“إعلان البيت الأبيض المحبِط أن الرئيس باراك أوباما رفع الحظر عن المساعدات العسكرية لمصر يفضح قصر نظر الإدارة الأمريكية مجددا أثناء محاولتها تحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة على نحو متزايد”..
هكذا استهل موقع “ديفينس وان” الأمريكي مقاله تحت عنوان “تسليح الديكتاتوريين لن يجلب إلا الفوضى” للناشط في مجال حقوق الإنسان براين دولي، مشيرا إلى أن الرئيس أوباما يقول الصواب دائما، لكنه يفعل الخطأ؛ بإرسال الأسلحة لأنظمة الشرق الأوسط.
على مدى عقود من الزمان، غمرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة المستبدين في الشرق الأوسط بالأسلحة، على أمل تحقيق الأمن، لكن هذا الأمر لم يجد نفعا، حيث عمّ الاضطراب أرجاء المنطقة بسبب منع تلك الأنظمة تطبيق سيادة القانون وتطوير النقابات العمالية المستقلة ومنظمات حقوق الإنسان وتعزيز حرية الإعلام والمبادئ الأساسية الأخرى للمجتمع المدني.
وفي هذه المرة، أبلغ الرئيس أوباما نظيره المصري عبدالفتاح السسي أن الولايات المتحدة ستبدأ تسليم مصر طائرات “إف-16” وصواريخ “هاربون” ومجموعة دبابات “إم1إيه1”.
وبينما أثار أوباما المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر التي تشمل “استمرار حبس النشطاء غير العنيفين والمحاكمات الجماعية”، لم تكن هذه المشاكل كافية لإدارته لحجب الأسلحة.
ومن الصعب فهم كيف يمكن أن يكون تسليح نظام السيسي – مع تجاهل بواعث القلق بشأن حقوق الإنسان التي استدلت بها الإدارة الأمريكية أثناء فرض الحجب على الأسلحة في عام 2013 – جيدا للمنطقة ولمصالح الولايات المتحدة على المدى البعيد، بحسب الموقع، فالتسليح يقوض هؤلاء الذين يضغطون من أجل تطبيق حقوق الإنسان في مصر، ويعزز معاداة الأمريكيين، ويكافئ حكومة تهاجم مجتمعها المدني.
إنه خطأ يتكرر كثيرا، على حد وصف الموقع، فمن الواضح أن المساعدات العسكرية الأمريكية لليمن التي تقدر بنصف مليار دولار منذ عام 2006 لم تجلب الاستقرار إلى هذا البلد، وعلى مدى سنوات عديدة، دعمت واشنطن ديكتاتورية الرئيس علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود خنق خلالها المعارضة وضيّق الخناق على منظمات المجتمع المدني.
واعتبر الموقع أن الفوضى الحالية والطائفية والتطرف العنيف هو نتاج – في جزء منه – أجيال سابقة من القمع، فالمملكة العربية السعودية لديها حاليا نوعا ما من الاستقرار، مكفولا بعهد من التعذيب والجلد وقطع الرؤوس، لكن معروف أن هذا النوع من الأمن وهمي ولا يمكنه الاستمرار طويلا.
والغريب أن الرئيس أوباما قال في سبتمبر الماضي إنه يدرك أن منظمات المجتمع المدني تستطيع أن توفر منصة آمنة لمجتمعات مستقرة عندما تكون قوية، وأن أفضل شركاء الولايات المتحدة لديها مجتمعات مدنية قوية، كما اعترف أوباما أن أكبر تهديد لدول الخليج العربي هو القمع الداخلي بها، ومن هنا يتضح التناقض.
على الرغم من أن أوباما يقول الأشياء الصحيحة دائما، إلا أن إدارته تقوض نفسها من خلال دعم الديكتاتوريات القمعية في مصر والسعودية والبحرين والبلدان الأخرى التي تسحق علنا مجتمعاتها المدنية، ما يزيد من المخاطر التي تتعرض لها المنطقة ومصالح الولايات المتحدة، على حد قول الموقع.
وليس من المستغرب ألا يزيد تسليح الأنظمة القمعية من شعبية الولايات المتحدة لدى الرأي العام في الشرق الأوسط، حيث كشف استطلاع للرأي أجراه مركز “بيو” للأبحاث في يوليو 2014 تحويل الاتجاه الإيجابي لأمريكا في مصر من 30% خلال العام 2006 إلى 10% العام الماضي.
ورجح الموقع أن يزيد استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر الأوضاع الفظيعة بالفعل سوءا، وتحتاج الولايات المتحدة إيجاد وسيلة للإفاقة من وهمها أن تزويد ديكتاتوريات الشرق الأوسط بالمزيد من الأسلحة يجلب الأمن للمنطقة، بل إنه يفعل العكس تماما.