قالت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية إن مخاطر المواجهة المباشرة بين السعودية وإيران باتت قريبة، خاصة بعد رفع القادة العرب من وتيرة المواجهة، واتهام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي أصبح في المنفى، بالتدخل في شؤون بلاده.
ويشير التقرير إلى أنه مع توسع خطوط النزاع السني الشيعي، فقد اجتمع قادة الدول العربية في منتجع شرم الشيخ المصري، حيث استمعوا إلى دعوات متكررة للتدخل وهزيمة الحوثيين، الذين سيطروا على السلطة في اليمن. فالتنافس بين البلدين سيعطي تنظيم القاعدة في اليمن الفرصة، وسيؤثر على جهود مكافحة تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتذكر الصحيفة أن السعودية قد بدأت بقصف مواقع الحوثيين يوم الأربعاء، عندما بدا واضحا أن قواتهم باتت على مسافة قصيرة من ميناء عدن، الذي لجأ إليه الرئيس المنفي الآن. مستدركة بأن الغارات السعودية فشلت في وقف تقدم الحوثيين، ولهذا تفكر الدول العربية بشن هجوم بري.
ويبين التقرير أن قادة السعودية ومصر والكويت اتهموا في القمة، إيران بالتدخل في شؤون الدول العربية الداخلية، حيث قال الرئيس المصري السيسي إن إيران، دون تسميتها، تقوم “بنشر دائها في الجسد”. وأضاف أن الأمة العربية في ساعتها الحالكة اليوم لم تواجه تحديا لوجودها مثل التحدي الذي تواجهه الآن، مبينا أن إيران تهدد الأمن القومي، ولا يمكن في هذه الحالة تجاهلها؛ نظرا لما تتركه من أثر على الهوية العربية.
وتلفت الصحيفة إلى خطاب الرئيس هادي، الذي وصف الحوثيين بأنهم “دمية” في يد إيران، واتهمهم بتدمير اليمن وبعدم النضج السياسي. وحذر القادة السعوديون من عدم التعجل، وقالوا إن عمليتهم قد تحتاج إلى ستة أشهر حتى تحقق هدفها، وهو توفير الأمن لليمن، كما قال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
ويقول التقرير إن ثلاثة أيام من القصف لم تؤد إلى وقف تراجع قوات الحكومة أمام الحوثيين، الذين يلقون دعما من الرئيس السابق علي عبدالله صالح. ففي عدن، قامت القوات الحكومية بتفجير مخازن للسلاح حتى تمنع وقوعها بيد الحوثيين.
وتفيد الصحيفة بأن هناك تقارير تؤكد أن التفجيرات أدت إلى قتل عدد من الأشخاص جراء تفجير المخزن الذي يعود إلى الحرب الباردة، وإلى حفر في جبل يشرف على عدن. وسيطر الحوثيون على بلدة شقرا الساحلية، وهي منطقة تشرف على مرور ناقلات النفط عبر خليج عدن.
ويوضح التقرير أن الجهود الدبلوماسية قد تستأنف بين الأطراف، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن فريقه يحاول ترتيب لقاءات بين الأطراف المتنافسة، هادي والحوثيين في المغرب، وذلك في الأيام المقبلة. ويقدر المسؤولون العرب عدد المستشارين الإيرانيين في اليمن بحوالي خمسة آلاف شخص.
وتورد الصحيفة أن مصادر استخباراتية إسرائيلية قالت إن الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، سافر إلى اليمن لتوجيه المعارك. ويمثل الزيديون نسبة 10% من سكان اليمن البالغ عددهم 25- 30 مليون نسمة. ومنذ صعودهم إلى السلطة رفعوا شعارا يشبه شعار الثورة الإسلامية في إيران، وهو “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود والنصر للإسلام”. وكان زعيم الحوثيين عبد المالك الحوثي قد وصف الغارات بالاحتلال الأجنبي، وتعهد بتحويل اليمن إلى مقبرة للغزاة.
ويجد التقرير أنه “على الرغم من قتل الغارات 45 شخصا، إلا أن سكان صنعاء تحدوا السعودية، واتهمهوها بمحاولة فرض رئيس غير شعبي وضعيف”. ويحذر المحللون من أن ينعكس سقوط ضحايا كثر على العملية السعودية.
وتنقل الصحيفة عن سلطان بركات من معهد بروكينغز- الدوحة، قوله: “في حال واصلت السعودية الاعتماد على الغارات الجوية، وتزايد عدد القتلى فستخسر العملية الدعم في وقت سريع”. ويرى أن نزاعا طويلا سيضع السعودية أمام تحديات أكبر، خاصة أن الرياض تدخلت في جارتها الجنوبية كثيرا.
ويرى المحلل في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن مايكل ستيفن، أن “الاحتلال سيكون كارثيا من ناحية الثمن والخسائر البشرية حتى لو هزم الحوثيون”. وهناك إمكانية لقيام إيران أو وكلائها في المنطقة بعمليات انتقامية، خاصة أن طهران احتجت على العملية، ووصفتها بالعدوان، بحسب الصحيفة.
ويستدرك التقرير بأنه في الوقت الذي قدمت فيه الولايات المتحدة الدعم اللوجستي والمعلومات الاستخباراتية للسعودية، إلا أن ردها عبر عن عدم ارتياح. وقال مسؤول أمريكي إن السعوديين أبلغوا الأمريكيين بالهجمات قبل ساعة. وقارن مسؤول آخر الوضع في الشرق الأوسط بوضع أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى عام 1914، وقال: “أنظر إلى الخارطة وأتساءل من هو الدوق الذي سيتم اغتياله لإشعال الحرب”. ومع ذلك، فقد دعم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الغارات، في الوقت الذي جلس فيه على طاولة المفاوضات مع نظيره وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في لوزان في سويسرا.
وتختم “صاندي تايمز” تقريرها بالإشارة إلى تحذير وزير شؤون الشرق الأوسط السابق أليستر بيرت، الذي قال إن مصالح الغرب تتعرض للخطر في اليمن، وأضاف أن “اليمن يعني الكثير لعدة أطراف، وبالنسبة للغرب فسيتحول إلى منطقة دون حكومة، وهو ما يهددنا في لندن، والناس في أنحاء العالم كله”، مشيرا إلى أن خسارة المصادر الاستخباراتية والرؤية ليست أخبارا جيدة.