حظيت مجلّة “فيلفيت” (Velvet)، التي تصدر منذ العام 2010 في دبي، في إعلام دول الخليج بوصف “موضة العالم العربي”. جاء في موقع المجلّة عنها بأنّها “مجلة شهرية تنظر إلى الغرب ولكنها تفكّر بالشرق. إنها تجمع بين الأساليب والاتجاهات العالمية، ولكنها تظلّ وفيّة للجذور العربية”. الوجه الذي يقف وراء هذا المشروع هو الشيخة هند فيصل القاسمي، المؤسسة، الناشرة ورئيسة التحرير.
في مقابلة خاصة وافقت الشيخة على تقديمها للمراسلة الإسرائيلية رونيت دومكا في مجلة The Marker Women، تحكي عن عملها كامرأة صانعة للرأي في مجال تمكين المرأة والأزياء في العالم العربي، وتحكي عن حلمها في رؤية شرق أوسط رصين، يشهد السلام، وأيضا عن حلمها في زيارة إسرائيل إذا حلّ السلام.
القاسمي هي ابنة عائلة تسيطر على إمارة الشارقة الصغيرة، والتي تنتمي للإمارات العربية المتحدة، ومتزوجة من الشيخ عبد الله سعود آل ثاني من العائلة المالكة القطرية. في مثل هذا المركز النبيل، كان بإمكانها أن تنفق حياتها، كالكثيرين في إمارات الخليج الغنية، في الجلوس بالمقاهي والتسوّق في المراكز التجارية الراقية في دبي. بدلا من ذلك، فضّلت القاسمي، وهي أم لطفلين، أن تعمل. وكثيرًا.
القاسمي هي شخصية بارزة في مشهد الأزياء في دول الخليج. بعد دراستها للهندسة المعمارية، قرّرت التوجه إلى تصميم الأزياء. لديها دار أزياء خاصة بها، House of Hend، تصمّم الملابس الإسلامية التقليدية مع لمسة عصرية، وقد أسّست نقابة لمصمّمي الأزياء، تعقد بشكل منتظم عروض أزياء تُعرض فيها نماذج لمصمّمين شباب، بل وبادرت إلى أسبوع الموضة الأول في العاصمة القطرية، الدوحة.
وهناك بالطبع “فيلفيت”، التي توفّر كلّ شهر منصّة للمصمّمين في المنطقة. “طموحي الرئيسي أن أكون صوت صناعة الأزياء في الشرق الأوسط”، كما تقول القاسمي. مجلّتها “تتوجّه إلى المرأة العصرية التي تريد أن تبقى متابعة للاتجاهات اليوم”، بحسب موقع “فيلفيت”. 92% من قرّاء المجلّة هنّ من النساء، ومعظمهنّ في سنّ 23-45. 65% من القارئات هنّ من الإمارات العربيّة المتّحدة، 15% من قطر، والبقية من الكويت، لبنان، عمان والبحرين.
قوة من حرفيّي المنسوجات
تطوّر في الشرق الأوسط عدد غير قليل من مصمّمي الأزياء المعروفين، والذين ترتدي ملابسهم معظم النجمات على السجادة الحمراء في أكبر أحداث صناعة التألق.
“تتطوّر النساء المسلمات، في الإمارات العربية المتحدة وفي العديد من الدول في الشرق الأوسط، بسرعة بفضل زيادة فرص الوصول إلى التعليم، السفر، الانفتاح على الشركات وغير ذلك. حيث يصبحن عالميّات، عصريّات وذوات وعي لا يقلّ عن غالبية النساء في المناطق الأخرى من العالم”
“هذه المنطقة من العالم هي قوة من أصحاب الحرف المتميّزين، المنسوجات والزينة، ومع تِركة قرون من المهارات”، كما تقول القاسمي. “هناك الكثير من الشهيرات يرتدين ملابس مصمّمين من الشرق الأوسط، سواء كان ذلك على السجادة الحمراء، في مقاطع الفيديو أو في الأفلام، والطريقة التي ينظر بها الغرب إلينا قد تغيّرت جدّا في العقد الأخير. يمرّ الشرق الأوسط بالتحديث السريع، مع اقتصادات قوية، ونحن نستخدم تراثنا من أجل تحقيق أكبر قدر من ميّزاتنا”.
