“تعددت اﻷسباب والموت واحد، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره”.. مبدأ أصبح واضح في تعامل الشرطة مع المعتقلين داخل السجون ومراكز الشرطة، فمن لا يموت نتيجة للتعذيب يكون الإهمال طريقه لحمل لقب متوفي.
منذ يومين توفي خالد سعيد، أحد المعارضين بالسجن المركزي ببني سويف منذ ثلاثة أيام؛ نتيجة للإهمال الطبي.
خالد سعيد عضو بحزب النور اعتقل في 13 يناير من العام الماضي أثناء زيارته لنجلتيه المعتقلتين، واتهم بسرقة مدرعة تابعة للجيش.
توفي “سعيد” إثر نزيف حاد في الكبد، بعد رفض إدارة السجن المركزي نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، فكان مصاب بفيروس C وتضخم في الكبد” بحسب روايات ذويه.
قبل خمس سنوات كان “خالد سعيد ” آخر شاهد أيضا على تعامل الشرطة مع المواطنين، بالإسكندرية، نتيجة تعذيبه من قبل أفراد من الشرطة -علي حسب قول شهود عيان-، ليلقى وفاته في الحال، ويخرج تقرير الطب الشرعي مرجعًا وفاته لابتلاعه لفافة بانجو، وتندلع بعد ذلك ثورة الخامس والعشرين من يناير، وينقش اسم “خالد سعيد” كأيقونة لها.
“اﻷوضاع داخل السجون متردية “.. هكذا يري محمد زارع، مدير برنامج مصر بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الأوضاع داخل السجون؛ نتيجة للتكدس والازدحام إضافة للمشاكل السياسية – علي حسب قوله -، مما يؤدي لحالات وفاة كثيرة.
وأضاف زارع ، لـ”مصر العربية”، أن ضرورة وجود جهات رقابية أكثر من ذلك كـ”النيابة العامة”؛ لمتابعة اﻷوضاع داخل السجون وكيفية المعاملة إضافة لسرعة إنجاز التحقيقات.
وأكد مالك عدلي، عضوجبهة الدفاع عن المتظاهرين، أن الداخلية عادت لممارسة أساليب القمع الخاصة بها والاعتقالات العشوائية التي كانت تمارسها في عهد مبارك منذ تولي محمد مرسي للحكم واستمر حتي بعد 30 أحداث 30يونيو.
وتابع أن قمع الداخلية حاليا لايؤجج غضب شعبي ضد النظام الحال ؛ ﻷنه لم يعد أسلوبها فقط بل أصبح نظام دولة كاملة، وكذلك التضييق الشديد علي كل القوى الثورية وإنهاكها، مشيرًا إلى أنهم يحتاجوا لتنظيم سياسي واضح.
“السجون بها إهمال كبير” كان هذا وصف محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، الوضع داخل السجون، مشيرًا إلى أن اﻷوضاع داخل السجون سيئة فهناك سجناء قد يصلوا إلى حالة من المرض تسبب الوفاة.
وأضاف فايق، أن عدد المتوفين في السجون كبير، مما يعنى أنهم كانوا في حاجة للإفراج الصحي عنهم، وأوضح أن أماكن الاحتجاز خارج السجون، بعضها غير أدمى ولا يصلح للإقامة، وهو ما يحاول المجلس الإشراف عليه من خلال زيارة الأقسام في الفترة المقبلة.
ويرى هشام عبد الحميد، المتحدث باسم الطب الشرعي أن هناك تطورًا ملحوظًا في كافة السجون في الخدمات الصحية، منتقدا المادة 36 من قانون تنظيم السجون الخاصة بالإفراج الصحي التي وصفها بـ”رأس الفساد” .
وأوضح، أن المرضي داخل السجون يتلقون علاج أفضل من الموجودين خارجه، مشيرا إلى أنه في حالة مريض الفشل الكلوي توفر إدارة السجن له الغسيل الكلوي 3 مرات أسبوعيًا، وهو ما لا يتوفر للموجودين بالخارج لحاجتهم للعلاج على نفقة الدولة.
وأشار إلى أنه منذ وقت قصير خصصت وزارة الداخلية أماكن لحجز المصابين بالأمراض المعدية كالسل والإيدز، وهو ما لم يكن متوفرًا طوال فترة التسعينات، مؤكدا على اتفاق قانون تنظيم السجون مع كافة المواثيق الدولي.
وقال اللواء شريف جلال، من قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية إن الإجراءات الصحية للمسجونين يشرف عليها أطباء متخصصون، بوضعهم تحت الاختبار الصحي لمدة 10 أيام، وتلقى التطعيمات والتحصينات ضد الأمراض المعدية، كما أن غرف المعيشة للسجناء تطهر بصفة دورية.
وأضاف جلال، أن هناك مستشفى محليًا بكل سجن يضم عيادات علاجية في جميع التخصصات، ومستشفى مركزيًا على مستوى طبي متميز بكل منطقة سجون جغرافية مجهزة بغرفة عمليات وأجهزة طبية ومعامل حديثة لعلاج كافة سجناء المنطقة الجغرافية، إضافة لمتابعة أعمال النظافة من خلال تطهير غرف الإعاشة يوميا وتحليل عينات المياه شهريًا، للتأكد من مطابقتها للمواصفات وصلاحيتها للاستخدام الآدمي.
وأوضح، أن المسجونين يتلقون كافة أشكال الطب العلاجي بمستشفيات السجون البالغ عددها 25 مستشفى، مزودة ب1000 سرير، يعمل بها أطباء في التخصصات الطبية المختلفة، فضلا عن وجود 96 عيادة مختلفة التخصصات في السجون، و22 معمل تحاليل، و19 غرفة إشاعة، 13 وحدة للموجات فوق الصوتية، 17 غرفة عمليات جراحية بسيطة، 8 غرف عمليات كبرى، مركز للغسيل الكلوي مجهز بـ3 وحدات حديثة في ليمان طرة، ومركز للغسيل الكلوي بسجن القناطر، 9 مراكز للعلاج الطبيعي، و3 غرف للعناية المركزة بمستشفيات ليمان طرة وبرج العرب والمزرعة، ومركز لجراحات العيون بليمان طرة و 43 صيدلية.
وتابع، “الوزارة أقامت 3 بروتوكولات تعاون من بينها بروتوكول تعاون في مجالات مكافحة وعلاج الإدمان و مكافحة فيروس نقص المناعة “الإيدز”، وبروتوكول تكامل للرعاية الصحية للمسجونين بين وزارة الداخلية والمستشفيات الجامعية، وبروتوكول بشأن دعم الوقاية من الإيدز، وتقديم الدعم للمتعايشين معه.
مصر العربية