فجرت تصريحات حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، التي هدد فيها الإمارات ضمنا بسبب تصريحاتها الداعمة للسعودية في “عاصفة الحزم” لوقف هيمنة الحوثيين على اليمن حالة من الجدل بين المراقبين والمحللين السياسيين حول فحوى التهديد المبطن وأسبابه.
وكان عبداللهيان، قال في تصريحات نقلتها وكالة أنباء “فارس” الإيرانية الأحد في سياق تصريحات له عن الحرب باليمن، “أن موقف الإمارات في دعم السياسة السعودية الداعية للحرب يثير الاستغراب.” !! .
وتساءل مراقبون سياسيون في هذا الصدد .. لماذا الاستغراب الإيراني من الموقف الإماراتي؟! أليست الامارات جزءا من عملية “عاصفة الحزم”؟! وأليست الإمارات جزءا من مجلس التعاون الخليجي ؟! وأليست تلك هى الامارات التي تطلق يوميا تصريحات نارية مؤيدة للسعودية على لسان مسؤوليها الرسميين وغير الرسميين وتابعيها في وسائل إعلام تمولها مباشرة أو بطريق غير مباشر أو “دراويشها ” المنتشرين في فضائيات تهتف كل يوم دعما ل”عاصفة الحزم؟!.
الإجابة على هذه الأسئلة جاءت سريعة وعبر مواقع إيرانية متشددة ووسائل اعلام محسوبة على بعض الأجهزة العسكرية والأمنية خاصة الحرس الثوري الإيراني التي التقطت الخيط من عبداللهيان لتهدد بدورها بما وصفته ب”كشف المستور” في علاقات ايران والإمارات دون أن تورد المزيد من التفاصيل كخطوة أولى ربما يتبعها خطوات إذا لم تعد أبوظبي كما كانت دوما حليفا لطهران.
الخطوة التالية التي لم تذكرها المواقع الإيرانية – ربما حتى الآن – وربما أيضا تخرج إلى العلن بشكل رسمي – طبقا لمحللين – ستكون مدوية و”ستفضح” التنسيق بين أبوظبي وطهران على مدى السنوات الماضية في العديد من الملفات ليس فقط إزاء الوضع باليمن بل وصل الى كل من سوريا والعراق وحتى الملف النووي الإيراني وستشكل صدمة لدوائر عدة بعد أن تتأكد أن المواقف التي “صدعتنا” بها أبوظبي طيلة الفترة الماضية لم تكن إلا للتغطية على أدوار وعلاقات ربما تصل للتآمر على مصالح الخليج والأمن القومي العربي برمته طبقا لخطط “هوجاء” وضعتها دوائر خارجية لا تريد خيرا للعرب ولا المسلمين .
الملف اليمني
يقول مراقبون انه ليس خافيا على أحد الدور الذي لعبته أبوظبي في دعم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وما كشفه مؤخرا موقع ” ميدل ايست أي ” البريطاني عن دعم الامارات للحوثيين بمبلغ مليار دولار عن طريق صالح وتم ذلك في لقاء جمع ضباط مخابرات ومسؤلين إماراتيين وإيرانيين وممثلين لصالح والحوثيين عقد في قبرص.
وسبق ذلك وعلى مدى العام الماضي 2014 وقبل اجتياح الحوثيين للمدن اليمنية أن نشرت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية الأجنبية والعربية سيلا من المعلومات الموثقة عن خطط الامارات لدفع الحوثيين وأنصار صالح للسيطرة على الحكم باليمن واقصاء حزب التجمع اليمني للاصلاح (الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين) من أي دور في العملية السياسية الانتقالية في إطار حمى حرب قادتها أبوظبي ضد تيار الاسلام السياسي السني ولم يكن ذلك يتم بالطبع إلا بالتنسيق مع ايران الحليف الرئيسي للحوثيين .
كما حاولت الامارات إفشال العملية السياسية باليمن من خلال الضغط وتوجيه حلفائها ” صالح والحوثيين ” للإلتفاف حول أي اتفاق برعاية دولية وهو ما أدركه المبعوث الدولي الى اليمن جمال بن عمر وألمح له في أحد مؤتمراته الصحفية وهو ما حدا بوزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد لزيارة المغرب” بلد بن عمر” ولقائه مع الأمير مولاي رشيد شقيق العاهل المغربي محمد السادس ليطلب منه صراحة اقناع بن عمر بالتخلي عن الملف اليمني مع مكافأة كبيرة وهو مارفضه الطرفان” مولاي رشيد وبن عمر ” حينها طبقا لما نشره في ذلك الوقت موقع ” نون بوست” المغربي .
وطبقا للموقع ذاته فإن “الإمارات حاولت استعمال نفوذها لدى المغرب لإفشال الجهود التي يقوم بها جمال بن عمر ومعظم التيارات السياسية في اليمن لإنجاح الحوار الوطني وتنفيذ خارطة الطريقة المتفق عليها، وهو -أي الفشل- ما يصب في مصلحة نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي تدعمه الإمارات بقوة وبشتى الطرق وبالتنسيق مع أحمد علي عبد الله صالح، نجل عبد الله صالح، الذي عين سفيرا لليمن في إمارة أبو ظبي الإماراتية، والمعروف بدعمه القوي للمسلحين الحوثيين”…كان ذلك نص ما نشره الموقع المغربي قبل نحو عام.
