أكّد مصدر عسكريّ إسرائيلي رفيع المستوى، في حديثٍ لموقع (WALLA) العبريّ، على أنّ الهدف الأساسيّ الذي تسعى إليه تل أبيب من وراء منح المساعدات الإنسانية وتطبيب الجرحى من المعارضة السورية، هو تحويلهم إلى ما أسماه بسفراء لإسرائيل في سوريّة، بعد عودتهم إليها، حسبما قال. ولفت الموقع إلى أنّ تصريح المصدر العسكريّ المذكور، يُضاف إلى تأكيدات صدرت في الآونة الأخيرة عن وزير الأمن موشيه يعلون، الذي قال بدوره إنّ إسرائيل تنقل المواد الغذائية والحليب للأطفال الرضع في سوريّة، إضافة إلى البطانيات ومساعدات أخرى. وبحسب المعطيات التي قام بجمعها الموقع الإخباريّ الإسرائيليّ، فقد عالج مستشفى زيف في مدينة صفد في شمال إسرائيل، إضافة إلى مركز الجليل الطبي في مدينة نهاريا، نحو 1000 جريح سوري.
وشدّدّ على أنّه طوال العامين الماضيين يتمركز الجنود بالقرب من غرف الجرحى السوريين في المستشفيين، يراقبون الداخل والخارج إليها، لمنع تصويرهم وبثها في وسائل الإعلام خوفًا على حياتهم بعد عودتهم إلى سوريّة.
وتحدث معد التقرير إلى مندي صفدي، الذي يعرف نفسه بأنّه وسيط غير رسميّ بين إسرائيل وعناصر ما يُسّمى بالجيش السوريّ الحر، ومنظّمات أخرى يصفها بالمعتدلة في سوريّة، وصفها بأنّها تُقيم علاقات طيبة مع الجيش الإسرائيليّ. وبحسب أقوال صفدي، فإنّ قوات المعارضة السوريّة المعتدلة تتعاون مع تنظيمات متطرفة، مثل جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، إلّا أنّ تعاونها يرمي إلى تحويل كلّ الجهود ضدّ قوات الرئيس السوريّ، بشار الأسد. وتابع قائلاً إنّ المُعارضين السوريين لا يريدون التسبب بوضع يؤدي إلى التقاتل فيما بينهم، بل هناك تعاون أحيانًا كثيرة بين الجيش الحر وجبهة النصرة، كما حصل أخيرًا لدى السيطرة على المعبر الحدودي في القنيطرة، على حدّ قوله.
وصفدي، كما شدّدّ الموقع الإخباريّ الإسرائيليّ، هو من مواليد قرية مجدل شمس في الجولان السوريّ المحتل، ويُعاني نبذ المجتمع المحلي له بسبب دعمه الصريح لإسرائيل، ونشاطه السياسي في صفوف الأحزاب اليمينية الإسرائيلية، مثل حزب إسرائيل بيتنا والليكود». ولفت صفدي في سياق حديثه إلى الموقع الإسرائيليّ إلى أنّ هناك اتفاقًا غير مكتوب ما بين المعارضة السورية وجبهة النصرة، ينص على أنْ لا تعمل النصرة ضدّ إسرائيل كي لا تضر بالعلاقات القائمة والمصالح المشتركة للمعارضة ولإسرائيل نفسها. وزاد قائلاً إنّ الجيش السوريّ الحر يتلقّى المعالجة الطبية لمقاتليه في إسرائيل، وهو لا يريد أنْ يخسر ذلك. وتابع يقول إنّه تلقّى مقطع فيديو مصور أرسل إليه من سوريّة، يظهر فيه جريح من المتمردين يتوسل كي ينقله إلى إسرائيل وليس إلى الأردن، لأنّه يخشى أنْ يُقتل هناك، على حدّ قوله
وكانت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيليّة قد نقلت عن صفدي، وهو صديق المعارض السوريّ كمال اللبواني، الذي زار إسرائيل علنًا السنة الماضية، نقلت عنه قوله إنّ المعارضة السوريّة طلبت منه نقل رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، بأنّه ينبغي على إسرائيل توجيه ضربة قاسية أخرى لإيران وحزب الله، على حدّ تعبيره. والحديث، أوضحت الصحيفة يدور عن مندي صفدي، الذي شغل منصب رئيس هيئة الموظفين في مكتب نائب الوزير السابق عن حزب الليكود، أيوب القرّا، من حزب الليكود، ويشغل اليوم منصبًا في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ.
