تشهد عُمان منذ فترة اعتقالات، للعديد من الناشطين والمدوّنين والكتّاب، وأدين الكثير منهم، بتهمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإهانة السلطان قابوس، وصدرت أحكام بحق آخرين على خلفية المشاركة في تظاهرات مطالبة بإصلاحات.
وكانت سلطنة عمان شهدت عام 2011 في خضم أحداث ما يعرف بـ”الربيع العربي”، سلسلة تظاهرات محدودة نسبيًا، طالبت بمكافحة الفساد والبطالة.
وحتى خلال هذا الشهر من مارس الجاري، لا زالت الاعتقالات والأحكام القضائية بحق ناشطي الإنترنت مستمرة، وأصدر المرصد العماني وبعض المنظمات الدولية مؤخرًا العديد من البيانات المنددة لتضيق على الناشطين والمدونين في السلطنة.
كما ينشط المغردون العُمانيون على موقع “تويتر” بإنشاء العديد من الهشتاقات المطالبة بإطلاق سلاح الناشطين، ورفض الاعتقالات التعسفية بسبب الآراء على وسائل التواصل الإجتماعي.
طالب السعيدي
استنكر مركز الخليج لحقوق الإنسان اعتقال المدون العماني طالب السعيدي والانتهاكات المتكررة ضد المطالبين بحريات الرأي في السلطنة، والتي تهدد بشكل مباشر حرية الرأي والتعبير في البلاد والتي تتعارض مع القوانين المحلية والدولية، بحسب تعبيرهم.
وطالب المركز السلطات العمانية في بيان، الإفراج الفوري عن السعيدي، وإعطاء أهله ومحاميه الحق في الوصول إليه، وضمان سلامتة الجسدية والنفسية.
وكان السعيدي قد تم استدعاؤه من قِبل السلطات العمانية يوم 23 مارس عام 2015، ويعتقد أنه محتجز في قسم الخاص لا تستطيع عائلته أو محاموه الوصول إليه، وبحسب المركز فإنه ألقي القبض عليه بسبب أنشطته على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي يدعو من خلالها إلى حرية التعبير والإصلاح في سلطنة عمان. كما أن السعيدي من النشطاء المعروفين في الساحة العمانية، وله مواقف كثيرة في رصد وتوثيق قضايا النشطاء الموقوفين من قبل جهاز الأمن الداخلي.
وكان السعيدي قد تم إيقافه والتحقيق معه لدعوته إلى مسيرة سلمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بتاريخ ١٣ يوليو ٢٠١٤.
سعيد جداد
وقامت السلطات باستدعاء الناشط الحقوقي سعيد جداد، وأصدرت محكمة مسقط الابتدائية، في 8 مارس/آذار 2015 حكمًا بالسجن 3 سنوات مع غرامة مالية قدرها ألف ريال عُماني (2600 دولار أمريكي).
جاء ذلك على خلفية إدانته بثلاث قضايا متعلقة بمنشورات في الإنترنت تهدف إلى التحريض على التجمهر، والنيل من مكانة الدولة، والإخلال بالنظام العام، حسب ما جاء في منطوق حكم المحكمة.
وبحسب مصدر من منظمة “هيومن رايتس ووتش”، “فإن عائلة جداد دفعت الغرامة وسددت الكفالة في انتظار الاستئناف، إلا أن المحكمة رفضت الإفراج عنه متذرعة بتهم منفصلة تنظرها محكمة أخرى لنشاطه على الإنترنت”.
وكانت “منظمة العفو الدولية” قد حذّرت في كانون الثاني/ يناير من تدهور حالة جداد الصحية بعد دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجًا على اعتقاله. ونقل جداد إلى المستشفى للعلاج في 23 كانون الثاني/يناير، وأعيد لاحقًا إلى السجن. ووصفته منظمة العفو بأنه “معتقل الضمير”.
وكانت السلطات اعتقلت جداد في ديسمبر/كانون الأول 2014 واحتجزته احتياطيًا لمدة 12 يومًا، ثم أفرجت عنه بكفالة. وفي 21 يناير/كانون الثاني 2015 داهمت قوات الأمن منزله واعتقلته مجددًا.
وقد قامت السلطات منذ 2013 باستدعاء الجداد أو اعتقاله 3 مرات على الأقل على خلفية نشاطه على الإنترنت.
فيما قالت هيومن رايتس ووتش في بيان سابق لها إن تقويض الحقوق في عمان “مستمر روتينيًا“، وأضاف جو ستورك، نائب المدير التنفيذي للشرق الأوسط أنه: “لا يمكن لعمان ادعاء احترام الحقوق في حين أن السّلطات تلقي القبض على المعارضين المسالمين روتينيًا“.
وتعرَّض “جداد“، حسب البيان، إلى اعتداءات مجهولة المصدر ليلة الإفراج عنه في اعتقال سابق، حيث قام مجهولون بتحطيم زجاج سيارته، كما أنه تعرَّض أكثر من مرة لمضايقات من قبيل طرق باب منزله من مجهولين بغية المضايقة. ويعتقد “جداد” أن مسؤولي الأمن يراقبون منزله، وقال لهيومن رايتس ووتش حينها إن: “أطفالي جميعًا تحت المراقبة المستمرة، خصوصًا حين يذهبون للتسوّق هنا وهناك“.
سعيد الدارودي
إلى ذلك، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة صلالة بتاريخ 18 مارس/آذار 2015 حكمًا غيابيًا بالسجن لمدة عام على الكاتب والناشط سعيد الدارودي، بتهمة “الإخلال بالنظام العام”، وستة أشهر بتهمة أخرى هي “إثارة الفتنة والبغضاء” مع غرامة قدرها ألف ريال عماني. والدارودي هو كاتب وشاعر نشر العديد من الكتب، رسام كاريكاتير، ومؤسس “جماعة ظفار للفن الساخر”.