وجاء التوجه الإماراتي في حينه الداعم لعلي عبد الله صالح الداعم للمسلحين الحوثيين ليثير تساؤلات عن مدى جدية الإمارات في التعامل مع القرار السعودي بتصنيف جماعة الحوثيين كتنظيم إرهابي، وكذلك عن مدى جدية الإمارات في ما تعلنه من سعيها إلى إحداث التوافق الوطني في اليمن.
الملف النووي الإيراني
ما لم تذكره المواقع الإخبارية الإيرانية في تهديدها المباشر بفضحه للعلن في علاقات أبوظبي السرية مع طهران بشان الدعم الإماراتي الخفي للبرنامج النووي الإيراني معروف ومتداول “تلميحا ” تارة و” تصريحا” تارة أخرى في الصحافة الغربية منذ فترة طويلة ، ففي أول أغسطس عام 2008 كشفت مجلة “ميدل ايست ايكونوميك دايجست (ميد) “الاقتصادية الاسبوعية- مقرها لندن – أن شركة “كويست انيرجي” التي مقرها دولة الامارات العربية وشركة ايرانية تشاركان في مشروع مرتبط بالمشروع النووي الايراني .
كذلك نشرت دوريات مرتبطة بأجهزة مخابرات دولية معلومات – يبدو أنها تسريبات متعمدة – عن أن العديد من الأجهزة والمعدات وقطع الغيار لأجهزة مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني يتم تهريبها في ظل الحظر الدولي عبر موانىء اماراتية وان السلطات هناك تغض الطرف عن ذلك .
وأمام معلومات هذه وبضغوط من الولايات المتحدة اضطرت السلطات إلى إغلاق أكثر من 40 شركة مقرها الامارات تأكد انتهاكها العقوبات الدولية المفروضة على ايران عبر بيعها منتجات حساسة يمكن استخدامها في صناعة أسلحة نووية طبقا لما ذكرته صحيفة “جولف نيوز” الاماراتية الصادرة باللغة الانجليزية يوم 20 يونيو 2010 .
وقال مصدر اماراتي في حينه ان هذه الشركات، وهي محلية ودولية، “ضالعة في نشر مواد خطيرة ومزدوجة الاستعمال ممنوعة بموجب قرارات الأمم المتحدة وبموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي”.
ويتساءل مراقبون عن أين كانت سلطات الامارات وهى تترك أكثر من 40 شركة معروف ارتباطها بالحرس الثوري الإيراني تعمل على أراضيها لمدة سنوات ؟!.
سوريا والعراق
ما لم تذكره المواقع الإخبارية الإيرانية أيضا وجعلت “عبداللهيان” يبدي استغرابه من السلوك الإماراتي هو ذلك التعاون الممتد والذي يصل لحد التطابق في المواقف بين الجانبين إزاء الملفين السوري والعراقي .
ويقول مراقبون انه في الوقت الذي كان فيه العالم العربي والإسلامي ينظر بحسرة لما يجري في سوريا وارتكاب نظام بشار حليف ايران لعشرات المذابح ضد أطفال سوريا وشعبها وصلت لحد استخدام الأسلحة الكيماوية كان بعض الساسة والمسؤولين الاماراتيين يدافعون عن نظام بشار ويبرأوه من استخدام الأسلحة الكيماوية بل ويتهمون المعارضة بارتكاب ذلك .
وإمعانا في دعم نظام بشار قامت الإمارات باستضافة عدد من أفراد أسرته وتوفير ملجأ آمن لهم على أراضيها وكان ذلك بالطبع بالترتيب مع إيران حامية حمى النظام السوري ، وكذلك سماح السلطات في أبوظبي بإقامة مراسم عزاء لبعض “شبيحة” النظام المتورطين في قتل أبناء الشعب السوري بدم بارد ، ثم موقفها الأخير بالتنسيق مع روسيا وعدد من الأطراف الإقليمية بإطلاق مبادرات ودعوات لحل الأزمة السورية تضمن بقاء بشار في الحكم أو وجوده في المرحلة الانتقالية وهو ما ترفضه السعودية تماما .
وعلى المنوال نفسه سارت سياسة أبوظبي في العراق بدعم حكومة المتطرف نوري المالكي حليف ايران القوي ، ففي الوقت الذي كان فيه المالكي يسب السعودية وقيادتها ليل نهار كانت أبو ظبي توفد الرسل لبغداد معلنة صراحة دعمها لحكومة المالكي وقيادته .
ويقول مراقبون ومحللون أن هناك الكثير والكثير الذي جعل مساعد وزير الخارجية الإيراني يبدي استغرابه بسببه من سياسة الإمارات الجديدة وهددت بفضحه وسائل الإعلام الإيرانية أو المقربة ربما يتكشف بعضها قريبا.