تطرقت الكثير من التقارير والبرامج التلفزيونية الفرنسية لظاهرة وجود طلبات جامعيات يعملن في سوق الدعارة لتغطية نفقاتهن المعيشية والاحتياجات الدراسية رغم ان الرسوم الجامعية رمزية وتوفر الحكومة منح دراسية وسكن للطلبة والطالبات الفرنسيات الا ان ارتفاع وغلاء المعيشة ورغبة البعض لرفاهية اكثر يدفعهم للولوج لهذا العالم المحفوف بالمخاطر فكثيرا ما تكون نهاية العاهرات تراجيدية ومفزعة ، تتحدث بعض التقارير عن وجود اكثر من 30.000عاهرة في باريس وحدها ورصدت بعض الاحصائيات وجود اكثر من200.000 عاهرة في فرنسا معظمهن اجنيات ومتوسط دخل الواحدة 2000 يوروشهريا، لكن تكشف الدراسات عن وجود عصابات تدير شبكات الدعارة ووجود حالات استغلال كون معظم الدخل يذهب لهذه العصابات اوللقوادين الذين يجلبون العاهرات وتوجد فيئة قليلة تعمل لحسابها الخاص دون دفع اتاوات لعصابات اوقوادين. وتحتل العاهرات من اصول عربية خصوصا المغاربية نسبة لا باس بها وتشير بعض التقارير لوجود نسبة من الطالبات العربيات القادمات من دول مغاربية للدراسة الجامعية وليس لهن دعما ماديا اومنح دراسية بعضهن يتجه لمزاولة الدعارة في اجازة الاسبوع للحصول على المال.
في فيلم شابة وجميلة للمخرج الفرنسي فرانسوا أوزون تطرق لظاهرة دخول مراهقات لسوق الدعارة فالبطلة المراهقة تقول انها اندفعت لهذة المغامرة بعد مشاهدتها فيلما وثائقيا عن دعارة طالبات جامعيات ويكشف الفيلم وجود اثريا يدفعون بسخاء لمثل هذه النوعية.
سنركز في هذا التقرير على الطالبات العربيات لنطرح بعض الاسئله اهمها ما الدوافع لمزاولة الدعارة؟ هل من حلول للخروج من هذا الوحل؟ كيف تعيش هذه الفئة؟ ماذا عن الاهل والعائلة؟ ونقاط اخرى عديدة.
التقينا بفتاة طالبة باحدى الجامعات بمدينة لا تبعد كثيرا عن باريس، اتفقت مع زميلات لها يسرن في نفس الاتجاه على تكوين جمعية الوردة الحمراء ــــ لمياء هكذا تسمي نفسها اسم المهنة وافقت على الحديث لنا بشرط عدم نشر صورة لها ولرفيقاتها وعدم كتابة اي وصف مباشر اوغير مباشر يدل على اي شخصية تقبل الحديث معنا ــــ كما ابدت استعدادها لادلاء بشهادتها في فيلم وثائقي مصور شرط دفع مبلغ مالي وعدم اظهار وجهها وحجب صوتها الحقيقي لكني افهمتها ان التقرير صحفي وفي حال وجود منتج يمكن العمل على تصوير فيلم وثائقي عن هذه الظاهرة.
تقول لمياء : ” الدافع لمزاولة هذه المهنة الخطرة هوالمال ــــ انا طالبة جامعية احتاج لدفع تكاليف السكن والماكل والملبس واحتياجات دراسية واخرى شخصية تعلم جيدا احتياجات البنات اضف لذلك السجائر والخروج مع الزميلات وتكاليف السفر وهدايا للعائلة في الاجازات وكذا ادعم ماديا عائلتي..اقنعت والدي بتسفيري فاستدان كثيرا واعلمته اني ساعمل لتامين احتياجاتي كنت اظن هذا سهلا، عندما وصلت الى هنا وجدت صعوبة للحصول على عمل ــــ بعد فترة عصيبة كنت اعمل كخادمة واحصل على ثلاثة يوروفي الساعة..عمل شاق ومرهق بعدها تعرفت على رفيقة قادتني فقبلت وبعدها تغيرت حياتي سددت ديون والدي وارسلت لهم ملابس وبعض المال واعيش بشكل جيد.. اعمل في اجازة الاسبوع نذهب انا وزميلاتي الى باريس لا احد يعرفنا كون باريس مدينة كبيرة وسوق الطلب مفتوحا والعمل مضمونا وزبائننا من السياح خصوصا من الخليج يدفعون جيدا ويفضلون العربيات عن الرومانيات اوالافريقيات اوالصينيات..اصبحنا نعلم مطالبهم اقصد الزبائن شوية دلع وغنج وتمدح وتنفخ في الزبون احيانا هناك من قد يدفع الف يورومقابل ساعة اوعدة ساعات.. الخليجيون في باريس الذين ياتون للسياحة اوالبزنيس هم كرماء لمن يعرف مفاتيحهم، اصبحت محترفة ومتخصصة مع هذا النوع ..العمل سهل والمكسب وفير.فكرنا في عمل جمعية صغيرة خاصة بنا، عددنا قليل ولا نروج لها، نخشى افتضاح امرنا في بلداننا..تعلم جيدا ماذا تعني كلمة الشرف؟ لكنها الظروف القاهرة وعوامل اخرى كثيرة وهذا الطريق متى خطوت فيه خطوة يجرفك التيار بقوة.”
