لماذا كان البيت الأبيض حريصا على تأييد التدخل في اليمن الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والذي بدا أن أهدافا غير واضحة بشكل خطير هي التي تقوده؟
هناك مقال ممتاز للصحفيين البارزين بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية «ديفيد كيركباتريك» و«كريم فهيم» يتحدث عن خط تدرج الحملة الجوية المستمرة منذ تسعة أيام بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين والقوات المقاتلة التابعة لهم في اليمن. في مساء أول يوم من الغارات الجوية على معاقل الحوثيين في اليمن كشف البيت الأبيض أن الولايات المتحدة كانت تساعد في هذه التدخل: «لقد أعطى الرئيس أوباما الإذن بتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لدول مجلس التعاون الخليجي في العملية العسكرية التي يقودها».
لقد كتبت مقالة تحلل المبررات التي قدمها مسؤولون أمريكيون (لقد أحصيت سبعا)، لكنه من غير الواضح على الإطلاق ما هي دوافع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس «أوباما» وراء هذا التعجل والحماسة في تقديم الدعم لتلك الحملة الجوية.
وما يثير القلق بشكل بالغ، تصريحين أطلقهما الجنرال «لويد أوستن» قائد القيادة المركزية الأمريكية، المنطقة الجغرافية التي تضم منطقة الخليج العربي. أولا، لقد قال: «أنا لا أعرف حاليا الغايات والأهداف المحددة للحملة السعودية، وأتمنى لو نعمل لنكون قادرين على تقييم احتمالات النجاح»، واعترف «أوستن» أيضا عندما سئل عند موعد التدخل «كانت لي محادثة مع وزير الدفاع السعودي قبل أن يقوموا بأي إجراء، ولذلك عرفنا قبل الخطوة بقليل». ولذا، فإن القائد العسكري المسؤول عن توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي للتدخل لم يكن يعرف أي أهداف، كما علم عن العملية قبل العمل بوقت قصير.
وكان مع هذه الخلفية المقترنة بفهم حقيقة الحملة الجوية حتى الآن أنني قابلت عن طريق المصادفة ما كتبه «كيركباتريك» و«فهيم» هذا الصباح:
لقد قال مسؤولون أمريكيون إنهم يؤيدون الحملة السعودية في الأساس نظرا لعدم وجود بدائل.
«إذا كنت تسأل لماذا نحن ندعم هذا، فإنه بخلاف حقيقة أن السعوديين هم الحلفاء وكانوا حلفاء لفترة طويلة، فإن الجواب الذي ستحصل عليه من معظم الناس، إذا كانوا صادقين، هو أننا لم نكن قادرين على إيقاف ذلك»، على حد قول مسؤول دفاعي أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه كان يناقش مداولات حكومية داخلية.
وأضاف « كان السعوديون على استعداد للتدخل، وكان التفكير بأنه ينبغي تشجيعهم …. المؤكد أننا لم نكن بصدد إرسال قواتنا العسكرية».
وبناء عليه، فإنه حتى إذا كانت الولايات المتحدة لا تستطيع وقف التدخل المضلل من قبل شركائها في حرب أهلية بالوكالة على بعد عشرة آلاف الكيلومترات، فهل البديل الوحيد هو الانضمام إليهم؟ بالتأكيد إن مسؤول البنتاجون الذي لم يذكر اسمه يدرك أن التدخل مباشرة في صراع مع الآخرين يعرض مصالح السياسة الخارجية الأمريكية الأخرى، وربما الأكثر إلحاحا منها، في المنطقة للضغط أو الخطر، وأعني بتلك الأكثر إلحاحا جعل اليمن دولة أكثر استقرارا، والتي تعد معقلًا لأعضاء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومن دون شك فإن ذلك يهدد بتحول المساعدات الجوية الضئيلة بالفعل لمجلس التعاون الخليجي والمشاركة في الضربات الجوية للتحالف في العراق وسوريا.
وبدلا من ذلك، فإنه إذا كان التدخل بقيادة السعودية في اليمن قدرا لا مفر منه، فإن الدعم الأمريكي هو الآخر كان مقدرا سلفا. هذا أمر محير، خصوصا لأنه لا توجد دولة من الدول التي تقصف اليمن في تحالف دفاعي مشترك مع الولايات المتحدة، لذلك ليس هناك أي التزام، حتى في ظل أكثر مبررات الدفاع عن النفس إيلاما، لتقديم الدعم لهم. وعلاوة على ذلك، فإنه حتى عندما يتورط حلفاء في مغامرات عسكرية أجنبية سيئة، فإن هذا ينبغي ألا يعني أن دعم الولايات المتحدة لهم صار إلزاميا. وفي عام 1974، عندما غزت تركيا قبرص، كان الرئيس «ريتشارد نيكسون» في دهشة، ولكنه لم يقدم أي دعم، وفي عام 1982، عندما دخلت المملكة المتحدة في حرب مع الأرجنتين على جزر فوكلاند تبنى الرئيس «رونالد ريغان» موقفا محايدا.
التصريحات التي تخرج من مسؤولين مجهولين ليست إعلانات سياسة رسمية، ولكنها في كثير من الأحيان تنقل التفكير الصادق لأولئك الذين يعملون على وضع وتنفيذ السياسة الخارجية. على سبيل المثال، هناك مستشار الرئيس الأمريكي الذي وصف بإعجاب في «نيويوركر» تصرفات الرئيس في ليبيا بـ«القيادة من الخلف». وتحدث المسؤول الدفاعي السابق عن عقيدة الولايات المتحدة الحالية الأكثر إثارة للقلق، والتي أدت إلى الحرب من قبل نظام ملكي خليجي متعصب ومتوتر، بينما يفتقد البيت الأبيض أي قوة لفعل أي شيء حيال ذلك، إلا أن يصعد على متن القارب ويقدم من الدعم العسكري الذي لا مثيل له مرجحا كفة هذه الحرب.
وأخيرا، يقوم يأتي هذا التدخل متجاوزا بشكل رهيب أكثر التقارير شجاعة وتطورًا. وفي المعتاد؛ فإن ضحايا الحرب سيكونون من الأبرياء غير المقاتلين. وفي صباح اليوم، أصدر «فاليري آموس»، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بيانا تحذيرا جاء فيه: «تشير التقارير الواردة من الشركاء في المجال الإنساني في أجزاء مختلفة من البلاد أن حوالي 519 شخص قتلوا وجرح نحو 1.700 آخرين خلال الأسبوعين الماضيين، من بينهم ما يزيد على 90 طفلا». والسؤال الذي ما زال بحاجة إلى إجابة: لماذا أصر البيت الأبيض على التدخل داعما بكل حماسة هذا التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، على الرغم من عدم وضوح الأهداف، مع احتمالية عالية لوجود دمار وموت؟
ديفينس وان