اصدرت الخارجية اللإرتيرية بياناً نفت فيه صحة تصريحات وزير الخارجية اليمني رياض ياسين التي اطلقها خلال انعقاد اعمال القمة العربية في مدينة شرم الشيخ المصرية، والتي أتهم فيها إرتيريا قائلًا: أن الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح توجه لاسمرا، لاستمالتها، ولضمان دعمها له و عبد الملك الحوثي، وضد مخططات المملكة العربية السعودية .
إذ أعتبر البيان تصريحات الوزير اليمني “ جزء من الحملة اللإستخبارية المسعورة ضد إرتيريا، والتي تهدف إلى تشويه صورتها، خاصة أمام الرأي العام العربي”.
قبل تصريح وزارة الخارجية الإرتيرية، وتصريحات وزير الخارجية اليمني، نقلت وكالة الأنباء السعودية “ واس “ عن لقاء احتضنه قصر اليمامة في الرياض جمع ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز، والسفير الإرتيري محمد عمر محمود، الذي نقل تحيات الرئيس الإرتيري آسياس أفورقي، للملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده، تجدر الإشارة إلى أن علاقة الرئيس آسياس مع السعودية شبه متجمدة – السبب يعود للرياض لا إلى أسمرا – سيما وأن آخر زيارة له للرياض كانت قبل ٧ سنوات، بالمقابل تكرار زياراته لمصر وقطر أكثر من مرة، فما هو الجديد، الذي دعا ولي العهد السعودي لإستقبال السفير الإرتيري بوجود مستشاريه ؟
اللقاء حضره إثنان من مستشاري ولي العهد، الأمير فيصل بن خالد بن سلطان، والأمير منصور بن مقرن، يمكن وصفه بالخارج عن المعتاد. وكأن “ العلاقات الثنائية ذات الاهتمام المشترك “ بين البلدين لا يمكن بحثها من قبل سفراء ومستشارو وزارة الخارجية في البلدين، كما هو متعارف عليه برتوكولياً و دبلوماسياً.
الملفت للنظر أن توقيت اللقاء، والمسؤولين الذين حضروه، يدلل على أن الرياض خططت لـ“ عملية الحزم “ ضد حلف صالح – الحوثي، قبل أسابيع من موعد الإعلان عنها. أجل إقناع أسمرا بضرورة الوقوف مع المحور السعودي، مقابل إبتعادها عن المحور الإيراني.
السفير محمد عمر وقبل لقاءه مع الأمير، إستشار الرئيس آسياس أفورقي، وهذا يعني أن ثمة مطالب محددة تقدمت بها السعودية لإرتيريا، قبل لقاء قصر اليمامة، لنقل الرسائل السعودية، للقيادة الإرتيرية، والتي أوصلت ردها الصريح لولي العهد مباشرة، وهذا ما أكده البيان.
اللقاء جاء قبل أسابيع من العملية الحزم السعودية على اليمن، ما يعني أن مخططات الرياض تم ترتيبها مسبقاً، وبموافقة غربية، ومعرفة دول اللإقليم، من أجل بناء تحالف قوي لمواجهة الحلف الإيراني في المنطقة.
لا بل يمكن القول: إن العملية تم تدارسها قبل وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله – تحديداً مع سقوط التحالف السعودي الإماراتي مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي بني على مدامك العداء المشترك لجماعة الإخوان المسلمين – التجمع اليمني للإصلاح يقف اليوم موقف المتفرج – وإفشال مخططاتهم وسيطرتهم على اليمن، حتى وإن تطلب الأمر التحالف مع الحوثي التابع لإيران. الا أن البيان تحدث عن “ دعم إرتيريا للحكومة الشرعية الدستورية التي افرزت قيادته الشرعية “
لقاء الأمير مقرن مع السفير الإرتيري يعني أن السعودية حاولت استمالة أسمرا لجانبها، سيما وإن الأخيرة على علاقات ودية مع جميع الدول، خصوصاً إيران وقطر، لكنها تتخذ منذ استقلالها سياسة الابتعاد عن المحاور وصراعاتها، وتفضل الحياد، للحفاظ على علاقاتها مع دول العالم، وهذا ما تضمنه البيان إذ قال:” إن ارتيريا لا تؤمن بسياسة المحاور ولا تدخل فيها ولا تؤيدها، وهي ليست طرفاً في آي منها” .
