علقت مجلة “فورين بوليسي” في تقرير أعده كل من يوتشي دريزن وجون هدسون، على الغارات التي شنتها الطائرات السعودية وطائرات من دول التعاون الخليجي ضد جماعة الحوثيين في اليمن، ويقول الكاتبان إن هذه الغارات تعد أول امتحان للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي ورث من أخيه الملك عبدالله مملكة محاطة بالأعداء.
ويجد التقرير أن على السعودية في هذه الحالة تحديد ما تريد عمله من هذا التحرك، الذي جاء بعد تطورات درامية في اليمن، وبعد اقتراب الحوثيين والمتعاونين معهم من ميليشيات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح من السيطرة على عاصمة البلاد.
وتساءلت المجلة عن المدى الذي ستدفع فيه السعودية من أجل مواجهة الحوثيين، وإن كانت العملية دفاعية لمنع الحوثيين من التقدم نحو الحدود مع السعودية.
ويرى الكاتبان أن أحداث يوم الأربعاء هي التي دفعت المملكة لاتخاذ قرار شن الغارات، فقد تم استهداف مقر الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور، الذي لجأ من صنعاء إلى عدن، وتقدمت قوات موالية للحوثيين نحو لحج والضالع، بعد احتلالها مدينة تعز، وهي ثاني أكبر المدن اليمنية.
ويشير التقرير إلى تضارب الأنباء حول مصير هادي، حيث أكدت الحكومة اليمنية أنه لا يزال في عدن، فيما قال عسكريون يمنيون إنه فرّ بقارب عبر البحر، ولكنهم لم يحددوا وجهته. وإزاء هذه التطورات دعت الحكومة اليمنية الدول العربية إلى التدخل لمنع سقوط مدينة عدن.
وتورد المجلة تأكيد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير أن الغارات جاءت بدعم من دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل حماية الحكومة الشرعية في اليمن، ولمنع الجماعة الحوثية الراديكالية من السيطرة على اليمن. ودافع السفير عن القرار قائلا إن الحوثيين طالما استخدموا العنف. مشيرا إلى أنهم متحالفون مع إيران، وقاموا بالسيطرة على السلاح من الجيش اليمني، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، مبينا أن “هذا وضع خطير”.
ويقول الكاتبان إن على الرياض أن تقرر فيما إن كان الهدف من الغارات هو منع الحوثيين، الذين يسيطرون على أنحاء مختلفة من اليمن، من التقدم نحو حدود المملكة، أو أنها، أي الغارات، جزء من عملية عسكرية واسعة تهدف إلى الإطاحة بالحوثيين وإضعافهم.
وتنقل المجلة عن دبلوماسي بارز في منطقة الخليج قوله: “لو كنت مكان السعودية لشعرت بالقلق العميق، فالسعوديون يراقبون تطورات الملف النووي، الذي يقترب من نهايته وبتنازلات جيدة لإيران، ويشاهدون صعود تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وصعود الميليشيات الشيعية في العراق، والحضور الإيراني هناك، بالإضافة إلى أن الحوثيين المدعومين من إيران يزحفون في اليمن”. ويقول دبلوماسي آخر: “لو كنت سعوديا لشعرت بالحصار”.
ويلفت التقرير إلى أن دبلوماسيا توقع قيام السعودية بشن غارات، وإن بشكل محدد، من أجل حماية ما تبقى من الحكومة التي تحظى بدعم من الغرب. ويقول الدبلوماسي إنه من المحتمل أن تعتمد السعودية على الغارات الجوية، واستهداف وحدات الحوثيين ومراكز قيادتهم، التي من السهل العثور عليها، خاصة أن معظمها يرابط في معسكرات الجيش اليمني، التي تمت السيطرة عليها، فقد تفكك الجيش اليمني بقوات غادرت مواقعها، أو انضمت إلى قوات الحوثيين.
ويضيف الدبلوماسي أنه لو مالت السعودية نحو خيار احتواء العنف، فهذا يعني دخول اليمن في مأزق الحرب الأهلية، وبطريقة دموية، ما سيمنح الميليشيات المدعومة من إيران الفرصة للسيطرة على مناطق واسعة من اليمن، وفي الوقت ذاته تترك مساحات أخرى خارجة عن السيطرة، ليتحرك فيها تنظيم القاعدة.
وتقول المجلة إن الحوثيين يزعمون أنهم يريدون مكافحة تنظيم القاعدة، لكن من غير الواضح مدى جديتهم في هذا الموضوع.
ويفيد الكاتبان بأن التدخل العسكري يحمل معه مخاطر أخرى، فالسعودية لديها ترسانة عسكرية كبيرة ومعدات متقدمة، لكن الغارات الجوية وحدها لا تكفي للإطاحة بالحوثيين. كما أن إرسال القوات البرية السعودية قد يؤدي في النهاية إلى حالة من الجمود، كما حدث في عام 2009.
وينقل التقرير عن المحلل السابق في الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه” بروس ريدل، قوله إن العمليات العسكرية داخل اليمن ستكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للسعوديين.
ويضيف ريدل أن السعوديين والحوثيين اشتبكوا أكثر من مرة خلال الأعوام الماضية، وقد يجد الجيش السعودي نفسه متورطا في جبال اليمن. مبينا أن سلاح الجو السعودي يعد خيارا جيدا، ولكنه يترك السعوديين دون قوات برية.
ويذكر الكاتبان أن الولايات المتحدة تواجه مخاطر مشابهة، خاصة أنها سحبت قواتها الخاصة العاملة في اليمن منذ عام 2002، لتدريب القوات اليمنية الخاصة، وهو ما يعرض الولايات المتحدة لمخاطر، خاصة أن الولايات المتحدة تعد تنظيم القاعدة في اليمن الأخطر من بين فروع تنظيم القاعدة في العالم.
وتختم “فورين بوليسي” تقريرها بالإشارة إلى أن المعركة الدائرة في اليمن تجري على خلفية النزاع بين الرياض وطهران؛ لتأكيد نفوذهما في المنطقة. وتقيم إيران علاقات مع الحوثيين، فيما تدعم الرياض حكومة هادي.