تحت عنوان “فظائع سوريا الجديدة” رصدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في افتتاحياتها استمرار مجازر الرئيس السوري بشار الأسد، في الوقت الذي لا يبالي فيه نظيره الأمريكي باراك أوباما بتجاوز الأول للخط الأحمر باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
وتقول الصحيفة “إنه منذ قيام الثورة السورية في عام 2011، ألقى أوباما عدة خطابات استشهد خلالها بالتدفق الحر للنفط باعتباره من الأولويات الأساسية لواشنطن في الشرق الأوسط، لكن الحيلولة دون ارتكاب الفظائع الجماعية كان يحظى بأولوية أقل: ففي خطاب له في 2013 قال إنه ينبغي ملاحقة النظام السوري على فظائعه بالاشتراك مع الحلفاء ودون استخدام القوة العسكرية الأمريكية”.
وتضيف: ولذلك كان من المستغرب أن نسمع تغييرا واضحا من قبل أوباما في مقابلة سابقة مع الصحيفة خلال الشهر الجاري حيث قال “في هذه المرحلة، فإن النفط ليس ضمن المصالح الأساسية للولايات المتحدة، لكن مصالحنا هي أن يعيش الجميع في سلام وألا يتم إلقاء البراميل المتفجرة على رؤوس الأطفال وألا يحدث نزوحا جماعيا لمواطني سوريا”.
وربما كان على أوباما أن يشير في خانة الجرائم ضد الإنسانية في سوريا إلى حادث محدد وهو إلقاء النظام السوري للبراميل المتفجرة على مدينة سرمين في 16 من مارس الماضي والتي يُقال إنها كانت تحتوي على غاز الكلور السام، وقتِل إثرها 6 أشخاص بينهم 3 أطفال، ووفقا لتقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرا فإن ذلك الهجوم كان واحدا ضمن 6 هجمات تم خلالها استخدام غاز الكلور ومواد كيميائية أخرى حول مدينة إدلب في الفترة ما بين 16 و 31 من مارس الماضي.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري رد بقوة على الهجوم الأول خلال بيان قال فيه “إن استخدام النظام السوري للكلور يخرق معاهدة الأسلحة الكيميائية، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يغض الطرف عن مثل تلك الهجمية، وننظر بكثب إلى ذلك الشأن ونفكر في خطوات جديدة”.
وربما يكون هناك أمل في أن تتخذ الإدارة إجراء لاحقا ضد نظام الأسد، الذي يواصل تجاوز الخط الأحمر، الذي وضعه أوباما سابقا، باستخدام المواد الكيميائية ضد المدنيين، فضلا عن كونه السبب الرئيسي في الاضطرابات التي تدمر كلا من سوريا والعراق.
وحتى اﻵن، فإن “غض الطرف” يظل هو الوصف الأفضل للسلوك الأمريكي حيال سوريا، فالإدارة تسعى شكليا وراء مبادرة واهنة لتدريب 15 ألف من المقاتلين السوريين على مدار 3 أعوام بمساعدة الحلفاء الإقليميين، لكن تلك الجهود بطيئة للغاية وبعيدة عن الأرض، بسبب إصرار الإدارة على ضرورة أن تكون المهمة الوحيدة للقوة ينبغي أن تكون هي محاربة تنظيم “داعش”.
وأوضح تقرير أصدره المجلس الأطلنطي الأسبوع الماضي طريقة للمضي قدما في ذلك الأمر: وهو تحويل مهمة التدريب إلى مشروع لبناء قوة قوامها 50 ألف عنصرا وتكون قادرة على فرض النظام في جميع أنحاء البلاد، فيما أوضح فريدريك هوف وهو مستشار سابق للخارجية الأمريكية في الشؤون السورية، إلى أن تلك القوة من الممكن أن يخفف من حدة الأزمة الدبلوماسية التي تجعل التوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب السورية أمرا مستحيلا.
وسيكون ذلك دون شك مهمة كبرى، وكنقطة بداية سيتطلب الأمر إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا وهو الأمر الذي رفضه أوباما على مدار السنوات الماضية، لكن ذلك قد يضع نهاية لنظام الأسد وجرائمه.