس المقبلة. كما مثلت قطاعات التكنولوجيا والتجزئة والعقارات القطاعات الأكثر شعبية بالنسبة للرواد الأعمال الناشئين.
وفي حين أبدى ثلثا الشباب في البلدان التي تنتمي إلى منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك( قلقهم من انخفاض أسعار النفط، عبَّرت أعداد مماثلة عن مخاوفها من أن يؤثر ذلك الانخفاض في مستويات المعيشة والإنفاق الاجتماعي الحكومي.
وأخيرًا، مثَّلت دولة الإمارات العربية المتحدة الوجهة المفضلة للاستقرار لواحد من كل خمسة ممن شملهم الاستطلاع، ونسبة مماثلة ترغب أن تكون بلدانهم مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.
طارق فرحات
(ساسة بوست)