في تقرير كتبه مراسل صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” في الرياض، أفاد أن الدائرة المقربة من الرئيس هادي، المحصنة في السعودية، تعمل على حشد زعماء القبائل لمقاومة المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق كثيرة في اليمن. والخطر، وفقا للتقرير، أنه إذا ما استعادوا الحكم، فإن الحكومة المركزية ستظهر بسلطة محدودة.
وتلتقي ما تبقى من التشكيلة الحكومية اليمنية، الهاربة، باستمرار في الرياض مع زعماء القبائل اليمنية والدبلوماسيين الغربيين والقادة العسكريين السعوديين. ويرددون هناك عبارات مثل “الحوار وطني” و”بناء المؤسسات”، كما يتحدثون عن خططهم السياسية لما بعد الحرب.
ولكن خطة من أجل النصر، وفقا للتقرير، قد تحتوي على بذور هزيمة للدولة اليمنية الموحدة. كما هو الحال في ليبيا، فإن تسليح ميليشيات محلية للإطاحة بعدو مشترك يمكن أن تصعَب من مهمة استعادة السلطة المركزية في أعقاب حرب أهلية.
على مدى الأسبوعين الماضيين، عمل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي تدعمه الأمم المتحدة، على تشكيل ائتلاف واسع من القبائل اليمنية المدعومة من التدخل العسكري العربي ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران.
والنتيجة هي تشكيل ائتلاف القبائل يضم حوالي 70 ألف مقاتل. ويقول مسؤولون يمنيون إنهم يستعدون لاستعادة السيطرة على مدينة عدن الجنوبية “خلال أيام”، والمحاربة من هناك للسيطرة على بقية اليمن.
“من اليوم الأول، بنينا تحالفا يضم جميع شرائح المجتمع اليمني للعودة إلى سيادة القانون”، كما قال ياسين مكاوي، وهو مساعد مقرب من هادي الذي أجرى العديد من المحادثات مع زعماء القبائل اليمنية. ويقيم هادي حاليَا في الرياض تحت حراسة أمنية مشددة. وأضاف: “سنكون في عدن قريبا لبدء معركة طويلة”.
وحتى الآن، وفقا للتقرير، لم توقف حملة القصف التي تقودها السعودية تقدم الحوثيين الذين تدعمهم وحدات عسكرية موالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. يوم الخميس، استولى الحوثيون على مدينة العتق مركز محافظة شبوة الغنية بالنفط، بعد أيام من الاشتباكات تلتها مفاوضات مع القبائل المحلية وبتسهيل من قيادات عسكرية موالية لصالح والحوثي، وفقا لتقارير إخبارية.
بالنسبة لحكومة هادي في المنفى، فإن الرهانات كبيرة. فمن أجل كسب دعم العشرات من القبائل في جنوب ووسط اليمن، اتفق مسؤولون على نقل المزيد من سلطات الحكومة، مستقبلا، للمحافظات والمناطق القبلية، التي تهدد وحدة الدولة. إذ يرى بعض زعماء القبائل اليمنية في الوضع فرصة للضغط من أجل مزيد من الحكم الذاتي، وربما الاستقلال.
“كلنا مع يمن ديمقراطية مع سلطات أكبر في أيدي الناس”، كما صرح عبد الله الكثيري، رئيس أكبر قبيلة في حضرموت، وهي مقاطعة غنية في شرق اليمن، والذي تحدث بصراحة عن الاستقلال.
ويتفق المسؤولون في المنفى أن تسليح وعسكرة القبائل السنية في جميع أنحاء البلاد قد يوجدان “ليبيا ثانية”، حيث تتجول الميليشيات القبلية من دون منازع وترفض التجاوب مع الحكومة المركزية الضعيفة.
“نحن لا نريد وضع الأسلحة الثقيلة في أيدي القبائل ليكون لهم التصرف خارج الجيش”، كما قال وزير النقل بدر مبارك باسلمة، الذي قاد المحادثات مع ممثلي القبائل. وأضاف: “نحن لا نريد التخلص من علي عبد الله صالح لنجد أنفسنا مع عشرات من أمثال علي صالح”.
في السر، كما كتب مراسل الصحيفة، فإن الدائرة الضيقة لهادي تقر أن الحرب قد تستغرق وقتا طويلا ضد ميليشيات الحوثيـين، المسلحين بشكل جيد، والوحدات العسكرية الموالية لصالح.
ويفتخر الحوثيون بأن قوتهم المقاتلة تتراوح بين 80ألف و100 ألف، في حين تقدر القوات الموالية لصالح بحوالي 20 ألف، نقلا عن مسؤولين في الحكومة اليمنية ومراقبين.