وعليه، يمكن طرح السؤال التالي: ماذا َطلب الأمير مقرن من السفير الإرتيري خلال لقاءه معه؟ هل قدم لهُ عروضاً مالية واقتصادية أكبر من تلك التي تقدمها إيران وقطر لأسمرا كما يعتقد البعض، بغية إستغلال موقع بلاده الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر وباب المندب من الجانب الإفريقي، لقطع الطريق على إيران، ولتكون أسمرا بمثابة الأرض التي تمكن طهران – يقال هناك قاعدة سويلم العسكرية الإيرانية وهو ما تنكره إرتيريا جملة وتفصيلا – من إفشال حملة الحلف وحملته على اليمن، ما يعني عملياً سيطرة طهران على ضفتي باب المندب الشرقية والغربية، وتعزيز سيطرة التحالف الثنائي القائم على مبدأ المصالح المشتركة، ما بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وعبد الملك الحوثي. ما يقود إلى توسيع مشاكل الرياض في المنطقة، وهذا ما لا تريده السعودية أن يحصل.
لهذا رأت الرياض من الضرورة بمكان العمل على جس نبض القيادة اللإرتيرية وجذبها الى حلفها، لإستخدام أراضيها لتصير بمثابة ساحة خلفية يلجئ لها في حال تورط السعودية في اليمن، وخروج الخطة المرسومة عن السيطرة.
هذا إن صح، فأن إرتيريا رمت بنفسها في حفرة محرجة جداً، سيما وأن الأخيرة ترتبط بعلاقات ودية جداً مع إيران، والتي تعد من الدول القلائل في المنطقة التي دعمتها سياساً، أبان حربها الأخيرة عام٢٠٠١ ضد أثيوبي، كنها لا تريد خسارة السعودية إرضاء لمشاريع وأحلام دول المنطقة.
عناصر الشك التي تنظر لها الرياض وحكومة اليمن لإيرتيريا، سرعت في اصدار بيان من وزارة الخارجية الارتيرية يزيل شك دول الاقليم وفي مقدمتها السعودية، يقول البيان إن “ مواقف إرتيريا الثابتة اتجاه أمن البحر الأحمر الذي تمتلك ساحلاً أطول من غيرها من الدول المطلة عليه، لأنها تدرك عظم أهميته لمنطقة والعالم. كما وأشار البيان إلى أن الأراضي والمواني والجزر الإيرتيرية لها ليست للبيع أو الإيجار، وترفض فتح أبوابها للتدخل الخارجي أو استضافة القواعد والسفن والبوارج الحربية الأجنبية.
أخيراً: حرب المصالح هي العنوان الأبرز لحملة الحزم السعودية اليوم ضد اليمن – الحزين – لا علاقة لها باكاذيب الحرب الدينية وناعقيها ما بين السنة والشيعة، حرب مصالح وجدت للوقوف أمام مد تيار اللإسلام السياسي ممثلاً بجماعة الإخوان المسلمين، والتي اعتبرتها الرياض – الإمارات تهديداً مباشراً لها ولإستقرارها، لذا تحالفت مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي بدوره تعاضد مع عبد الملك الحوثي، فيما بعد، وضرب بالكافة التفاهمات والاتفاقيات السعودية معه، عرض الحائط، في سبيل استعادته لبريقه السابق، وخدمة لمصالحه وعائلته، وافشال المخطط السعودي للسيطرة على اليمن السعيد.
فهل تصمد إرتيريا أمام الإغراء السعودي لها، أم تبقي على سياسة المحاور والحياد التام ؟
#خالدعياصرة – الولايات المتحدة الأميركية.