وكانت السلطات استدعت الدارودي في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، للمثول أمام القسم الخاص للشرطة العمانية في صلالة واختفى منذ ذلك الحين. لقد تم احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي دون السماح له بالاتصال بأسرته أو محاميه وذلك بالقسم الخاص من الشرطة العمانية في صلالة. وأطلق سراحه في 05 نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
معاوية الرواحي
من جهته عبر المرصد العماني لحقوق الإنسان عن قلقه حول الغموض في ملابسات اختفاء الكاتب والمدوّن العماني معاوية الرواحي، الذي اعتقلته السلطات الإماراتية من حدودها في 24 فبراير/شباط 2015، ولا زال مصيره مجهولا، وسط تكتم غير مفهوم من الخارجية العمانية، بحسب تعبير المرصد.
ويعتقد المرصد العماني أن “الرواحي ضحية التعاون الاستخباراتي الخليجي الذي تنصّ عليه بنود الاتفاقية الأمنية الخليجية التي صادقت عليها عمان في يناير/كانون الثاني 2014″.
وذكر مركز الخليج لحقوق الإنسان أن السبب الدقيق لاحتجازه غير معروفٍ، إلا أن التقارير تؤكد أنه بسبب ما نشره على وسائل التواصل الاجتماعي منتقدًا العائلة الحاكمة في أبو ظبي.
كما أصدر كّتاب وأدباء وإعلاميون وأكاديميون وصحفيون في السلطنة، بيانًا طالبوا فيه، السلطات العمانية ببذل مزيد من الجهد والتدخل للإفراج عن لرواحي.
وجاء في البيان: “في هذا الوقت الشائك والحرج من وضعنا العربي عمومًا والخليجي خصوصًا، قامت السلطات الإماراتية نهار يوم الاثنين الثالث والعشرين من فبراير باعتقال الكاتب الروائي والقاص والشاعر والمدون المعروف معاوية الرواحي وإلى حين صدور هذا البيان لا تعرف حالته الراهنة ولا أسباب اعتقاله ولا مكانه ولا التهمة التي اعتقل بموجبها”.
وأضاف البيان: ”إن الحرية حاجة طبيعية وبالأخص حرية التعبير، والتضييق على حرية التعبير هو تعدٍّ على حرية الإنسان وذلك لا يتسبب إلا في انتكاسة طال الأمد أو قصر، ولم تخلف الأنظمة البوليسية إلا الكوارث السياسية، وعلى الأنظمة والدول العصرية اليوم أن تضمن سير إجراءاتها وفق أسس قانونية عادلة”.
وطالب الموقعون في البيان، السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري عن الكاتب معاوية الرواحي وضمان سلامته الشخصية وحريته ورعاية وضعه الصحي والنفسي، وتبيان أسباب الاعتقال علنًا. ودعا البيان جميع الكتاب والشعراء والأدباء والمثقفين والفنانين الإماراتيين منهم والعرب عمومًا إلى التدخل بكل وسيلة للإفراج عنه.
وكان الرواحي قد اعتقل في مناسبات عدة بالماضي نتيجة التحدث علنًا ضد السلطان قابوس ونشره على الإنترنت مطالبته بالإصلاح. وكان قد اعتقل خلال شهر فبراير/شباط 2015 لمدة أسبوع وقبلها في يناير 2011، على خلفية مقال كتبه ينتقد فيه أداء “جهاز الأمن الداخلي”. تم تغييب “الرواحي” في أحد معتقلات الأمن السرية قبل أن يتم نقله للمستشفى ليتلقى العلاج النفسي، ثم إطلاق سراحه بعد مرور أكثر من شهر على الاعتقال.
عبد الله الغيلاني
واستدعت السلطات العُمانية الناشط عبد الله الغيلاني للتحقيق، 11في مارس/آذار الجاري، بسبب تغريدة على تويتر، وجرى احتجازه لعدة أيام ثم أفرج عنه، وكان الغيلاني كان قد اعتقل وحوكم سابقًا بتهمة التجمهر في 2012 وقضى مدة أربعة أشهر في السجن ثم أفرج عنه مع ناشطين آخرين بعفو السلطان.
محمد الفزاري
هذا، وفيما لا يزال الناشط الحقوقي محمد الفزاري بلا وثائق، بعد أن تم سحب جوازه وبطاقته الشخصية منه في ديسمبر 2014 ومنعه من السفر منذ ذلك الحين. ويُعد الفزاري أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، وهو مدون معروف في عُمان، كما أنه مؤسس ورئيس تحرير المجلة الإلكترونية “مواطن”.
وكان الفرازي تعرض للاعتقال المتكرر من قبل السلطات العمانية؛ ففي 31 أغسطس 2014 على خلفية مواد صحفية في المجلة تنتقد أعمال السلطة، وفي 2012، وحكمت عليه المحكمة الابتدائية في مسقط مع 10 آخرين من المدافعين عن حقوق الإنسان بالسجن لمدة سنة وغرامة قدرها 200 ريال على اتهامات من بينها؛ التجمع غير القانوني، الاخلال بالنظام العام ومخالفة قانون تقنية المعلومات. وفي 17 مارس/ آذار عام 2013، أمرت محكمة الاستئناف بالإفراج عنه.
يذكر أن المرصد العماني لحقوق الإنسان نشره تقريره السنوي لعام 2014 للانتهاكات الحقوقية في سلطنة عمان، حيث سرد التقرير عددًا من الوقائع والانتهاكات التي طالت نشطاء ومعارضين وعمّالًا طيلة العام الماضي.
التقرير