رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، أن الصدع الحالي في العلاقات بين دول الخليج يبدو أنه التحدي الأكبر لمجلس التعاون منذ نشأته عام 1981، مُشددة على أن جوهر الخلافات بين الدول الأعضاء يمكن حصره في الفهم الأيديولوجي للتهديدات الإقليمية.
ووفقا للدراسة، فإنه على مدار تاريخ الخليج المعاصر، تمثلت هذه التهديدات في الناصرية والبعثية والشيوعية والشيعية الثورية القادمة من إيران، ولكن ومنذ اندلاع الثورات في العالم العربي انبثق تهديد أيديولوجي جديد على بعض دول الخليج، وتجسد حسب رؤية السعودية والإمارات والبحرين في حركة الإخوان المسلمين، إذ إن هذا التنظيم لا يُشكل تحديا أيديولوجيا وتهديدا على بعض دول الخليج العربية فحسب، بل إنه يُقوض وحدة وأداء المنظمة العربية المتماسكة الوحيدة (مجلس تعاون دول الخليج)، مشيرة إلى أن هذا التحدي الذي يُمثله التنظيم لبعض دول الخليج يشكل الخط الفاصل بين المتنافستين الكبيرتين على زعامة المنطقة (السعودية وقطر).
وأضافت الدراسة أن الحرب الأهلية في سورية تُثبت كيف أن الفوارق الأيديولوجية بين القوتين الكبيرتين المركزيتين في الخليج أثرت في المواجهة وفي سلوكيات الأطراف، وبالتالي يُمكن الاستنتاج بوضوح إلى أن التحدي الأيديولوجي التي تضعه دول مجلس التعاون الخليجي نصب أعينها قد أثر جدا في تطورات الإقليم الحالية.
ومضت الدراسة قائلة إن صعود الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسحره المتنامي في عيون المواطنين في المنطقة، وخصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة، وكذلك الحرب في سورية وتقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، كل هذه العوامل أسهمت في تعميق الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي.
وذكرت الدراسة أن حركة الإخوان المسلمين تنظيم إسلامي قوي قائم منذ 80 عاما، حافل بتاريخ صلب وتأييد جماهيري في أنحاء الإقليم كله، ولكن الحقيقة الأساسية التي تثير الشكوك وقدر معين من القلق في أوساط غالبية دول الخليج هي أن التنظيم يمكن أن يقود إلى تسييس الإسلام في المنطقة، وهو أمر يصعب التنبؤ بانعكاساته على منطقة الخليج، لافتة إلى أن هذا التخوف له أهميته المركزية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
كما إن جماعة الإخوان المسلمين والحركات المرتبطة بها، وفقا للدراسة، موجودة في هذه الدول منذ أن بدأت التسلل إلى المنطقة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وتعتبر هذه التنظيمات تهديدا حقيقيا على القيادة الحالية، وبشكلٍ خاصٍ منذ اندلاع ما يُسمى بالربيع العربي.
وأضافت الدراسة أن التنظيم يستغل الانتخابات كأداة مركزية لكي يتحول إلى حكومات شرعية في دول المنطقة، فعندما وصل إلى السلطة عبر الانتخابات الشرعية في تونس ومصر، كان ذلك بمثابة إشارات تحذيرية لغالبية دول الخليج.
وأوضحت أيضا أن أيديولوجيا (الإخوان المسلمين) تتناقض مع الأسس التي تتبناها أنظمة الخليج، ولديها إمكانية زعزعة أجهزة الدولة الإماراتية الملكية في الخليج، لافتة إلى أن المملكة العربية السعودية كانت، وما زالت، تُفضل التنظيمات الإسلامية التي تمتنع عن التدخل في السياسة، وهذا هو السبب في أن الرياض ترى في (الإخوان المسلمين) الذين تبنوا السياسة، خصما أيديولوجيا ونموذجا يُهدد سلطة الدولة، على حد تعبيرها.