رغم أنّ الملابس التقليدية للمرأة المسلمة قد تبدو في أعين الغرب بعيدة عن أن تكون عصرية، توضح القاسمي بأنّها تستمع تحديدا في تصميم أزياء تحافظ على التقاليد. “تتطوّر النساء المسلمات، في الإمارات العربية المتحدة وفي العديد من الدول في الشرق الأوسط، بسرعة بفضل زيادة فرص الوصول إلى التعليم، السفر، الانفتاح على الشركات وغير ذلك. حيث يصبحن عالميّات، عصريّات وذوات وعي لا يقلّ عن غالبية النساء في المناطق الأخرى من العالم”.
تصف القاسمي أسلوب أزيائها بالكلاسيكي، ولكنها تحبّ أحيانا إدخال بعض اللمسات على الملابس. “لدي حسّ متطرّف قليلا في الأزياء، حيث من الصعب شرحه. إنه بسيط وكلاسيكي، ولكن في نفس الوقت عصري، مع احترام التقاليد والثقافة. يمكن التعرّف على تصميماتي لدى مشاهدتها على مسار العرض. أنا تقريبا أرتدي دائما تصميماتي فقط”.
هناك طلب كبير على الأزياء الإسلامية الفاخرة. حتى عام 2013 بلغت قيمة سوق الأزياء الإسلامي نحو 96 مليار دولار وهو مستمرّ في النموّ بسرعة، وفقا لتقديرات رمانة بنت أبو بكر، مبادرة وشريكة في شركة Souq Strategies، والتي تقدّم الاستشارات للشركات الأوروبية التي تسعى إلى العمل في العالم العربي، والمدير التنفيذي لبوابة الأزياء Hautarabia.com.
“جميعهن مصابات بحمّى المبادرات”
في السنوات الأخيرة، هناك فعلا المزيد والمزيد من المبادِرات الشابات في دول الخليج، واللاتي ينشئن أعمالهنّ الخاصة. تشكّل النساء نحو 30% من الأعمال في الإمارات العربية المتحدة، وفقا لتقرير المبادرات في جامعة زايد عام 2013، وعدد المبادرات يتزايد طوال الوقت.
نسبة مشاركة النساء عموما في قوة العمل في الخليج قفزت في السنوات الماضية، من أقلّ من 5% من موظفي القطاع العامّ عام 1975، إلى 13% عام 1995 و 59% عام 2012. إلى جانب تشجيع السلطات، تساهم في ذلك أيضًا ظروف العمل المريحة. يوم العمل في معظم دول الخليج قصير (في قطر على سبيل المثال يستمر في المعدّل لساعتين و 42 دقيقة للموظّفين المحلّيين) وينتهي في حوالي الساعة 14:30، ممّا لا يتطلّب من المرأة أن تختار بين الأسرة وإقامة عمل تجاري.
“كانت النساء العربيات دوما بيتيّات أكثر و “نسويات”، ولكن لديهنّ الآن إمكانية الحصول على التعليم الدولي، حتى دخولهن للجامعات الأمريكية، الكندية، البريطانية والأسترالية، بالإضافة إلى التغييرات في الجامعات المحلية”، كما توضح القاسمي. “يفتح التعليم الأبواب وترغب الكثير من الفتيات الآن بمهن غير تقليدية”.
عندما اتصلنا للمرة الأولى بالقاسمي كان ذلك في وقت عملية “الجرف الصامد”، وقد تردّدت. “أنا أعارض الحرب”، كما أوضحت. “لقد نشبت بسبب قتل مجموعة من الشبان الأبرياء ولكنها تحوّلت إلى حرب كبيرة وقبيحة. لا أعرف كثيرا عن السياسة في إسرائيل، ولكنني حقا أؤمن بالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. أدعم الجمعيات الخيرية متى استطعت ذلك، وأخطّط لزيارة إسرائيل”.
وقالت أيضًا إنّها مهتمّة بالأزياء الإسرائيلية. “أنا بشكل شخصيّ معجبة بمصمّم فساتين الزفاف الإسرائيلي ياكي ربيد. إدراكه للأبعاد والأنماط مع المزج بالأقمشة والأنسجة الجميلة التي تثير الإلهام”.
رغم كل ما تقوم به للنهوض بالمرأة، تقول القاسمي “لا أرى نفسي مروّجة لأجندة نسوية”، ولكنها تضيف بأنّها “تشعر بأنّ لدى النساء بعض الميزات التي تتفوق فيها على الرجال”. بحسب كلامها، إنّ الدمج المثالي للجنسين بإمكانه أن يمهّد الطريق إلى الازدهار والسلام.
نُشر هذا المقال لأول مرة في موقع Women The Marker، العدد آذار 2015