سالناه : هل تعلم عائلتها بهذا؟
ردت بالنفي قائلة : لا طبعا اخبرتهم اني وجدت عملا جيدا..نحن لا نظهر مكسبنا نعيش كبقية الطالبات في الجامعة ولا يعلم احدا بهذا السر، لا ادري هل ساتوقف يوما ربما لووجدت زوجا يمتلك امكانيات مادية جيدة اوبعد اكمال الجامعة والحصول على عمل لا ادري.”
ثم تحدثت لنا رفيقتها تسمي نفسها شريفة تقول : ” قصتي لا تختلف كثيرا عن قصة لمياء مررت بنفس الظروف القاسية، بلدننا لا تدعم ابنائها المنح الدراسية تصرف لفئة قليلة ابناء ذوي المراكز والمناصب يجدون دعما ورعاية خاصة..سلكت هذا الطريق كي اعيش واساعد اهلي ولكن اود اخبركم اني عذراء لم اتنازل عن عذريتي سامنحها لزوج المستقبل، انا عادية واقل من متوسطة الجمال لكني امنح الزبون عن طريق المداعبات والملامسات واستخدم فمي..يعني مفهوم مش عاوزة شرح؟ ( تضحك وتواصل) قد اسمح للزبون يعمل ما يريدة من الخلف في حال الثمن المغري ليس دائما.”
ثم تتحدث عن الجمعية وكيف يعملون فتقول ” جمعيتنا ليست مسجلة رسميا هي بيننا لنا نظام داخلي واتفاق اشبه بميثاق شرف نتعاون، نتبادل الخبرات ــــ توجد مثل هكذا جمعيات وروابط في باريس ومارسيليا والمدن السياحية الكبيرة، نحن لا ننتسب لجمعيات ونقابات العاهرات الرسمية يوجد الكثير منها هنا وكذلك الصليب الاحمر يقدم مساعدات لمن يذهب اليه، نحن نعرف ما نريد ولسنا في اطار الاحتراف، احكي لكم كانت لنا رفيقة بكلية الهندسة عملت معنا واكملت دراستها ثم وجدت الزوج والعمل فتوقفت عن ممارسة الدعارة وهي تعيش حياة مستقرة ..مزولتي شخصيا لا اتمنى ان تطول لووجدت حلا زواج اوعمل بدخل مناسب هوب ساترك هذا القارب المقرف، احيانا يصيبني الهم خصوصا في بداية المشوار لكن هناك مخاطر ندعوالله يحفظ.”
نصل الى وردة اخر المتحدثات تقول : ” اكيد هناك من سيلعننا من القراء اقول لهم من ليس له خطيئة فاليرجمني بحجر، هناك شبان طلبة ايضا في سوق الدعارة بنفس الدوافع يبيعون اجسادهم هي تكاليف الحياة ولكن نحن جرفنا التيار الله اعلم الى اين؟ واحدها طالبة وجدوها جثة مشوهة وبعد التحقيق انكشفت حقيقتها وكتبت الصحف وكانت فضيحة اهلها بجلاجل كما تقولون..كلما اذهب للعمل كعاهرة اخرج من شخصيتي واتقمص شخصية اخرى ليوم اوايام في الاسبوع شخصية متناقضة مختلفة في كل شيء الملبس والكلام والمشي وطريقة الاكل..هي الظروف نعم ولكن الحظ العاثر اعرف زميلة نحتت في الصخر واكلت التراب وحافظت على نفسها وشرفها، انا اشعر اني ملطخة بالوسخ لعل من ايجابيات الجمعية اننا نتحدث لبعضنا نبكي ونضحك ونولول ونندب حظنا ثم نهرب من واقعنا نشرب الكحول ونحشش ونتناول ادوية مخدرة يعني حياة مرتبكة.”
