وجه نجاح المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخرًا بمدينة شرم الشيخ، سواء على صعيد تأمين الدعم السياسي لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي إقليميًا ودوليًا، والمكاسب الاقتصادية التي حققها، ضربة قوية لجماعة “الإخوان المسلمين” التي كانت تعول بشدة على إفشال المؤتمر، وهو الهدف الأساسي من “التسريبات” التي بثتها فضائيات محسوبة على الجماعة من داخل مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي وقتما كان وزيرًا للدفاع وتتضمن “إساءة لدول الخليج”، الداعم الرئيسي للسلطة الحالية.
ففي الوقت الذي نجحت فيه مصر في الحصول على استثمارات وقروض بلغت 60مليار دولار فضلاً عن تعهدات بدعم خليجي قدره 12.5 مليار دولار، استطاعت السلطة الحالية تسويق الحضور السياسي المتمثل في مشاركة 35رئيس دولة ورئيس وزراء للمؤتمر في التأكيد على أنها تحظى بالشرعية وقادرة على الحياة وليس كما يروج خصومها.
وأربك هذا النجاح جماعة “الإخوان”، التي كانت تسوق طوال الفترة الماضية على اضطراب الأوضاع الأمنية وعدم ملائمة الساحة المصرية لجذب استثمارات، إلا أن الحضور السياسي اللافت أعطى فرصة للحكومة للتأكيد على أن هذا الحضور يؤكد الثقة الدولية في القيادة السياسية المصرية، ويعطى شهادة جدارة عن الاقتصاد المصري.
إلا أن حسين عبدالرحمن مؤسس حركة “إخوان بلاعنف”، قال إن “التنظيم الدولي للإخوان سيعقد حلقة نقاشية في العاصمة التركية أنقرة، لاتخاذ خطوات لإحباط مايعتبره النظام نجاحًا لمؤتمر شرم الشيخ، ومنها إقناع الشركات الكبرى بعدم تنفيذ مذكرات التفاهم التي وقعتها مع الحكومة المصرية، والتأكد على عدم قدرة الاقتصاد المصري المعتل على استقبال استثمارات، في ظل مناخ فاسد وبيروقراطي”.
يأتي هذا فيما كشفت مصادر عن حالة استياء رسمي مبطن من الرسالة الخليجية للنظام، عبر ضح 12مليار دولار بالتساوي بين السعودية والكويت والإمارات، وتتمثل في أن زمن المنح قد انتهى وأن الأمر لن يتجاوز تقديم ودائع في البنك المركزي، وهو ما يتيح لها إمكانية استردادها في توقيت بعينه لمنع انهيار الجنيه حاليًا، وما يستتببعه من أزمات اقتصادية ستكون لها تبعات اجتماعية، حيث كان النظام يراهن على منح كبيرة إلا أن الضجة الإعلامية جعلت الاستياء المصري لا يغادر الجلسات السرية”.
فيما عزت المصادر، الحضور السعودي الرفيع المتمثل في ولى العهد، الأمير مقرن بن عبد العزيز بأنه رسالة لجماعة “الإخوان” بأن تعنتها وإصرارها على عودة الرئيس المعزول محمد مرسى، ورفضها لتسوية “الحل الوسط” التي عرضتها الرياض عليها، سيتبعه دعم لا محدود من نظام الرئيس السيسي والتراجع عن خطتها لإعادة دمج الإخوان في الساحة السياسية وقيادة مصالحة وطنية في مصر.
وعلى الرغم من الأجواء غير الايجابية التي تحيط علاقات “الإخوان” في مصر حاليًا مع الرياض، إلا أنه لا يمكن مقارنتها أبدًا بحالة التوتر الشديدة التي سادت هذه العلاقات إبان عهد العاهل الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، خصوصًا أن الرياض أبدت انفتاحًا على الجماعة خلال المرحلة الماضية في مصر، وأعادت فتح النوافذ مع حركة “حماس” وضخت الدماء في عروق العلاقات التاريخية مع “إخوان اليمن” (التجمع الوطني للإصلاح) في إطار سعى الرياض لتشكيل قوة ردع سنية ضد التمدد الحوثي المدعوم إيرانيًا في اليمن.
وفي حين نفت حركة “حماس” توجيه الدعوة حتى الآن لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لزياراته، فسر مراقبون الأمر بأن نتيجة لغضب سعودي من موقف الحركة الرافض للانضمام للمحور السني، وسعيها للوقوف على مسافة واحدة مع القوى الإقليمية واستياء من اللقاء الذي جمع بالدوحة بين مشعل ورئيس مجلس الشورى الإيراني على لاريجاني، ما دفع الرياض لوقف التقارب مع الحركة الفلسطينية، إلا أنها رغم ذلك انخرطت في وساطة بين الرياض و”تجمع الإصلاح اليمنى” لمواجهة الحوثيين.
فيما تواجه “حماس”، اتهامات بأنها خضعت لضغوط من التنظيم الدولي للإخوان، بعدم التعاطي الإيجابي مع الرغبة السعودية لتحسين شروط المصالحة التي ترعاها المملكة بين الجماعة والدولة المصرية، حيث تحاول الإخوان الاستفادة من المأزق السعودي في اليمن، وتخلى الإدارة الأمريكية عن خططها لإسقاط الرئيس السوري بسار الأسد ورهانها على دور في التسوية النهائية لتحديد مستقبل سوريا.
وقال القيادي الجهادي محمد أبوسمرة، إن “عدم استجابة الإخوان للتسوية التي عرضتها الرياض عليها لتحقيق المصالحة بينها وبين القاهرة، وتمسك الجماعة بعودة مرسى ومحاكمة “قادة الانقلاب” والقصاص من قتلة المعتصمين في “رابعة” و”النهضة” ألقى بظلاله على محاولة التطبيع في العلاقات بين الرياض والجماعة في مرحلة ما بعد وصول الملك سلمان للحكم”.
وتابع “جماعة الإخوان رفعت سقف طموحاتها خلال الفترة التى سبقت المؤتمر الاقتصادى، إدراكًا منها لمأزق النظام الحالى، وهو ما رد عليه النظام بالتوسع فى أحكام الإعدام التى طالت عددًا كبيرًا من قادة الجماعة فى قضية “غرفة عمليات رابعة” فى مسعى من الدولة للضغط على الجماعة للحد من سقف طموحاتها للتسوية”.
(المصريون)