أثارت التصريحات التي أدلى بها قائد الانقلاب العسكري المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة المصرية أمس، والتي أكد فيها أكثر من مرة على أن الجيش المصري للمصريين فقط وليس لأحد آخر، جدلا حول حقيقة الرسالة التي يستهدف قائد الانقلاب العسكري إيصالها من خلال تلك الكلمات، وهل قرر السيسي إلغاء وعوده السابقة لحلفائه الخليجيين بأن أمن وحماية الخليج والوطن العربي هو جزء من مهام الجيش المصري؟
وكان السيسي قد كرر أكثر من مرة خلال الندوة التثقيفية السادسة التي نظمتها القوات المسلحة في إطار الاحتفال بيوم الشهيد والمحارب القديم، جملة: “الجيش المصري للمصريين” مضيفا: “الجيش هيبقى بس لمصر وأولادها بس، ولو كان الجيش ده بتاع حد غير المصريين، كان هيبقى فيه كلام تاني”.
وتابع قائلا: “المسئولين الموجودين في أي مكان تمشى وتتغير، ولكن مصر هتفضل، والجيش والشرطة بيعملوا من أجل بلدهم وشعب مصر، وتحميهم وتحافظ عليهم”.
غموض حول دور مصر في العاصفة
وتأتي تلك التصريحات من قبل السيسي في ظل غموض كبير حول حقيقة الموقف المصري من عاصفة الحزم السعودية ضد الحوثيين في اليمن، ومدى معرفة عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري موعد تلك الحرب، وحقيقة إخفاء السعودية موعدها عن السيسي خشية من إبلاغه إياه لإيران أو الحوثيين.
وكانت تقارير وصحف مصرية ومصادر عسكرية قد تحدثت عن مشاركة مصرية واسعة في الحرب الخليجية الحوثية تصل إلى حد المشاركة بقوات برية بجانب البحرية والجوية استجابة لمطالب خليجية، وهو الأمر الذي جاء على عكس بيان رئاسة الانقلاب المصرية بعد ذلك، والذي أبدى استعداده للمشاركة في الحرب “جويا وبحريا” فقط دون التطرق إلى جانب المشاركة البرية.
وبحسب مراقبين، فإن مثار الجدل حول تلك المعركة هو ما تردد الفترة الماضية عن دعم سياسي ولوجستي يقدمه السيسي في الخفاء للميلشيات الحوثية المسلحة في اليمن، واستضافته وفودا حوثية في القاهرة، وشن أذرعه الإعلامية هجوما على السعودية وتمهيدها لتحالف إيراني مصري في مقابل التحالف التركي السعودي.
ويشير المراقبون إلى أن تلك الدلالات أثارت قلق الخليجيين بالطبع من السيسي، وعليه قررت إخفاء عملية “عاصفة الحزم” عنه، الأمر الذي أربك السيسي وفاجأه في الوقت ذاته، واضطره لحسم موقفه سريعا وإعلان نفسه رهن إشارة الخليجيين للمشاركة في تلك الحرب.
سعوديون للسيسي: تكفينا العاصفة يا “شحات”
في السياق ذاته نشر الناشط والسياسي السعودي الدكتور كساب العتيبي مقطع الفيديو الذي يؤكد فيه السيسي أن جيش مصر للمصريين فقط، وعلق عليه قائلاً: “الـCC مُخاطباً ومُطمئناً الحوثيين: الجيش المصري لمصر ومش لحد تاني”، ثم تابع العتيبي تغريدته قائلاً: “تكفينا عاصفة الحزم ولسنا بحاجتك أيها الشحات”.
وتابع د. العتيبي قائلاً: “لولا خوف الـCC لانقلب – في مواقفه – على الخليجيين علانيةً. فمن يغدر مرة يغدر ثانية وثالثة. لكنه الخوف على الرُز وأشياء أخرى”.
هل تخلى السيسي عن مسافة السكة؟
وتساءل مئات المغردين والنشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن فحوى ومضمون الرسالة التي رغب السيسي في إيصالها من تلك التصريحات، وهل بالفعل قصد إيصال رسالة للخليجيين أنه لن يشارك معهم في أية حروب أخرى.
وكان عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر قد أكد في أكثر من تصريح أن أمن منطقة الخليج العربي خط أحمر وجزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن أية دولة خليجية ستتعرض للخطر ستكون القوات المصرية عندها بقدر “مسافة السكة” بينهما.
وقال السيسي في حوار سابق مع صحيفة “عكاظ” السعودية: “إننا قادرون على تنفيذ شعار مسافة السكة”، مُضيفا: “الجيش المصري بخير دائمًا.. جاهز معنويًا وقتاليًا، يتسلح بالمعلومات التي تحدث ساعة بساعة.. له عين يقظة وحركة نشطة وفعالية في أداء مهام حفظ أمن وأمان الوطن وحماية حدوده، وهو ما يبدو بوضوح من مدى النجاحات التي يحققها” وذلك بحسب قوله.
شؤون خليجية