كثفت الحكومة المصرية من اتصالاتها على مدار اليومين الماضيين، للدخول في مصالحات مع عدد من رجال الأعمال والمسؤولين المتهمين في قضايا المال العام، وذلك بعد انتهاء مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في الفترة من 13 إلى 15 مارس الجاري، ويشهد تضارب في أرقام التعاقدات.
ولعل أبرز ما هو عالق في ملف المصالحات، التصالح مع رجل الأعمال حسين سالم، وما يدور حول التنازل عن جزء من ثروته، سواء بالإعلان الرسمي عن ذلك، أو بنفي يلحقه من إسبانيا مقر إقامة سالم، فضلا عن رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق.
وقال طارق عبد العزيز، محامي حسين سالم ، إن موكلي حصل على البراءة في قضية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، والتي كان فيها وزير البترول الأسبق سامح فهمي، وعدد من قيادات القطاع.
وأضاف في تصريح خاص، أن موكله تقدم إلى جهاز الكسب غير المشروع للتوصل إلى صيغة تصالح تسقط بعدها جميع قضايا المال العام، والكسب التي يواجهها موكله.
وتابع: “جهاز الكسب يتحفظ على أموال وممتلكات موكلي، بما فيها فندق موفنبيك جولي فيل، ويضم ملعبا للجولف تصل قيمته إلى 22 مليار جنيه”.
يذكر أن فندق جولي فيل مقرًا لاستضافة كبار المشاركين في مؤتمر شرم الشيخ، خلال اليومين الماضيين، والشخصيات رفيعة المستوى، كما أن قاعة المؤتمرات كانت مقرا لانعقاد الفعاليات.
وأكد عبد العزيز، إنه تقدم لصالح موكله بتسوية إلى جهاز الكسب غير المشروع، للتصالح في القضايا المنظورة أمام الجهاز حاليا.
وأوضح أن هناك مفاوضات قائمة مع الكسب غير المشروع، وأن الجهاز طلب عدم الكشف عن أي نتائج أولية لهذه المفاوضات لحين الانتهاء منها.
وقال: “تقدمنا للتصالح ومازلنا في التفاوض للوصول إلى مبلغ محدد لإجراء الصلح وإسقاط جميع القضايا، ولا يمكن الحديث عن المبلغ المحدد”.
بينما قال مصدر وثيق الصلة بالمفاوضات، إن سالم تقدم بطلب تصالح للتنازل عن 4 مليارات جنيه، خاصة بعد أن حصل على البراءة في قضية الغاز الشهيرة.
وأضاف أن مجلس الوزراء أقر تعديلا قبل أيام في قانون الكسب غير المشروع تضمن إمكانية أن تقبل الجهات القضائية المختصة عرض المتهم بالتصالح عن جريمته، شريطة أن يرد فعليًا كل ما تكسبه من أموال غير مشروعة، فضلاً على نصف أو مثل أو مثلي قيمتها، بحسب الأحوال.
وتضم القائمة المرشحة للاستفادة من هذا القرار عددا من رجال الأعمال والمسؤولين، منهم رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة اﻷسبق، ويوسف بطرس غالي، وزير المالية اﻷسبق، وأحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل، وحسين سالم، رجل الأعمال الهارب، بمجموعة مبالغ تقترب من 26 مليارًا و534 مليون جنيه، حسب تقديرات الخبراء.
وتابع المصدر: “شهدت اللجنة الوزارية لفض المنازعات، برئاسة وزير العدل، كثافة في تلقي طلبات فض المنازعات بين عدد من المستثمرين ورجال الأعمال والجهات الحكومية، خاصة فيما يتعلق بالأراضي”.
وأوضح أن القانون الحالي يتيح لجهاز الكسب غير المشروع رفض التصالح في بعض الحالات، مشيرًا إلى أن محامى حسين سالم تقدم بطلبات صلح قبل مشروع القانون.
وأشار المصدر إلى أنه يجري حاليا تفعيل عدد من التعديلات التي أقرها المجلس العسكري عام 2012، ولحقت بها تعديلات أخرى أدخلتها حكومة الإخوان عام 2013 تتعلق بالتصالح مع المحكوم عليهم غيابيا، دون حضور المتهم.
وقال جميل سعيد، محامي المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق، إنه بعد براءة موكله من تهمة استغلال المعلومات في القضية المعروفة بـ “قضية هيرمس”، يمكنه التصالح إن شاء.
كان سعيد قد أرسل إلى جهاز الكسب غير المشروع، مذكرة تطالب بالسماح له بالحصول على نسخة من ملف موكله الذي أحاله الجهاز إلى الجنايات بتهمة الاستيلاء على 500 مليون جنيه.
