تلقت مؤسسة شرطة مدينة نيويورك مبلغ مليون دولار أمريكي من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وفقًا لسجلات الضرائب لعام 2012، وهو نفس المبلغ الذي قامت المؤسسة بتحويله لاحقًا لبرنامج الاتصال الدولي في قسم استخبارات شرطة نيويورك، وفقًا لوثائق حصلت عليها الإنترسيبت.
وتظهر وثيقة مودعة من قبل مؤسسة شرطة مدينة نيويورك في عام 2012 قائمة أكبر الجهات المانحة، التي شملت العديد من المؤسسات المالية الكبرى، مثل جي بي مورغان تشيس، وبنك باركليز كابيتال. ولكن القائمة تحتوي أيضًا على بند لـ “سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة“. وقد حصلت الإنترسيبت على نسخة من الوثيقة غير المتاحة للجمهور، وهي تظهر المانحين فوق عتبة المليون دولار على مدى أربع سنوات فقط.
وفي حين يتم سرد المؤسسات المالية كجهات مانحة على موقع مؤسسة الشرطة على الإنترنت، لا تظهر دولة الإمارات العربية المتحدة في الموقع على الرغم من كونها واحدة من أكبر المساهمين المدرجين في تلك السنة من خلال مساهمتها بمليون دولار.
وتظهر وثائق الضرائب لنفس العام منحة نقدية بقيمة مليون دولار قدمتها المؤسسة لشعبة الاستخبارات في شرطة نيويورك. والغرض من تلك المنحة هو تقديم المساعدة لبرنامج شرطة نيويورك الدولي للاتصال، الذي “يمكن شرطة نيويورك من تعيين رجال المباحث في جميع أنحاء العالم، للعمل مع سلطات إنفاذ القانون المحلية في حل الحوادث ذات الصلة بالإرهاب“، وفقًا لما أوضحته المؤسسة في وثائق الضرائب لعام 2012.
ولكن المؤسسة تنفي بدورها أن تكون المساهمة قد وجهت لشعبة الاستخبارات. وقال المتحدث باسم المؤسسة للإنترسيبت: “كانت الهدية موجهة إلى الصندوق العام. ولا وجود لمثل هذا التبرع لتمويل برنامج الاتصال الدولي“. وعندما سئل عن المزيد من التفاصيل، رد المتحدث بالقول: “لقد كانت الهدية موجهة لرفع مستوى المعدات لدى شرطة نيويورك، والمرافق التي تستخدم للمساعدة في التحقيقات الجنائية في جميع أنحاء المدينة“.
وقد رفضت المؤسسة توفير المعلومات عن أي من “التحقيقات الجنائية” أو المعدات تم تمويلها من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة. ورفضت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بدورها التعليق حول المساهمة بقيمة مليون دولار.
وكان تقرير نشرته واشنطن بوست في فبراير 2013 قد حدد مؤسسة الشرطة باعتبارها واحدة من عديد المستفيدين من تمويل دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكنه لم يحدد المبلغ، ولا مصدر المعلومات.
وبدوره، كشف تقرير عام 2013 لمركز برينان الدور الذي تلعبه مؤسسة شرطة مدينة نيويورك في تمويل عمليات شعبة الاستخبارات في الخارج. وقال التقرير حينها: “لا يأتي التمويل لعمليات شعبة الاستخبارات في مكافحة الإرهاب من المدينة، والدولة، والحكومة الاتحادية، فقط، بل يأتي أيضًا من اثنين من المؤسسات الخاصة“. وأضاف: “مؤسسة شرطة مدينة نيويورك تمول عمليات المخابرات الخارجية، التي تمتد عبر 11 موقعًا في جميع أنحاء العالم“.
وتواجدت شرطة نيويورك في أبو ظبي منذ عام 2009 على الأقل. وفي عام 2012، سافر مفوض المؤسسة آنذاك، راي كيلي، إلى الإمارات العربية المتحدة لتوقيع اتفاق لتبادل المعلومات. وفي وقت الرحلة، تم الكشف عن أن مذكرة التفاهم سوف “تسمح بتبادل الأفكار وأساليب التدريب” بين شرطة نيويورك والإمارات العربية المتحدة. ومن جانبها، قالت دولة الإمارات في بيان صدر في ذلك الوقت إن الاتفاق ينطوي على “تبادل المعلومات الأمنية بالطريقة التي تسمح بها القوانين، وعلى السماح لكلا الطرفين بتحقيق الأمن العام”.
وتثير حقيقة أنه قد تم استخدام التبرعات من حكومة أجنبية في تمويل عمليات شعبة الاستخبارات تساؤلات حول الكيفية التي قد تستخدم فيها هذه الأموال للتأثير بطريقة متعمدة على عمليات شرطة نيويورك.
وعن هذا، قال مايكل برايس من برنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان: “إن استخدام مبالغ كبيرة من المال مقدمة من قبل حكومة أجنبية في تمويل وظائف الشرطة الأساسية يثير أسئلة تشغيلية وقانونية خطيرة“.
وبدوره، أعرب مايكل جيرمان، وهو وكيل مكتب التحقيقات الفدرالي السابق الذي يعمل أيضًا مع مركز برينان، عن المخاوف بشأن تمويل الإمارات العربية المتحدة لشرطة نيويورك، قائلًا: “أي تبرع من حكومة أجنبية سوف يأتي في سياق شروط وتوقعات، سواءً تم الكشف عن هذه الشروط أم لا“.
وبالإضافة إلى عملها في مكافحة الإرهاب في الخارج، كشف تقرير وكالة اسوشيتد برس للأنباء في عام 2012 عن أن شعبة المخابرات في شرطة نيويورك تجري عمليات مراقبة المجتمعات الأمريكية المسلمة محليًا.
وعلى الرغم من إنفاق ست سنوات على التجسس على المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء مدينة نيويورك، فشلت جميع هذه الجهود في الحصول على أي قضايا أو خيوط متعلقة بقضايا الإرهاب.
وفي الوقت نفسه، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تشن حملة دولية لمكافحة المعارضين السياسيين لها في أعقاب انتفاضات الربيع العربي. وفي أواخر العام الماضي، وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة منظمتين إسلاميتين أمريكيتين، هما مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) وجمعية المسلم الأمريكي (MAS)، على قائمة تضم أكثر من 80 من “المنظمات الإرهابية” في جميع أنحاء العالم.
وردًا على ذلك، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ترفض توصيف دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه المنظمات بـ “الجماعات الإرهابية”، وإنها “تسعى للحصول على المزيد من المعلومات” من دولة الإمارات العربية المتحدة حول قائمتها.
الإنترسيبت – التقرير