أعلنت الصفحة الرسمية للناشط السعودي المعتقل «وليد أبو الخير»، أنه تعرض للضرب في سجن الحائر بالرياض والتهديد والشتم بأفظع الألفاظ، كما تعرض لمضايقات مستمرة من قبل إدارة السجن، وتقدم بشكوى رسمية لكن لم يحدث شيء. ويأتي هذا في الوقت الذي أكمل فيه الناشط الحقوقي عامه الأول في السجن الذي يقضي فيه عقوبة مشددة.
وقالت الصفحة الرسمية للناشط على «فيس بوك»: «إن ضابطا وعدد من العسكر قاموا بنثر أغراضه جميعها أرضا بحجة البحث عن ممنوعات ولم يجدوا شيئا». يأتي كل ذلك بسبب اعتراض «أبو الخير» على المضايقات التي يتعرض لها السجناء من قبل إدارة سجن الحائر وضياع حقوقهم.
من جانبه أكد «علي الدبيسي»، رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن «الدولة مسؤولة عن محاسبة الذين قاموا وتسببوا بضرب أبو الخير في محاكمة علنية عادلة، مشددا على أن عدم قيامها بذلك سيؤكد أنها ماضية في دعم وتكريس مبدأ سياسة الإفلات من العقاب وإنها راضية عن ما جرى عليه، ما يجعلها شريكة في هذا الانتهاك».
وقال «الدبيسي»، في تصريحات صحفية: «إن ما تعرض له أبو الخير يؤكد أن الدولة مستمرة باستهدافه ولم ينتهي انتقامها من نشاطه الحقوقي عند الحكم عليه بـ١٥ سنة بل إن ما يبدو أن هناك سلسلة من الانتهاكات قد يتعرض لها أبو الخير في أي لحظة وبأشكال مختلفة وهذا ما يجعل قضيته محل قلق مستمر من قبل المجتمع الدولي الحقوقي».
وأضاف أن هذا يؤكد أن الدولة لا تحترم المدافعين عن حقوق الإنسان، وإنها ماضية بإهانتهم، في الوقت الذي تبدي سلوكا منافقا في خطاباتها الحقوقية وسط المجتمع الدولي الذي بات يولي أهمية بالغة للمدافعين عن حقوق الإنسان ويضعهم في أعلى سلم الأولويات، على حد قوله لموقع «شؤون خليجية».
وحول ما إذا كان تعرُّض «أبو الخير» للضرب له علاقة بحملة التأييد والدعم والمطالبة بإطلاق سراحه التي انطلقت على مدار الأيام السابقة بالتزامن مع ذكرى مرور عام على سجن «أبو الخير»، قال «الدبيسي» إنه «أمر غير مستبعد ولكنه سيساعد بشكل عكسي على مزيد من الدعم الدولي للقضية حيث ستصبح أكثر انتشارًا وسيزيد من حجم الإدانة الدولية للانتهاكات الحقوقية الممنهجة التي تقوم بها السعودية».
يشار إلى أن الناشط السعودي «وليد أبو الخير» قد اعتقل في 15 أبريل/نيسان 2014، بسبب نشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان، ووجهت له تهم بارتكابه جرائم عدة، من بينها «تأليب الرأي العام ضد الدولة وشعبها، والانتقاص من السلطات القضائية، وتأليب المنظمات الدولية ضد المملكة بنية تشويه سمعتها، وإنشاء جمعية غير مرخصة، وجمع المعلومات ونشرها عملا بقانون مكافحة جرائم المعلوماتية للعام 2011»، وقد صدر حكم بحق «أبو الخير» بالسجن 15 سنة من المحكمة الجنائية المتخصصة، التي أنشئت عام 2008، للنظر في قضايا الإرهاب. وعلاوة على الحكم عليه بالسجن، منعته المحكمة من السفر إلى الخارج لمدة 15 عاماً أخرى، وغرمته 200 ألف ريال سعودي (53 ألف دولار أمريكي).
بعيدا عن ”العفو“
وقالت «سارة ليا ويتسن»، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «مما له دلالة كبيرة أن السلطات السعودية أبدت الاستعداد للعفو عن مجرمين مدانين وإطلاق سراحهم، لكنها تواصل سجن ما يزيد على 12 من النشطاء السلميين الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي الإشارة إلى الانتهاكات والمطالبة بالإصلاح. وعلى الملك سلمان أن يفرج عن أبو الخير وغيره من النشطاء المسجونين لعملهم السلمي في مجال حقوق الإنسان».
وقد أصدر الملك «سلمان» عفوا عن بعض السجناء السعوديين عقب توليه الحكم في يناير/كانون الثاني، لكن الأمر استبعد السجناء المدانين بتهم معينة، تتضمن ”الجرائم الماسة بالأمن الوطني“ ومن ثم فقد استبعد «أبو الخير» وغيره من النشطاء الحقوقيين المعروفين مثل «محمد القحطاني» و«عبد الله الحامد» و«فاضل المناسف».
ولم يقم «أبو الخير» بأي دور نشط في محاكمته، فرفض الاعتراف بشرعية المحكمة أو الدفاع عن نفسه. كما رفض التوقيع على نسخة من حكم المحكمة أو استئناف إدانته أو العقوبة.
وفي يناير/كانون الثاني قامت غرفة الاستئناف داخل محكمة الجزاء المتخصصة بنقض الحكم السابق جزئياً في أعقاب التماس من النيابة، كان يوقف تنفيذ 5 سنوات من عقوبته، وحكمت بأن يقضي «أبو الخير» السنوات الـ15 كلها في السجن.
وقد عملت السلطات على تشتيت «أبو الخير» بين 3 سجون بدون تفسير منذ اعتقاله في 15 أبريل/نيسان 2014، بما في ذلك فترات في سجن الحائر جنوبي الرياض، وسجن الملز في الرياض، وسجن بريمان في جدة. ومنذ فبراير/شباط 2014 يجري احتجاز «أبو الخير» في سجن الحائر، على بعد أكثر من ألف كيلومتر من زوجته وعائلته، المقيمين في جدة. وقد ولدت «جود»، ابنة «أبو الخير» الأولى، في يونيو/حزيران 2014 بعد اعتقاله.
وقالت سارة ليا ويتسن: «إن استمرار سجن نشطاء سلميين مثل وليد أبو الخير يرسل إشارة تقول إن السعودية، في عهد الملك سلمان، ما زالت قليلة التسامح مع الانتقاد العلني أو المناصرة من أجل الإصلاح».
الخليج الجديد