كشفت مصادر عراقية أمنية وأخرى قبلية في محافظة الأنبار، الاثنين، عن وجود مليشيات مسلحة محلية ممولة إيرانياً قرب الشريط الحدودي العراقي السعودي المقابل لمدينة عرعر السعودية، بينما قلل خبراء من أهمية تحركات المليشيات على تلك المساحة بسبب التفوق الملحوظ لحرس الحدود السعودي ووجود حواجز صد مختلفة على طول الحدود، فضلاً عن محدودية قوة المليشيات التي تتخذ شكل عصابات مؤلفة من أفراد صغار في السن.
وذكر مسؤول أمني عراقي في بغداد أن “مسلحين يتراوح عددهم بين 180 إلى 200 شخص ينتمون لمليشيا (أبو الفضل العباس) التي تقاتل في سورية والعراق ومليشيا (حزب الله) العراقي قدموا من صحراء كربلاء والسماوة باتجاه المنطقة الحدودية بين العراق والسعودية جنوب مدينة النخيب العراقية المقابلة لمدينة عرعر السعودية”.
وأوضح المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “تلك المليشيات جابت المنطقة عدة ساعات، ثم اتخذت موطئ قدم لها على طريق الحجاج ومحطة استراحة المسافرين المهجورة منذ مدة طويلة”، مشيراً إلى أن “المليشيات التي قدمت بسيارات رباعية الدفع وعجلات شحن مختلفة كانت تحمل أسلحة متوسطة وثقيلة، وترفع رايات دينية”.
كما قال زعيم قبلي في عشيرة عنزة العراقية التي تقطن على الحدود بين البلدين، إن “المليشيات دخلت إلى المنطقة ولم يعترض أحد من سكان المنطقة، وظلت عدة ساعات تتفحص المنطقة قبل أن تستقر في مبنيين على طريق الحجاج القديم وآخر داخل محطة استراحة المسافرين الذي يسبق المنفذ الدولي بين البلدين”.
وأضاف الشيخ حميد العنزي، أن “المليشيات على ما يبدو تريد الاستقرار في تلك المنطقة، وهو ما لن نسمح به على الإطلاق، وعلى الحكومة التدخل السريع، فوجودها سيكون تهديداً ولا نريد الاصطدام بها”.
ولفت إلى أن “الخطوة التي اتخذتها المليشيات ليست من فراغ، بل هي سياسية موجهة ضد السعودية، وعلى حيدر العبادي أن يأخذ دوره كرئيس وزراء لدولة، لا دويلات تحكمها المليشيات والعمائم”.
من جهته، أوضح الخبير السياسي، عبد الغني النعيمي، أنّ “إيران قد تحرك الحدود السعودية مع العراق، بوساطة تلك المليشيات كورقة ضغط أخرى، خاصة أن تلك المليشيات لا تتحرك إلا بأوامر عليا من طهران، كما هو معروف للجميع”.
وأشار النعيمي إلى أن “الحكومتين (العراقيّة والإيرانية) متفاهمتان في أغلب المواقف، وخاصة تجاه اليمن وتأييد الانقلابيين الحوثيين، ورفض عاصفة الحزم، لذا قد نجدها تحرك ملف المليشيات أو تلوح بتحريكه، كما حصل اليوم بوجودها قرب المنطقة الحدودية”.
وأكد أنّ “أيّ اعتداءات ستقوم بها المليشيات لن تكون ذات تأثير كبير على السعوديّة، بقدر ما قد يكون لها من أثر سلبي على سير العلاقات بين بغداد والرياض، والتي بدأت مرحلة جديدة وهناك خطوات لفتح سفارة للمملكة في العاصمة العراقيّة”.
ودعا النعيمي الحكومة العراقيّة إلى “عدم السير وراء الأجندة الإيرانيّة التي قد تعيد العراق إلى عزلته عن محيطه العربي من جديد، وما لذلك من أثر سلبي عاش الشعب تجربته المريرة إبّان فترة حكم نوري المالكي”، موضحاً أن “العراق على أعتاب بداية مرحلة جديدة من العلاقات مع محيطه العربي، تحتم عليه استثمارها بما يخدم البلاد، لا أن يضع العراقيل الطائفية في طريقها”.