“من المليون وحدة.. إلى المليون فدان.. إلخ من المشروعات الكثيرة التى تعلن عنها الحكومة بين الحين والآخر، وسط ضجة إعلامية كبرى وترويج دون تفاصيل وشرح لآليات التنفيذ، ثم يختفى المشروع، سواء فى أروقة الحكومة أو فى وسائل الترويج والإعلام، ليصبح السؤال: هل تبيع الدولة التروماي للشعب؟
المليون فدان
ورفض البنك الدولي في اجتماعه مع ممثلي وزارتي الزراعة والري التعرف على تفاصيل مشروع استصلاح مليون فدان، لعدم وجود أي دراسات حقيقية تجيب عن تساؤلاتهم، حول مصادر المياه المتوفرة وكمياتها، ويأتي المشروع ضمن مبادرة الرئيس السيسي لاستصلاح 4 ملايين فدان خلال 4 أعوام.
وقال الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إن مصر لا تستطيع تنفيذ تلك المشروعات بمفردها، لعدم وجود السيولة، في ظل معدل ادخار منخفض، وعجز بلغ 250 مليار جنيه في الموازنة الحالية.
وأضاف أن استصلاح 4 ملايين فدان على المياه الجوفية تكلفتها عالية جدا، وتصل أقل تكلفة للبئر الواحدة إلى مليون جنيه، وتحتاج لتكنولوجيا وخبرات كبيرة، لافتا إلى أن المياه في توشكى تذهب للصحراء بعد رفعها 900 متر، وبالتالي استصلاح الأراضي ليس أمرا سهلا.
وأكد أن الاستصلاح يحتاج لوقت ومن الصعوبة التنفيذ في 4 سنوات، ولا بديل عن جذب رؤوس الأموال للاستثمار، ووجود ثقافة اقتصادية حقيقية لدى الشعب لاستيعاب المشكلات وعلى الحكومة أن تصارحها بها.
المليون وحدة
ومن بين المشروعات التي كانت مثار سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي مشروع المليون وحدة، الذي كان من المزمع تنفيذه من جانب شركة آرابتك الإماراتية، بعد أن قال اللواء كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، المسؤولة عن تنفيذ مشروع المليون وحدة، إن المشروع الذي تم توقيع بروتوكول مع شركة “أرابتك” الإماراتية، قد “توقف”، ما يعني فشل المشروع، وفشل تسليمه في ميعاده المعلن.
وبعد عودة المفاوضات مع الشركة وفي بيان لها قالت وزارة الإسكان إن مجلس الوزراء وافق على منح شركة أرابتك الإماراتية أراضى لبناء 100 ألف وحدة سكنية على أن يكون سعر الأرض هو تكلفة المرافق ويتم سداد قيمتها عن طريق حصص عينية، أى الحصول على وحدات سكنية نظير الأرض على ألا تزيد أرباح الشركة على نسبة 7.5% من تكلفة المشروع، وهو ما انتقده البعض لأن الشركات تبحث عن الربح ولايمكن أن تربح بأقل من فائدة البنوك التي تصل في أقل مستوياتها إلى 9%.
وبعد مرور عام من الجدل منذ توقيع الاتفاق مع الشركة الإماراتية والضجة التى صاحبت التوقيع، لم يتم وضع طوبة واحدة فى المشروع الوهمى.
المركز اللوجستي
ولم ينج مشروع وزير التموين خالد حنفي بتحويل مصر إلى محور لوجيستي عالمي لتخزين وتداول الحبوب من السخرية والانتقادات، في دولة لم تحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب حتى الآن.
وقال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد رئيس قسم الاقتصاد السابق بأكاديمية السادات، إن إعلان الحكومة تنفيذ مشروعات هو بمثابة التزام وليس اقتراحا، ولكن التساؤل متى وكيف ينفذ؟
وأضاف أن التمويل يمكن أن يكون من القطاع الخاص والمشاركة بين العام والخاص ومن المجتمع المدني عبر تنويع مصادر التمويل، المهم البدء فى التنفيذ، مشيرا إلى أنه لا يجب على الحكومة أن تجعل الشعب يحلم وينتظر مشروعات، لم تكن لها أى دراسات أو واقع ملموس على الأرض.
قناة السويس
وفي سياق متصل، ألمحت لميس الحديدي إلى احتمالية فشل مشروع شق قناة جديدة بمنطقة فناة السويس في تحقيق النهوض بالاقتصاد المصري، وقالت في برنامجها : محتاجين نشوف الصورة كاملة ونعرف مستقبلها رايح فين؟
وفي الوقت الذي تستهدف فيه الدولة زيادة عدد السفن المارة بقناة السويس وزيادة الإيرادات إلى ١٣ مليار دولار خلال ٤-٥ سنوات، إلا أن ذلك يعتمد على حجم التجارة العالمية، وهل تزيد أم لا أو تجد بدائل أخرى غير المرور في القناة.
وبعد مرور ما يقرب من 8 أشهر تقريبا على الإعلان عن مشروع القناة الجديدة ودغدغة مشاعر الشعب بالمشروع وجمع ما يقرب من 64 مليار جنيه من جيوب المصريين تحت مسمى شهادات استثمار القناة، لم تتضح أى معالم للمشروع حتى الآن.
شرم الشيخ والعاصمة الجديدة
أما الحديث عن مشروعات مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الضخمة ومئات المليارات من الدولارت التى تم الإعلان عنها فحدث ولا حرج.. ويكفى فقط الإشارة إلى مشروع العاصمة الجديدة ذي التكلفة التى تزيد عن 45 مليار دولار واللغط الذى يدور حول تمويله ومدة تنفيذه.
ونفت شركة “إعمار” الإماراتية التى قيل إنها فازت بالمشروع، أنها ستمول المشروع، وخرج وزير الاستثمار ليعلن أن شركة ألمانية هى من ستنفذ المشروع، ليخرج رئيس الجمهورية منذ أيام قليلة ليقول إن موازنة الدولة لا تتحمل تنفيذ المشروع.
وهكذا وعلى مدار عام تقريبا، تتحدث الحكومة عن مشروعات وأحلام، ليس لها أساس على أرض الواقع.
مصر العربية