كما يتباهى مقاتلو الحوثي وصالح بتفوق قوة نيرانهم، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن معسكر صالح يضم وحدات عسكرية بأكملها مع ولاء قوي للداعم السياسي والمالي لهم. وبعض هذه المعدات هو إرث من المساعدات العسكرية الأمريكية إلى اليمن خلال حكم صالح، والتي استمرت في ظل حكومة هادي.
وقد سبق للحوثيين أن سيطروا على المنشآت الحيوية العسكرية خارج صنعاء والمستودعات من الآر بي جي، الدبابات، القنابل اليدوية وقاذفات الصواريخ الخارقة للدروع.
وبالنظر إلى قوة النيران المتفوقة هذه، فإن إستراتيجية حكومة هادي هي التغلب على الميليشيات مع قدر أكبر من المقاتلين والمتحالفين وحث المجموعات القبلية والسياسية على التظاهر في كل مدينة وقرية ضد ما يراه الكثيرون من “الغزاة” الحوثيين.
وقد كُلفت ستة مجالس عسكرية – مشكلة من ضباط موالين لهادي- بالتنسيق مع الميليشيات القبلية المحلية والحملة الجوية بقيادة السعودية.
ونجحت المجالس في تحريك انتفاضات مسلحة في عدن، فضلا عن تعز في محافظة مأرب الغنية بالنفط مأرب.
ولكن بسبب التفاوت في الأسلحة وعدم وجود وحدة متماسكة، فشلت الميليشيات الموالية للحكومة حتى في تأمين عدن، التي اتخذها هادي عاصمة مؤقتة بعد هروبه من صنعاء.
* التدخل العربي المحدود:
ولاستعادة عدن، كما أورد التقرير، يستعد مئات من القوات الخاصة المصرية والسعودية للانتشار في المدينة الساحلية. ومع اشتداد القتال في عدن، تتوقع المصادر الرسمية السعودية واليمنية بدء العملية “خلال الأسبوع المقبل”.
ومع ذلك، فتحسبا للتورط في معركة طويلة الأمد، أوقفت الرياض والقاهرة تدخلا محدودا للقوات البرية في البداية وانتقلت إلى خيار توسيع الحرب، بالقصف الجوي، في جميع أنحاء اليمن.
“نحن ملتزمون بتحرير عدن وإعادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا، وهذا هو كل ما يجري مناقشته الآن”، كما أفصح ضابط الارتباط العسكري السعودي على مقربة من العمليات.
بدلا من ذلك، ستُستخدم قوة عربية مشتركة لتنفيذ عمليات دقيقة كما قال مسؤولون في الحكومة اليمنية، ولا تُستخدم القوة إلا لتحويل دفة الأمور في معارك رئيسية في جنوب اليمن.
هذا، وقد بدأت الولايات المتحدة في تنفيذ إجراء التزود بالوقود الجوي لطائرات التحالف التي تقودها السعودية. وتعهدت أيضا بتسريع تسليم الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى.
* المأزق الشمالي:
وحتى تستعيد موطئ قدم في اليمن، فإن حكومة هادي تحضر لما يبدو أنها أكبر عقبة في استعادة السيطرة، ونعني بها الشمال.
ورغم جولات من المحادثات المطولة مع زعماء قبائل الشمال وقادته السياسيين في الرياض، فشل هادي وفريقه، بحسب ما ورد، في العثور على شركاء جاهزين ومستعدين للوقوف في وجه قوات صالح والحوثيين على أرضه ووسط جماهيره.
وكشف الوزير اليمني باسلمة للصحيفة قائلا: “هناك معارضون لصالح والحوثيين في الشمال، لكنهم يخشون من الهزيمة”، وأضاف: “وعن طريق كسر قوة صالح والحوثي العسكرية، سوف نحطم حاجز الخوف لنرى الناس في الشمال على استعداد للوقوف”.
مقابل مشاركتهم، وفقا للتقرير، يريد زعماء الشمال ضمانات لتمكينهم من نفوذ قوي وسلطة واسعة في منطقتهم، والتي كانت جمهورية مستقلة خلال 1962-1990، وحظيت بمكانة مميزة في وظائف الحكومة خلال حكم صالح الطويل.
ولم تلتزم الحكومة حتى الآن بمنح قدر أكبر من الاستقلال لشمال تتجاوز ما وافقت عليه مختلف الأطراف في الحوار الوطني الذي انتهى قبل عامين. ولكن وافقت على السماح لهم بمزيد من الحكم الذاتي في إطار نظام اتحادي.