أثار تأخر وصول المساعدات والمنح الخليجية، التي أعلن عنها خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقد بشرم الشيخ في مارس الماضي، تساؤلات حول أسباب ذلك، فيما أرجع خبراء التأخر للظروف الإقليمية في ظل الحرب التي تخوضها دول الخليج بقيادة السعودية ضد الحوثيين باليمن، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط على مستوى العالم.
ووعدت الإمارات والسعودية والكويت وعمان، بتقديم نحو 12.5 مليار دولار، بقيمة 12.5 مليار دولار موزعة بين استثمارات ومساعدات وودائع، إلا أن تلك المنح لم تصل مصر رغم مرور أكثر من 40 يومًا من تاريخ الإعلان عنها.
وقال هشام رامز محافظ البنك المركزي، إن مصر لم يصل إليها شيء من الودائع التي تعهدت بها دول خليجية خلال مؤتمر بشرم الشيخ. وأوضح رامز في رسالة نصية نقلتها وكالة “رويترز”: “لم تصل أي ودائع بعد من الدول الثلاث”.
وجاءت تصريحات محافظ البنك المركزي بعد ساعات قليلة من إعلان السفير المصري بالكويت، عبد الكريم سليمان، عن قيام الحكومة الكويتية خلال الأيام القليلة الماضية بتحويل وديعة بقيمة ملياري دولار إلى البنك المركزي المصري.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن الكريم سليمان قوله إن “الكويت أرسلت بالفعل ملياري دولار كوديعة لدى البنك المركزي المصري خلال الأيام الماضية بهدف دعم الاقتصاد المصري في إطار التعاون المشترك بين البلدين”.
وكان مسؤولون حكوميون توقعوا، مؤخرًا، أن تستقبل مصر بنهاية الشهر الجاري ودائع بقيمة 3 مليارات دولار من كل من السعودية والإمارات.
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، إن “هناك ثلاثة أسباب وراء تأخر وصول المساعدات الخليجية لمصر، فى مقدمتها عدم تحمس بعض دول الخليج لإرسال هذه المساعدات في ظل الوضع المالي الذي تمر به هذه الدول، إضافة إلى أن المساعدات المالية السابقة لم يظهر لها أثر ملموس سواء على مستوى تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وتهدئة الأسعار، أو تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي من عجز في الموازنة العامة وزيادة الدين المحلي”.
وأضاف أن “انشغال دول الخليج بتغطية نفقات الحرب على اليمن، والذي دفع دولاً خليجية مثل السعودية إلى سحب مليارات الدولارات من احتياطياتها النقدية لتغطية نفقات الحرب التي دخلت أسبوعها الثالث، يعد سببًا في تأخر المنح أيضًا، كما أن هناك تأثرًا باستمرار تراجع أسعار النفط، رغم زيادة حدة التوتر في المنطقة”.
مع ذلك، قال إن “المساعدات الخليجية ستصل مصر، خاصة مع الوضع الصعب الذي يمر به احتياطي مصر من النقد الأجنبي، لكن السؤال المطروح هنا هو: وماذا بعد إنفاق مصر كل هذه المليارات الجديدة من المساعدات، وهل ستطلب مساعدات جديدة وتحت أي عنوان وبأي مبرر؟ وهل ستجد في هذه الحالة استجابة من قبل دول الخليج؟، أم أن الظروف الجديدة التي وجدت دول الخليج نفسها فيها ستمنعها من التعهد بمساعدات جديدة سواء لمصر أو لغيرها من الدول”؟.
فيما فسَّر الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تأخر وصول المساعدات الخليجية لمصر، بوجود مشاكل بين مصر ودول الخليج في شروط تحويل المساعدات.
وقال حسني “النظام المصري، يرغب في صرف المساعدات الخليجية وفق أجندته الخاصة، على هيئة منح، في حين أن دول الخليج ترغب في تحويل المساعدات على هيئة إيداعات واستثمارات”.
وأضاف: “دول الخليج لن تمنح مصر مساعدات بسخاء كما كان في وقت سابق، حين تركت نظام السيسي يصرف المساعدات كيفما يشاء، وحين رأت أن مصر مرت مرحلة الخطر، وبالتالي لا منح إضافية بدون مقابل تدفعه مصر”.
وأوضح أن “دول الخليج لديها رغبة قوية في ترشيد نفقاتها في المستقبل، وبالتالي ستعمل وفق مصالحها وليس حسب أهواء السيسي ونظامه”.
وأشار إلى أن “الخليج لن يعطي مصر مساعدات أو يقف بجوارها من أجل أن يجعل يدها هي العليا”، لافتًا إلى أن “حرب اليمن الحالية كشفت أن الوضع قد تغير، وأن الخليج لن يقبل ابتزازات مصرية جديدة على غرار رسائل “مسافة السكة” التي كان يقولها السيسي دومًا، وبالتالي أعلنت دول الخليج الحرب على الحوثيين باليمن، دون مشاورة مصر، ليثبوا للسيسي أنهم ليسوا بحاجة لقواته”.