عقال تميزه من على بعد، وامرأة ترفع رضيعًا يتدلى من رقبتها مفتاح ضخم للبيت الذي كان خلفوه وراءهم في 1948 ونزحوا، تلقفتهم المدن أو صفعتهم، لكنهم صمدوا وقبلوا بأوضاع المخيم، في لبنان أو في سوريا، صمدوا في وجه تفاهمات الأنظمة العربية مع أبي عمار وخلافاتها والاجتياح، حتى أتى داعش ليكون من أمامهم ونظام بشار الأسد من خلفهم.. إنهم فلسطينيو مخيم اليرموك.
قبيل الثورة السورية بلغ عدد سكان مخيم اليرموك 160 ألفًا، وبسبب معاناة الجوع والحصار وعمليات القتل تراجع عدد سكانه إلى 18 ألفًا، وطبقًا للمنظمات الدولية العاملة هناك، فإن حصار القوات الحكومية الأخير منذ عام ونصف تسبب في وفاة 200 من سكان المخيم من بينهم أطفال.
الأسد من خلفنا وداعش من أمامنا
الخميس الماضي، بحسب وكالات الأنباء أحرز تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، تقدمًا جديدًا في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينين الذي يبتعد عن العاصمة السورية دمشق 8 كيلو مترات، بعد انتصارهم على مقاتلين فلسطينيين وسوريين بحسب المعارضة السورية.
وكان مقاتلو أكناف بيت المقدس، وهو فصيل إسلامي قريب من حركة حماس، استعادوا صباح الخميس السيطرة على أقسام كبيرة من المخيم.
وذكرت مصادر المعارضة السورية أن “مقاتلين من المعارضة السورية دخلوا المخيم وساعدوا الفلسطينيين في صد تنظيم الدولة بعد مواجهات عنيفة ليلاً”، لكن مقاتلي التنظيم “تمكنوا في وقت لاحق من التقدم مجددا داخل المخيم”.
واقتحم مقاتلو التنظيم المخيم، الأربعاء، انطلاقا من حي الحجر الأسود المجاور، فيما قصفت القوات الحكومية، الخميس، أماكن عدة في المخيم كما تعرض حي الحجر الأسود لقصف مماثل.
ووجهت وزارة الخارجية السورية رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن “حول دخول مئات من إرهابيي داعش بالتواطؤ مع إرهابيين من جبهة النصرة إلى مخيم اليرموك”.
المرصد السوري
في تعليق على تقدم الخميس، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان: “لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين تنظيم الدولة من جهة، وأكناف بيت المقدس مدعومة بمقاتلين من فصائل إسلامية من جهة أخرى، وسط معاودة التنظيم التقدم في المخيم”.
وشدد الجيش السوري من إجراءاته الأمنية في محيط المخيم بعد الاشتباكات التي شهدها، في محاولة لمنع مسلحي داعش من التمدد خارج المخيم من جهة المناطق الآمنة والتي ما زالت خاضعة لسيطرة الجيش.
التنظيم ودمشق
وبات “تنظيم الدولة” للمرة الأولى قريبا بهذا الشكل من دمشق، لكن ناشطين أكدوا أن “المدخل الرئيسي للمخيم الذي يتصل بدمشق مؤمن”، وأن حواجز كثيفة للنظام وللفصائل الفلسطينية المتحالفة معه، في إشارة إلى مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.
إنذار
نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصدر أن مسلحي “داعش” أمهلوا مقاتلي الفصائل الفلسطينية وقتا لتسليم أنفسهم وأسلحتهم حتى مساء الخميس.
وأضاف المصدر أن جبهة النصرة اصطفت في القتال إلى جانب “داعش”، وقد وصلت مؤازرة من فصائل جيش الإسلام وأبابيل حوران لمساندة أكناف بيت المقدس التي تدافع عن المخيم في القتال
اليوم
واليوم سيطر داعش على أكثر من 70% من المخيم بعد ثلاثة أيام من القتال.
فيما أعلن عدد من كتائب المنطقة الجنوبية ولاءها لتنظيم الدولة في ظل تراجع كتائب “أكناف بيت المقدس” باتجاه مربعها الأمني المتاخم لخطوط التماس مع النظام السوري على أطراف المخيم.
شبكة شام
وأفادت شبكة شام والمرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن المواجهات تجددت اليوم في المخيم.
وأشارت شام إلى استيلاء مقاتلي تنظيم الدولة على مستشفى الباسل، في المقابل شنت قوات النظام السوري هجمات منذ ليلة أمس سيطرت خلالها على بعض المباني، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف المعارضة المسلحة.
وقال ناشطون إن القوات السورية أطلقت صواريخ على المخيم أثناء محاولاتها التقدم فيه، بالتزامن مع المواجهات الدائرة بين تنظيم الدولة والفصائل الأخرى.
بينما ذكرت وكالة سانا الرسمية أن وزارة الخارجية والمغتربين السورية وجهت رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسِ مجلس الأمن، قالت فيهما إن دخول تنظيم الدولة مخيم اليرموك هو بهدف “ارتكاب مزيد من الجرائم”.
تويتر وفيس بوك
على موقعي التواصل الاجتماعي “تويتر” و”فيسبوك”، أطلق العشرات هاشتاج “#لن_نترك_اليرموك”.
وكان الهدف الأول لتغريداتهم، لفت الأنظار إلى استمرار مأساة هذا المخيم، ونقل المغردون، عن شادية طارق، من داخل مخيم اليرموك، قولها: “صرلنا محاصرين 605 أيام.. الكهرباء مقطوعة من 700 يوم.. الماء مقطوعة من 179 يوماً… عدد شهداء الجوع لحد هذه اللحظة 177.. أكثر من 3000 طفل يعيش بدون غذاء او كهرباء او ماء”.
فيما قال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لـ”حماس”، عبر صفحته الرسمية على تويتر عن اليرموك : “يا قطعة من الجسد الفلسطيني المخضَّب بالظلم والحصار ..أصوات آلامك لم تحرّك بعدُ في جسد الأمّة روح النخوة والانتصار!”.