يتحدث لنا رشاد عضوبرابطة طلابية مغاربية فيقول : ” نعم سمعنا عن جمعيات لطالبات يمارسن الجنس لدوافع معيشية للاسف نحن جمعيات فقيرة لا نقدر مساعدة الكثيرين وفعلا ظاهرة الطالبات والطلبة العرب الذين يتجهون لسوق الجنس في تزايد والمسؤولية تقع على العائلة كيف تدع ابنك اوابنتك تسافر للدراسة وانت لا تملك امكانيات مادية وتعلم ان بلد مثل فرنسا المعيشة غالية والبطالة منتشرة انتم تقذفون بابنائكم وبناتكم الى المجهول والصعب..فعلا هناك من يدرك المأزق ويعود وهذا ليس عيبا، وكذلك هناك تقصير من الحكومات بعدم الدعم ولووصل اي شخص لاي قنصلية يشكوالجوع سيطردونه ولوذهب للصليب الاحمر على الاقل سيعطونه وجبة واما جمعياتنا جدا فقيرة نساعد قدر المستطاع ونعلم بوجود مأسي لكن ما باليد حيلة ليت الدول المتخمة بالمال والنفط تعمل هيئات لدعم الطلبة والطالبات لكنهم يصرفون المليارات في المظاهر والاحتفالات وشراء الاسلحة ونشر الفتن بين الشعوب وقد يقدمون مئات الملاين لبعض الجامعات للحصول على شهادات فخرية يعني تفاخر ورياء ونفاق.”
حاولنا الاتصال ومناقشة الموضوع مع بعض القنصليات العربية وجدنا رفضا للادلاء باي راي احدهم قال وهويصرخ :” بلدان المغرب العربي اصبح بها جامعات راقية وتخصصات متنوعة ونوعية علمية وادبية وفنية والحكومات تدعم الطلبة والطالبات بمساكن جامعية وغير ذلك..من ياتي الى هنا دون منحة اوامكانيات يتحمل مسؤولية قراره اما بعد ذلك يعملون بالدعارة اويكونون جمعيات للعهر هم من يتحمل ما يحدث لهم..يكفي كذب ومزايدات بلدننا فيها تعليم وخير كثير، البعض يقصد تشويه الدول المغاربية بمزايدات وتزييف وتشويه مقصود.”
نختم الموضوع بالحديث مع الدكتور لوكا اخصائي نفساني فيقول : ” طالبات اوطلبة في سوق الدعارة واقع معاش لا يمكن نكرانه وتاتيني بعض الحالات مصابة بانهيارات عصبية وانفصام في الشخصية وحالات اكتئاب خصوصا لمن له جذور دينية جميع الاديان تحرم العمل في الدعارة ـــ المختلف ان من ياتي من بلدان مسلمة لها عادات وتقاليد والدين حيا ليس كما وصلنا له في بلدان الغرب.
يعني الشخص يصارع الداخل والخارج تكثر الضغوطات وجود جمعيات لهذه الفئة ظاهرة صحية تخفف قليلا من الضغط وتانيب الضمير لكننا علينا البحث عن حلول جذرية.”
الى هنا نتوقف فالموضوع متشعب واحيانا تتطرق اليه الصحافة العربية في عجالة دون التعمق بالظاهرة والتعرف على نماذج تعيش هذا الواقع المر ومحاولة فهمه والبحث عن حلول عملية معقولة وممكنة التطبيق ولعل الاباء يتحملون جزء كبيرا من المسؤولية وكذا يجب الاشارة ان ليس كل طالبة تذهب للدعارة لم نقصد التعميم يتضح حسب ما حدثتنا النماذج هناك من ينحت الصخر ويسف التراب ويحافظ على شرفه وهناك من يعود لوطنه ويكمل الدراسة هناك وهناك من يسقط في وحل الدعارة.
باريس ـ حميد عقبي