رفض الإعلامي السعودي جمال خاشقجي تشبيه الإخوان في مصر بالمتطرفين في السعودية، قائلا: “الإخوان (في مصر) مستعدون للمشاركة ديمقراطيّا فى الانتخابات، وقد فعلوا ذلك”، مشيرا إلى أن “المتطرف الذي يرفع السلاح (في السعودية) يرفض كامل النظام”، بحسب قوله.
وحول وجود اتصالات سعودية مع الإخوان تمهِّد لحوار مصالحة معهم، قال -في حوار مع صحيفة “التحرير” المصرية الصادرة الجمعة-: “لم أسمع بشيء من هذا، فالسعودية اليوم مشغولة بهمها اليمني ثم همها السوري”.
وعن حديثه عن مصالحة (مع الإخوان)، وأن العاهل السعودي الراحل نصح السيسي بالحوار، والانفتاح، قال: “هذا تحليل طبيعي لمجريات الأمور.. لا يوجد بلد يستطيع أن يستمر، وهو محتقن، يجب على كل المكونات السياسية خصوصا في البلدان التي لديها دستور ديمقراطي، وبها قبول بالتعددية، أن تكون كل مكوناتها حتى ولو متعارضة، لا يبطش أحدها بالآخر”.
وعندما ردت الصحيفة: “لكنك تعلم أن يد الإخوان متورطة في الدم المصري”، قال خاشقجي: “هذه وجهة نظر لطرف، الطرف الآخر يقول إنه هو الضحية، المصلحة ألا تستمر مصر في هذا التشاحن، مصر تحتاج إلى كل فرد من أفرادها لكي تخرج من كبوتها، ولا يستطيع طرف واحد أن يقوم بهذه المهمة”.
وأكد الإعلامي السعودي أن “الشرعية في سوريا لم تعد شرعية ” مشيرا إلى أن الأسد (النظام) يقتل ربع مليون من شعبه، ويهجِّر نصفه الآخر “10 ملايين” فعن أي شرعية لبشار الأسد نتحدث؟!
إعلام يُدار بالهاتف
وهاجم خاشقجي الإعلام المصري. وقال: “عندما تصدُر أصوات تندد بشكل حتى ليس بلغة المحلل السياسي المقبولة، وإنما بلغة المتحامل على المملكة، تكون هذه صدمة لأننا نعلم أنه يستطيع أحد ما أن يرفع السماعة، ويقول لفلان: “بلاش الكلام ده، ومش عايزك تقول الكلام ده مرة تانية”، لكن فلان طلع، وقال الكلام ده مرة تانية”!
وشدد على أن: “الإعلام في مصر يدار بهذه الطريقة، يعني بإمكان الشخص المعني أن يتصل بجريدة التحرير، ويقول: مش عاوزين الحوار مع خاشقجي ده يطلع بكرة.. مائة في المائة”.
لا مكان للتردد المصري
وعن وجود تململ سعودي مما يصح أن يسمَّى “التردد المصري مثلا مقارنة بموقف باكستان”، قال: “باكستان دولة ديمقراطية برلمانية، فالمملكة تحترم موقفها، ولا يستطيع السيد نواز شريف، رئيس الحكومة، التصرف دون العودة إلى البرلمان، والمملكة احترمت هذا، وقد عبّر عن هذا وزير الشؤون الإسلامية الذى يزور حاليا إسلام أباد. وقال إن التصويت في البرلمان الباكستاني مسألة داخلية باكستانية”.
وعن الموقف المصري، شدد على أنه “لطبيعة العلاقة بين البلدين (مصر والسعودية) لا مكان للتردد المصري في مسألة كهذه”، رافضا التعليق على ربط الصحيفة بين هذا الموقف من الرياض، وبما قدَّمَتْه للقاهرة من مساعدات مالية للخلاص من الإخوان أو ما بعدهم، قائلا: “هذا الكلام يجر إلى تفاصيل لا تفيد”.
وأضاف: “ما يظهر لي هو التزام مصري واضح بالأمن السعودي، والسياسة السعودية الخارجية في المسألة اليمنية حاليا، وتشارك مصر مشكورة في الحملة، وتؤسس لعلاقة ثقة يمكن أن تتسع، ويُبنى عليها”.
وأضاف: رأينا طائرات مصرية وصورا لهذه الطائرات تشارك في العملية، ولاقت هذه الصور ترحيبا، ورضا من السعوديين، ودلالة على عمق العلاقة بين البلدين”.
وعن عدم وجود بيان رسمي مصري بذلك، قال: “ربما قد تكون مسألة دستورية، لأن الدستور المصري لا يسمح بالمشاركة في عمليات عسكرية خارج مصر إلا بعد العودة إلى ال.. لا أعرف، الحقيقة إنها أول مرة أعرف أنه لم يصدر شيء رسمي يقول بأننا قد شاركنا بعدد 16 طائرة، وأرسلنا كذا، أو فعلنا كذا، فهذه المسائل من حق الشعب المصري أن يعلمها”.
واستطرد: “وفقاً لمعلوماتي، لا توجد قوات مصرية على الأرض.. هناك قوات جوية.. المملكة العربية السعودية شفافة تماما في هذه العملية”.
وبالنسبة لما يتردد من أن السعودية تريد توريط مصر في اليمن، قال: “الخطة يضعها عسكريون محترفون سعوديون بالتعاون مع شركائنا في عاصفة الحزم، ولا يجوز، ولا يليق أن يقول أحد إن السعودية تريد توريط هذا، أو ذاك، فأهداف الحملة معروفة، وهي دعم الشرعية في اليمن، ووقف تقدم الحوثيين، ودفع الأطراف اليمنية إلى القبول بمبادئ الحوار اليمنية لا السعودية”.
