ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب بصور لشاب صوفي مغربي يدعى محمد العربي الصمدي، يقول أتباعه بأنه شيخ الطريقة الصمدية، ويظهر فيها محاطا بمريديه، بضعهم يقبلون على تقبيل يديه، وآخرون يقدمون له عبارات التبجيل التي تصل حد “القداسة”.
كرامات وخوارق
مريدو الصمدي، الذي يبدو مكتحل العينين وبلحية مشذبة بعناية، ينعتونه بصاحب الكرامات والخوارق، وبأنه “الشيخ المربي، والعارف بالله، والعالم العلامة، والصوام القوام، وفريد عصره، ونادرة زمانه، وغوث هذه الأمة، وقطب هذه الدولة، وبركة أقرانه، ونور الأنوار، وعلم الأعلام”، وهي أوصاف لا تبدو غريبة عن ما يسمونه أقطاب الصوفية.
وفيما يشبه تقديس وتمجيد الشاب الصوفي الذي قيل إنه ينحدر من “الدريسية” بمدينة طنجة، يصف مريدو محمد العربي الصمدي الذي بدا في جميع الصور مرتديا لجلباب صوفي معروف عند أهل الشمال، بكونه “سليل البيت النبوي”، و”إذا تكلم أسمع، وإذا خاطب أقنع، وإذا مد يده إلى شيء أبدع”.
صور وأخبار هذا الشاب الصوفي، الذي بات يجمع حوله مريدين وأتباعا كثرا، قصمت رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين من استهجن هذه الأفكار والصفات التي ينعته بها أنصاره، وبين من اعتبر الشاب صاحب كرامات حقيقية لا تخفى عمن يؤمون بقدرة أولياء الله”.
وقال المنتقدون إنه من العار والشنار أن يتم تقبيل يد بشر، والتمسح به، والتبرك بثيابه، ووصفه بالغوث والقطب وكل صفات القداسة التي لا تحق إلا لله وحده، في زمن انجلت فيه غشاوة الجهل والتخلف، وتبددت فيه سحب الشعوذة والدجل، في أتون القرن الواحد والعشرين”.
وفي الضفة المقابلة، نفى أتباع الشاب الصوفي تهم الدجل والشعوذة، وذكر بعضهم بأن الرجل لا يمارس شيئا من ذلك، وبأنه من يعرفه عن كثب وجدوا كراماته حقيقية، وقال آخرون إن “كبار رجالات الدولة والسياسة بالمغرب يترددون عليه للتبرك بهذا الشاب الصوفي.
سياقات تاريخية
الباحث في علم التصوف وتاريخ الزوايا في المغرب كمال الكوشي، قال إن ما تم تداوله بخصوص شاب قيل إنه صاحب كرامات بطنجة، يجب أن يوضع في سياقات تاريخية معيّنة تساعد على الفهم وإعطاء حكم موضوعي حوله.
وأوضح الكوشي في تصريحات لهسبريس، أن تاريخ عائلة الصمدي التي ينتمي إليها الشاب المذكور، لم يسجل أن ادعت ارتباطها بالتصوف أو تشكيل زاوية خاصة بها، مضيفا أن كل أبناء العائلة الذين اشتهروا بالنشاط الديني مع جماعة الدعوة والتبليغ أو مع الاتجاه المعروف بالسلفية العلمية، أو في إطار المجالس العلمية الرسمية.
وأكد الباحث المذكور، أن الشاب محمد العربي الصمدي، يدعي أنه ورث العلم والمشيخة عن جده لأمه، القريب عائليا من العلامة المعروف عبد الله كَنون، وأن الأصل ألا يصدر حكم أو موقف من مشيخته إلا بعد الاستماع لكلامه وما يُقرّ به هو بنفسه.
واعتبر الكوشي أن ظهور مثل هاته الحالات المدعية للكرامات وغيرها من السلوك الصوفي، ليس غريبا على المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن تاريخ المغرب حافل بمثل هذه الخرجات وأكثر منها “ضلالة وغلوا” ، ومنها حسب المتحدث، طائفة “العكاكزة” بمناطق الشرق والتي بلغت في ممارساتها ما لم يقبله المجتمع.
وأضاف المتحدث أن ظهور مثل هذه الخرجات التي تستند على التصوف وتسعى لاكتساب الشرعية عن طريق الزوايا والطرق، هو ما جعل السلطان المولى سليمان، يأمر بإلقاء خطبة جُمعة موحدة، أمر فيها بإلغاء المواسم الدينية وتحطيم الأضرحة، واعتبرها كانت سببا في ضعف الدولة بنشرها الأوهام والضلالات.
وتساءل الباحث في علم التصوف، عما إذا كان للشاب محمد العربي الصمدي علم شرعي يسمح له بتمييز السُّنة من البدعة، وعما إذا تصوفه منضبط للكتاب والسنة.
يُشار إلى أن والد الشاب المذكور، أدى بتصريحات صحفية قال فيها إن كل ما نُشر مجرد خرافات، موضحا أن ابنه هو “الرئيس المنتدب” للزاوية الصمدية التي تشتغل وفق القانون، نافيا صحة ما أُثير حول قطع ابنه محمد المسافة بين الدار البيضاء وطنجة في 12 دقيقة وغيرها مما اعتبر خوارق.
هسبريس ـ ع.المعتصم | ع.جبران