هناك القليل من الناس المستعدّين للتصدي لحالة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حيث تواجه الأقليات الدينية والنساء القمع، ويعتقد بأن عشرات الآلاف من الناس يعانون في السجن لأسباب سياسية. وحتى الآن، وخلال السنوات الـ 70 الماضية، كانت المملكة العربية السعودية حليفًا رئيسًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وقد تم كتم المطالبات الرسمية بحماية حقوق الإنسان في البلاد.
وكانت واحدة من الدول القليلة التي خاطرت بعلاقتها مع المملكة العربية السعودية هي السويد. وكما ذكرت الواشنطن بوست سابقًا، بعد أن كشفت وزيرة الخارجية السويدية، مارغو والستروم، عن أنها منعت من الحديث عن الديمقراطية وحقوق المرأة في تجمع لجامعة الدول العربية في القاهرة، ردت السويد بإلغاء صفقة أسلحة كبرى مع المملكة.
وكانت والستروم، التي وعدت بسياسة خارجية “نسوية” عندما دخلت الحكومة، قد انتقدت في السابق جلْد المدون السعودي، رائف بدوي، على تويتر، ووصفت المملكة العربية السعودية بالدكتاتورية.
والآن، تبدو المملكة العربية السعودية مصممة على جعل الأمور غير مريحة بالنسبة للسويد. ومنذ أن انتقدت والستروم السعودية علنًا لحجب حديثها في 9 مارس، كان هناك عدد من التحركات الدبلوماسية البارزة من قبل الرياض:
– يوم 10 مارس، استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها في ستوكهولم، قائلةً إن ما دفعها لفعل ذلك هو تدخل السويد في شؤونها الداخلية.
– في اليوم نفسه، أصدر وزراء خارجية دول الجامعة العربية بيانًا مشتركًا يدين تصريحات والستروم.
– في 18 مارس، استدعت الإمارات العربية المتحدة سفيرها في ستوكهولم، وأدانت “التصريحات القوية التي أدلت بها وزيرة خارجية السويد إلى برلمان بلادها ضد المملكة العربية السعودية ونظامها القضائي“.
– في 19 مارس، قال مسؤول سعودي لوكالة اسوشيتد برس إن المملكة لن تصدر تأشيرات العمل للمواطنين السويديين، ولن تقوم بتجديد التأشيرات الحالية للمواطنين السويديين داخل المملكة العربية السعودية.
وتبدو هذه الأفعال مصممة بشكل واضح للضغط على رئيس الوزراء السويدي، ستيفان لوفين، لينأى بنفسه عن والستروم. وقد أدت التكتيكات الدبلوماسية المستخدمة من قبل المملكة العربية السعودية إلى رد فعل عنيف داخل السويد.
وقد قامت السويد بتصدير ما قيمته 1.3 مليار دولار من البضائع للمملكة العربية السعودية العام الماضي، ويشعر مجتمع الأعمال في السويد بالقلق العميق إزاء الأثر المالي للنزاع مع المملكة العربية السعودية. ومن الممكن أن تكون صفقة الأسلحة وحدها كبيرةً في أثرها السلبي، حيث اشترت المملكة العربية السعودية معدات عسكرية سويدية بقيمة 39 مليون دولار العام الماضي وحده.
وقبل حتى بدء الخلاف، نشر 31 من قادة الأعمال السويديين بيانًا في صحيفة محلية يحث الحكومة على الحفاظ على علاقات جيدة مع المملكة العربية السعودية. وكتب قادة الأعمال: “سمعة السويد كشريك في مجال التجارة والأعمال على المحك“.
ويظهر قرار الرياض بمنع إصدار تأشيرات الدخول للسويديين أن السعوديين على علم بنفوذهم المالي. وقال أندرياس آستروم، وهو مدير الاتصالات في غرفة تجارة ستوكهولم لوكالة اسوشيتد برس: “سيكون لهذا تأثير سلبي واسع النطاق بالنسبة للشركات التي لديها مصالح في المنطقة“. وأضاف: “ليس هذا جيدًا بالنسبة لمجتمع الأعمال السويدي، وعلى المدى البعيد، لفرص العمل في السويد“.
ويتبع هذا الخوف من الخسائر الاقتصادية أيضًا خطاً من المنطق الجيوسياسي. حيث إن المملكة العربية السعودية هي قوة سياسية مؤثرة في الشرق الأوسط، وهذا ما يؤكده قرار دولة الإمارات العربية المتحدة استدعاء سفيرها، والدعم الذي أبدته جامعة الدول العربية للرياض.
وقال كارل بيلدت، وهو وزير الخارجية السويدي ورئيس الوزراء السابق: “بشكل حقيقي للغاية، الأمر هنا يتعلق بمصداقية السويد كشريك تعاقدي”. وأضاف: “هذا المصداقية مهمة لبلد صغير نسبيًا مثل السويد. وهذا الوضع بمجمله مؤسف“.
وكانت السياسة الخارجية للسويد في الشرق الأوسط حادة على نحو غير عادي منذ تولي والستروم منصبها. واعترفت السويد رسميًا بفلسطين كدولة مستقلة هذا العام، مما أثار الاحتكاك مع الحكومة الإسرائيلية. وحتى إن بنيامين نتنياهو ألمح إلى هذا قبيل الانتخابات الإسرائيلية هذا الأسبوع، مدعيًا أن “الحكومات الاسكندنافية” كانت تعمل على الإطاحة به من السلطة.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن هناك أملًا بأن المشاحنات سوف تهدأ. وقال سفير السويد لدى المملكة العربية السعودية، داغ يولين دانفليت، للصحافة السعودية، إنه يسعى “لاحتواء الأزمة“. ويوم الجمعة، قالت والسترم للصحفيين إنه من المهم أن تحافظ السويد والمملكة العربية السعودية على “علاقات دبلوماسية جيدة“.
واشنطن بوست – التقرير