السعودية هي المخلِّص والمنقذ
ومعلقا على مقولة محمد حسنين هيكل إن الحقبة السعودية تعود في عهد الملك الجديد، قال خاشقجي: “أعتقد أن هناك حقبة سعودية جديدة بدأت بـ«عاصفة الحزم»، هذه الحقبة أساسها القيادة والمبادرة وعدم ترك المنطقة تتداعي فى انتظار تدخلات خارجية لن تأتي، وتقوم على مبادئ أخلاقية باحترام خيارات الشعوب والشرعية في تلك البلدان”.
وتابع : “هذه الحقبة وإن بدأت بعملية محدودة في عدن ثم انتشرت إلى بقية اليمن، وتوسعت إلى مواجهة الحوثيين ثم الدولة العميقة التي يمثلها علي عبد الله صالح، فلا بد أن تمضي، وتستمر، وهي طويلة جدا، من أجل إصلاح حالة الانهيار الهائلة التي حصلت في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وتهدد غيرها.”
ومجيبا عن سؤال: هل تقدم السعودية في عهد الملك سلمان نفسها على أنها المخلِّص أو المنقذ، أجاب: “أرجو أن تكون كذلك، لأنه لا بد للعالم العربي من أحد يقوم بهذا الدور، وإن لم يقم أحد بهذا الدور فسيكون الانهيار”.
واستطرد: “المملكة تنظر إلى جناحين استراتيجيين لها في الماضي، باكستان ومصر، تحلّق بهما في السياسة الاستراتيجية السعودية، المملكة حريصة على باكستان ومصر، هذه السياسة كانت قائمة في الستينيات والسبعينيات أو تشكلت في السبعينيات والثمانينيات، وتفسر أيضاً التدخل السعودي لدعم الجهاد الأفغاني، الذى كان من أسبابه أو محركاته حماية باكستان”.
وتابع: “الآن انضمت لهذه المنظومة تركيا.. تركيا بعودتها إلى محيطنا العربي بالرغبة والتعاون بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم منذ عشر سنوات، أصبحت مكملا أيضا لهذه الاستراتيجية، ولا يغفل قدر مصر ودورها إلا جاحد، ويجب أن يكون لمصر هذا الدور، وهذا ما نتمناه منها، ولها”.
وحول الموقف من تركيا، قال: “المملكة لا تنظر إلى تركيا على أنها تقوم بأعمال يعاقب عليها القانون، وإنما تنظر إليها على أنها دولة يمكن أن تكون حليفا، والعلاقات بيننا في أفضل أوضاعها، فقبل زيارة الرئيس أردوغان لإيران اتصل به ولي العهد السعودي”.
وجول وجود وساطة من الملك سلمان بين مصر وتركيا وقطر، قال: “لم أسمع بوساطة، ولا أعتقد أن هناك حاجة إلى وساطة، يعني بإمكان مصر أن تتصل مباشرة بالطرفين، والمصلحة العامة في المنطقة في ظل حالة الانهيار، ووجود «داعش» كأحد المهددات للمنطقة بالكامل.. من الضروري أن تكون العلاقات بين جميع الدول جيدة، ومتعاونة من أجل وقف حالة الانهيار، ثم إعادة بناء المنطقة وفق معايير صحيحة تتوافق مع الروح التي أطلقها الربيع العربي في المنطقة”.
“التشاركية” كلمة السر
وردا على سؤال: هل تَعتبر أن السعودية بمنأى عما عُرف باسم ثورات الربيع العربي؟ قال: “كتبت قبل أربع سنين أن السعودية بمنأى عنها، ولكنها يجب أن تتفاعل معها، وقلت إن السعودية ودول الخليج، العقد الاجتماعي فيها مختلف، ويقول بأن السلطة تكون في يد الأسرة المالكة مقابل أن توفر الحقوق والكرامة والعيش السليم لشعوبها”.
واستدرك خاشقجي: “لكن العقد الاجتماعي الموجود في المجتمعات العربية حتى في زمن مبارك أو في زمن بن علي يقوم على حرية الاختيار، ولم تتحقق لهم لا حرية الاختيار ولا الكرامة ولا رغد العيش، وبالتالي كان لا بد لهذا العقد الاجتماعي أن ينفجر، فلا يجوز أن تضع في دستورك أن الشعب هو مصدر السلطات، ثم تفرض على الشعب قرارك الذي تراه إما بانتخابات مزوّرة، وإما بالتخويف، والترهيب”.
واختتم حواره بالقول: أعتقد أن المرحلة القادمة تشاركية، وليست بالضرورة إسلامية أو أحزابا إسلامية، فالذي نحتاج إليه في المنطقة من أجل نشر الوئام، والتفرغ للبناء، هو حالة من التشاركية بين كل مكونات المجتمعات العربية السياسية”، معتبرا أن الأحزاب الإسلامية هي “الحليف الاستراتيجي (للسعودية)”.
وتابع: “دعني أَقُلْ لك كيف نجحت تركيا.. لقد نجحت لأنها حققت هذه المواءمة والتشارك بين كل القوى السياسية، علمانيين وإسلاميين، يمينا ويسارا، واحتكموا إلى صناديق الاقتراع، فتفرّغ النظام للبناء… التشاركية هي كلمة السر”.