بعد أسبوعين من حملة عسكرية بقيادة السعودية في اليمن، يبدو أن الضربات الجوية قد سرَعت في تقسيم البلاد إلى قبائل وميليشيات متحاربة، في حين لم تفعل إلا القليل لتحقيق هدف إعادة الرئيس اليمني المخلوع إلى السلطة، كما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير نشرته اليوم عن محللين وسكان محليين.
ويقول محللون إن المتمردين الحوثيين اندفعوا قدما في هجومهم، ويبدو أنهم تمكنوا من حماية العديد من مخزون أسلحتهم من قصف التحالف.
ورأى تقرير الصحيفة أن المعارك أوجدت أزمات، وبشكل متزايد، تتجاوز مواجهة المتمردين المعارضين للرئيس عبد ربه منصور هادي والقوى الداعمة لهم، إذ إن الصراع قلل من إمدادات المياه والمواد الغذائية المتاحة في بلد يعاني بالفعل من مستويات خطيرة من سوء التغذية، كما أغرى الفراغ الأمني بتقدم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وبالنسبة للحكومة السعودية وحلفائها، فإن العملية العسكرية في اليمن قد تتحول إلى مستنقع، كما أفاد محللون.
“ما انجر عن كل هذا، ليس مجرد تشريد الملايين من الناس، ولكن أيضا الانتشار الهائل للمرض والجوع وعدم إمكانية الوصول إلى المياه، مع بيئة ملائمة لنشاط الجماعات المتطرفة”، كما قال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية. وأضاف: “الصراع في اليمن يمكن أن يصبح حالة لا أحد فيها يمكنه معرفة من الذي بدأ هذه المعركة أو كيفية وضع حد لها”.
ونقل التقرر عن تيودور كاراسيك، وهو محلل في شؤون القضايا العسكرية في الشرق الأوسط مقيم في دبي، قوله إن الإمارات والأردن قد انضمتا إلى المملكة في عملية الحزم التي دمرت عشرات القواعد العسكرية والأسلحة مستودعات، كما تلقى السعوديون أيضا دعما من القوات البحرية المصرية لمراقبة السواحل اليمنية.
ومع ذلك، كما قال “كاراسيك”، يظهر أن المتمردين الحوثيين قد نجحوا في إخفاء مخازن كبيرة من الأسلحة وحمايتها من القصف، ربما عن طريق نقلها إلى المناطق الجبلية في شمال صعدة، معقل المتمردين، ورأى أن تدمير تلك الأسلحة وإقناع الحوثيين بوقف هجومهم والموافقة على محادثات السلام، يتطلب هجوما بريا.
“وهذا يوضح، كما أفاد، بأن القوة الجوية وحدها لا يمكنها تخليص القوات البرية للعدو من أسلحته وقدراته”، وأضاف: “إن الضربات تفرق شملهم، ولكن ستدفعهم لإخفاء أسلحتهم”.
وقال التقرير إن القوات البرية ستواجه مقاومة شديدة من ميليشيات الحوثي، فقد سبق لهم وأن استولوا على أجزاء من جنوب السعودية خلال حرب قصيرة في عام 2009، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 جندي سعودي.
ولم تستبعد المملكة هجوما بريا، ولكنَ حلفاءها بدوا حذرين من مثل هذه الخطوة. وطلبت المملكة من باكستان التعهد بالمشاركة في الحملة، ولكن البلد منقسم بشدة بشأن المشاركة في العملية التي يمكن أن تثير غضب أقليتهم الشيعية.
وقال عماد سلامة، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الجامعة اللبنانية الأميركية، إنه رغم المخاطر، فإن القصف الجوي استمر وربما يكون احتمال توغل بري الخيار الوحيد أمام السعودية. ورأى أن المسؤولين في الرياض ربما يشعرون بالقلق من أن التراجع عن هذا يمكن أن ينظر إليه على أنه ضعف، وخاصة من قبل إيران.
وقال التقرير إن الحملة الجوية في اليمن هي جزء من سياسة الحزم السعودية التي ظهرت عليها مؤخرا في المنطقة بدافع القلق بشأن الاتفاق المحتمل حول برنامج إيران النووي، إذ إن السعوديين يخشون من أن مثل هذه الصفقة قد تفضي إلى اعتراف الولايات المتحدة بتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة.
وقال السعوديون إنهم يريدون إعادة هادي إلى الحكم، لكن قاعدة دعم الرئيس –بين الجيش المنقسم والجمهور- يبدو أنها تضعف، وفقا لما أورده تقرير صحيفة “واشنطن بوست”.