تظاهر العشرات من أعضاء حركة تسمى “البديل الثوري” أمام مقر السفارة السعودية في القاهرة، احتجاجًا على العدوان السعودي ضد اليمن أول أمس السبت، وهم يرددون هتافات مسيئة للملك سلمان ابن عبد العزيز، ويهددون السعودية بحفر قبرها في اليمن، وسط غياب تام للشرطة المصرية التي تقمع أي مظاهرة تخرج في مصر وتعتقل وتسجن المتظاهرين بدعاوى مخالفة قانون التظاهر، وتطلق عليهم الرصاص والغاز المسيل للدموع.
وقد ترددت أنباء عن أنه شارك فيها أيضا عدد من نشطاء الشيعة بالقاهرة لرفض هجمات التحالف العربي بقيادة السعودية على الحوثيين الشيعة، ولكن “السيد الطاهر الهاشمي“، عضو المجمع العالمي لأهل البيت والقيادي الشيعي، قال في تصريح صحفي إنه ليس له أيّ علاقة بدعوات البعض للتظاهر أمام السفارة السعودية؛ لرفض عاصفة الحزم.
وأضاف الهاشمي، أنه على الرغم من رفضه لتلك الحرب، إلا أنه لم يدعُ للتظاهر أمام السفارة السعودية، وأنه يكتفي بالتعبير عن رأيه بالمقالات والتصريحات التي تصدر عنه، ولم ولن يدعو للتظاهر.
أعضاء الحركة اليسارية -المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي والتي شاركت في المظاهرات ضد الرئيس السابق محمد مرسي- رفعوا شعارات رافضة لما أسموه “العدوان السعودي على اليمن“، ووجهوا نقدا وسبابا للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالهتاف وعبر اللافتات التي حملوها أمام السفارة.
حيث رفع المشاركون في التظاهرة والسلسلة البشرية لافتات كتب عليها: “أوقفوا العدوان البربري على اليمن” و”اللي بيضرب في صنعاء بكره يضرب في الوراق (منطقة شعبية مصرية)“، و”اللي يشارك بالعدوان يبقى عميل الأمريكان” و”أوقفوا العدوان البربري على اليمن” و”اليمن مقبرة الغزاة“، فضلا عن هتافات ولافتات تهاجم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
ورددوا شعارات منها “يا سلمان صبرًا صبرًا، اليمني بكرا حيحفر قبرك“، إضافة إلى لافتات تنتقد السعودية وتطالب بطرد السفير السعودي في القاهرة: “يا سفير اطلع برة إنت عدوي مليون مرة”.
وأكد المتظاهرون اعتزامهم مواصلة الاحتجاجات ضد “العدوان العسكري على اليمن“، كما نظموا مظاهرة أخرى أمام نقابة الصحفيين احتجاجًا على ما وصفوه بـ “العدوان العربي على اليمن“، ورفع المتظاهرون نفس اللافتات التي رفعوها أمام السفارة السعودية، كما وزعوا منشورات على المارة يدينون فيها “العدوان على اليمن“.
ولم يعرف كيفية حصول هذه الحركة على تصريح للتظاهر أمام السفارة السعودية في ظل قانون التظاهر الذي يتشدد في منح أي تصاريح للتظاهر، خصوصا أمام السفارات، وقال بعضهم أنهم لم يحصلوا على تصاريح أمنية وأنهم تعمدوا تحديدها بشكل مفاجئ حتى لا يتم منعها، ولكنهم ظلوا يهتفون دون تدخل الشرطة التي تجوب سيارات بها مسلحون من قوات الأمن شوارع القاهرة والجيزة لقمع أي مظاهرات.
مظاهرة عفوية أم مرتبة؟
ويرى مراقبون أن هذه المظاهرة ربما تكون عفوية، خاصة أن أعضاء الحركة الذين تظاهروا انتقدوا أيضا تفريط مصر في مياه النيل وسد النهضة، بينما تنوي إرسال جنود للقتال في السعودية، فيما رأى قسم آخر أكبر أن المظاهرة ربما تمت بعلم ورضاء السلطة عنها وأنها ربما “مرتبة” أو جرى التغاضي عنها عمدا لتوجيه رسالة للسعودية.