بينما كشف مسؤول بارز بالبورصة المصرية، أن جهاز الكسب غير المشروع طلب من هيئة الرقابة المالية إرسال خبير منتدب في لجنة شكلها الجهاز للتحقيق في استحواذ رشيد وابنته على أسهم شركة “هيرميس” بقرض من بنك “بي إن بي باريبا”، من خلال ضمانات وهمية وهو ما نفاه مسؤول بالبنك.
وأكد مسؤول البورصة، فضل عدم ذكر اسمه، أن هيئة الرقابة أرسلت خبيرا للجنة الكسب غير المشروع، للإدلاء برأيه الفني في شراء رشيد ونجلته كميات كبيرة من أسهم شركة هيرمس، بناءً على معلومات وصلته بحكم منصبه واستغلها في عملية الشراء، في مخالفة للقانون.
كانت التحقيقات التي باشرها المستشار أشرف العشماوي، رئيس هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع، قد ذكرت أن “رشيد” قام عام 2003 وأثناء عضويته بلجنة السياسات وأمانة الحزب الوطني “المنحل” حصل بحكم نفوذه على معلومات جوهرية داخلية، تضمنت أن الشركة القابضة للأوراق المالية “هيرمس”، تعتزم رفع رأس مالها، وطرح أسهم للبيع بالقيمة الإسمية، وأن المساهمين الرئيسيين بالشركة سوف يحجمون عن دخول الاكتتاب وقت الإعلان عنه، مما يساعده على الاستحواذ على أكبر عدد ممكن من الأسهم عن طرحها.
وأوضح المسؤول، أنه ليس هناك طرح لزيادة رأس المال حدث في مصر، وتمت تغطيته بالكامل بنسبة 100%، وأقصى ما يتم تغطيته هو 95%، خاصة بسبب الأفراد الذين يسقط منهم المساهمة “سهوا”، أو من تعترضه ظروف التنفيذ.
وأشار إلى أنه لا يفيد مستثمر أن يعلم بموعد زيادة رأس المال قبلها بشهر أو حتى 60 يومًا، لأن هذه الزيادة يتم الإعلان عنها من خلال النشرات عبر وسائل الإعلام المقروءة، قبل التنفيذ بشهر أو أسابيع، وهو ما لن ينطبق على حالة “رشيد” الذي لن يستفيد من الأمر في شيء.
وأكد أن معلومات زيادة رأس المال تكون متاحة، على عكس معلومات أخرى ترتبط بالصفقات، مثل تلقي طلب استحواذ أو اندماج، وهو ما يؤثر في سعر السهم فعليا، كما حدث في قضية البنك الوطني والمتهم فيها جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع.
وقال “شراء أسهم زيادة رأس المال تحتاج إلى ترتيبات مع البنوك للحصول على تمويل عملية الشراء، وهو ما يستغرق وقتا طويلا، وليس في يوم وليلة”.
من جانبه، نفى بنك الإمارات دبى الوطني ” بى إن بى باريبا ” سابقا، ما ذكره قرار إحالة رشيد إلى الجنايات، حول منح وزير التجارة والصناعة الأسبق، قرضا بدون ضمانات.
وقال مسؤول بارز بالبنك، “ليست هناك مشكلة في التعاملات المصرفية والمالية للشركات والمصانع، التي يساهم فيها رشيد أو شقيقته حسنة مع البنك”.
وأكد المسؤول ردًا على ما أثير عن منح رشيد قرض شخصي بضمان أسهم في شركة هيرميس، أن “الإدارة الفرنسية السابقة للبنك، لم تسمح بمنح قروض للعملاء بضمان الأسهم”.
وأوضح أن “رشيد ليس ضمن قائمة عملاء إدارة الصفوة أو الـ vip بالبنك، التي تمنح القروض، بعيدًا عن الائتمان لأصحاب الحسابات الكبرى، لكنها كانت تضم وزير السياحة الأسبق زهير جرانة”.
وتابع المسؤول الذى فضل عدم ذكر اسمه لأن مجموعة شركات ومصانع وتوكيلات التي يساهم بها رشيد، وشقيقته حسنة ، حاصلة على تسهيلات ائتمانية من بنك بى إن بى باريبا سابقا ، وموقفها وملاءتها المالية جيدة ، ويديرها هنود ، وتمتلك شقيقته حسنة حصة في الشركة ، لكنه رفض الكشف عن حجم التسهيلات الممنوحة ، وهيكل المساهمين .
في سياق متصل قال مسؤول مصرفي بأحد البنوك الخاصة إن عددًا من البنوك الاستثمارية العاملة بالسوق المحلى لديها إدارات خاصة بعملاء الصفوة أو الـ vip بعيدًا عن قطاعات الائتمان بهذه البنوك لأصحاب الحسابات الكبرى.
وأضاف “من بين هذه البنوك إتش إس بى سى ، وبنك قطر الوطني الأهلي الذى استحوذ على الأهلي سوستيه جنرال ، والتجاري الدولي “مصر”، بالإضافة إلى بى إن بى باريبا”.