وتابع صفدي قائلاً للصحيفة إنّ التحذير جاء لتنبيه الجيش الإسرائيليّ قبل أنْ يتمكن المحور من السيطرة على الجولان السوريّ عند الحدود مع إسرائيل، على حدّ تعبيره. وتعهد مَنْ أطلقت عليه الصحيفة الإسرائيليّة لقب قائد الثوار السوريين في الجنوب بشنّ حرب عصابات ضد حزب الله اللبناني وقوات الحكومة السورية، الذين شنوا هجومًا كبيرًا ضد قوّات المُعارضة المُسلحّة في المنطقة الحدودية الحساسّة بالقرب من إسرائيل والمملكة الأردنيّة الهاشميّة. وأشارت الصحيفة إلى أنّ صفدي اجتمع بشكل مستقل مع أعضاء من المعارضة الليبرالية والديمقراطية السورية الذين يعارضون من أسماهم بالإسلاميين، ويرغبون بإقامة علاقات ودية مع إسرائيل، على حدّ قوله. علاوة على ذلك، التقى صفدي منذ أسبوع ونصف بقادة (الثوار السوريين) في بلغاريا وتجولّ في المنطقة، واجتمع مع الناشطين ونقل رسائل منهم إلى ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ. كما نقل رسائل تهنئة من (المعارضة السوريّة) للرئيس الإسرائيلي الجديد رؤوفين ريفلين.
وقال صفدي في مقابلة له مع الصحيفة إنّ الأيام القليلة الماضية شهدت معركة عنيفة مستمرة بين القوات التي تدعمها إيران وسوريّة وحزب الله ضدّ المعارضة السورية، وإنّ المحور السوريّ يستخدم جميع الوسائل لتحقيق هدفه المتمثل في السيطرة على منطقة جنوب سوريّة، الواقعة على الحدود مع إسرائيل، وتابع قائلاً إنّ الثوار حققوا نجاحًا في بعض المناطق، ولكنّهم تلقوا ضربات موجعة، على حدّ قوله.
ولفت إلى أنّ العديد ممّن أسماهم بالثوار أصيبوا بجروح خلال الأيام القليلة الماضية، مما يشير إلى عبور المزيد منهم إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي، وأضاف أنّ حوالي 2000 سوريًا تمّت معالجتهم في المستشفيات الإسرائيليّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ حزب الله وإيران، بعد تلقّي الضربة القاسية في القنيطرة، في الثامن عشر من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، وهي العملية المنسوبة لإسرائيل، يُريدان إظهار قدرتهما على التحمل وأنّهما لا يزالان يتمتعان بالدافع من أجل القتال، كما قال للصحيفة.
وتابع قائلاً: تواصلت المعارضة السوريّة معي في رسالة عبر تطبيق الـ WHATAPP وطلبت منّي نقل رسالة إلى نتنياهو بأنّه ينبغي على إسرائيل توجيه ضربة قاسية أخرى لحزب الله وإيران لكي توقف تقدم قواتهما، حسبما ذكر. وقد قال قائد وحدة كبيرة في (الجيش السوري الحر) في جنوب سوريّة، طلب عدم الكشف عن هويته، للصفدي إنّ قوات التحالف، أيْ الجيش السوريّ وإيران وحزب الله، تنوي الوصول إلى الحدود الإسرائيليّة، واستخدامها لتنفيذ ما أسماها بالهجمات الإرهابيّة ضدّ إسرائيل.
وأردف صفدي قائلاً: نقل لي القائد المذكور إحداثيات عن مكان تواجد القوات السورية وحزب الله، موضحًا أنّه لا يُمكن الكشف عن هذه المعلومات. وتابع قائلاً إنّ النظام السوريّ يتلقّى كمًا هائلاً من الدعم من حزب الله، وإيران، وروسيا، وأنّ الثوار في منطقة الجنوب هم أناس بسطاء لا يملكون جيشًا مناسبًا أوْ أسلحة ملائمة، على حدّ قوله. وقال صفدي أيضًا للصحيفة الإسرائيليّة إنّ (جبهة النصرة) تتمتع بحضورٍ قليلٍ في الجنوب، وأنّ الإسرائيليين ممنوعون من الاتصال بهم لأنها منظمة إرهابيّة، مُشدّدًا على أنّ إسرائيل تتواصل مع الجيش السوريّ الحر فقط، لأنّه من مصلحة أمن البلاد الأمنية العمل على إضعاف الإسلاميين، بحسب تعبيره.
ورأى صفدي أنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة يتلقى كل اهتمام وسائل الإعلام لأنهم يحرقون الناس، ولكن أعدادهم أقل من أعداد الجماعات الأخرى المدعومة من الغرب. وقال: إذا تمكّن الجيش السوري الحر من تلقي المزيد من الأسلحة والدعم العسكري كما فعل الأكراد في عين العرب (كوباني)، حيث تمكّنوا من محاربة الدولة الإسلاميّة، فإنّه يُمكنهم عندها التقدّم ضدّ الأعداء في أماكن أخرى على حد سواء، حسبما ذكر.
زهير أندراوس