وكتب بعضهم على مواقع التواصل يقول: “قد يكون مرضيا عنها بشكل ما من النظام المصري بقيادة السيسي، خصوصًا أن الأخير منذ تولى السيطرة على البلاد في يوليو 2013 منع المظاهرات والاعتصامات المعارضة له بشكل كامل وقمعت قوات الشرطة المشاركين فيها بعنف، كما أصدرت المحاكم المصرية أحكامًا لمدد طويلة بالسجن ضد نشطاء يساريين لتنظيمهم مظاهرات مثل علاء عبد الفتاح وأحمد دومة“.
وقال آخرون إنه ربما يكون الهدف منها لفت أنظار السعودية إلى وجود معارضة مصرية لإرسال قوات مصرية برية، والحاجة من ثم لدفع أموال ضخمة لمصر لإرسال جنودها ليقتلوا في اليمن فيما أسماه نشطاء “الدم مقابل الرز“، وربطوا بين المظاهرة وبين خطاب السيسي عن إرسال قوات برية وأن هناك “قلقا من جانب المصريين من تكرار حرب اليمن 1962” التي قتل فيها قرابة 26 ألف جندي، وبين قول السيسي إنّ مصر تحتاج إلى 200 مليار دولار لتنمو، في إشارة للمبلغ المطلوب مقابل التدخل البري، على غرار ما فعله مبارك في حرب الخليج 1991 مقابل 20 مليار دولار تخفيض في ديون مصر الخارجية.
انتقادات سعودية
وقد انتقد الكاتب السعودي البارز مدير قناة “العرب” جمال خاشقجي، ضمنيا، سماح السلطات المصرية بتنظيم مظاهرة أمام السفارة السعودية بالقاهرة ضد “عاصفة الحزم” والهتافات المسيئة للسعودية وللملك سلمان بن عبد العزيز.
وقال “خاشقجي” عبر حسابه على “تويتر”: “لا يقولن أحد إنها حرية رأي، أو إنهم إخوان، القاعدة التي تعمل بها الشرطة المصرية: تتظاهر تقتل“!
أيضا، انتقد الدكتور “سعيد بن ناصر الغامدي” سماح “الانقلابيين” بمظاهرة ضد السعودية أمام سفارتها رغم أنهم معروف عنهم قمعهم أي مظاهرة، وقال على حسابه بتويتر: “الانقلابيون في مصر يهاجمون أي مظاهرة وتعتقل ويسجنون المتظاهرين. إلا المظاهرة عند السفارة السعودية في مصر! هل هناك ابتزاز أحقر من هذا؟“.
سخرية مصرية
أيضا، انتقد مصريون المظاهرة على مواقع التواصل وسخروا منها وقالوا إنها “مظاهرة سيسية”، حيث كتبت صفحة “خالد سعيد” تقول إن: “السيسي مطلع مظاهرات أمام السفارة السعودية ضد الملك سلمان اعتراضا على عاصفة الحزم اللي السيسي مشارك فيها“.
وأضافت: “بيقول لك السيسي طالب 200 مليار دولار علشان يقنع المصريين يبيعوا جيشهم في اليمن مرة تانية، يا ترى عرق اللي بيشاركوا في الطلعة دي كام؟ ولماذا سمح النظام في مصر لهؤلاء الأنفار بسب الملك سلمان أمام السفارة السعودية تحت سمع وبصر الأمن المصري“.
وكتب ناشط آخر يقول: “هل سمح السيسي لمرتزقة السفارة الإيرانية أن يهاجموا ولي نعمته الذي أغدق عليه بما يقارب 30 مليار دولار؟ هذا ما قلناه سابقا إن كان السيسي يأخذ من الخليج مساعدات اليوم فغدا سيبتزهم لينهب ثرواتهم؛ لأن من خان رئيسه وقتل شعبه لا يستبعد أن يخون حلفاءه ويقتل جيرانه، ومن تربى على الذل لا يستطعم طعم العزة والكرامة“.
عادل القاضي – التقرير