أفاد تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، من إعداد مراسلها في النجف، أن هجوم القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت توقف لما تكبدته من خسائر فادحة على أيدي مسلحي تنظيم الدولة، مما أثار مخاوف بشأن ما إذا كان المقاتلون الموالون للحكومة مستعدين لهجمات كبرى.
بعد يومين من نشاط قليل في أرض المعركة، أكد وزير الداخلية العراقي، محمد الغبان، أن الهجوم قد “توقف مؤقتا”. وكشف التقرير أن التدفق المستمر لتوابيت على المدينة المقدسة الشيعية في العراق، النجف، قد يشير إلى سبب التوقف. إذ يقول عمال المقبرة إن حوالي 60 قتيل حرب يصل يوميا.
منذ الأسبوع الماضي، طوقت القوات العراقية مقاتلي السنة في تكريت، مدعية أنها سيطرت على غالبية المعقل السابق لتنظيم الدولة الإسلامية. ولكن العملية كلفت كثيرا، حيث اعترف الجنود أن المعركة كانت أشد شراسة مما كان متوقعا. ومع تباطؤ الزخم، طالب بعض المسؤولين العراقيين علنا الدعم الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وفي حين لا يزال المسؤولون العراقيون يعربون عن ثقتهم في أن يتمكنوا من استعادة السيطرة على المدينة، فإن تعثر الهجوم لا يبشر بالخير بالنسبة للمعارك المرتقبة الأكثر تعقيدا حول الموصل والمناطق التي يسيطر عليها مقاتلو داعش في محافظة الانبار، والتي كانت من المتوقع أن تبدأ خلال الأشهر المقبلة.
إنها معركة حامية الوطيس”، كما قال طاهر الصباح، وهو أحد مقاتلي منظمة بدر الشيعية، الذي وصل إلى النجف يوم الأحد لدفن والده بعد أن قتل قرب تكريت في الليلة السابقة، وأضاف: “إنها تأخذ وقتا طويلا”، ولكننا سنستمر في خوضها”.
وقال التقرير إن الحكومة العراقية لا تقدم أرقام القتلى في المعركة، ولكن مقبرة وادي السلام في النجف، وهي الأكبر في العالم، يُدفن فيها غالبية الشيعة في العراق، بمن فيهم قتلى قواتهم وميلشياتهم في المعارك.
ومع غروب الشمس مساء الأحد في ضريح الإمام علي في النجف، حيث يتم أخذ الموتى قبل دفنهم، وصلت أربعة توابيت، خلال 20 دقيقة، مُسجاة بالأعلام للإشارة إلى أنها تحتوي على جثث المقاتلين “الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم”.
وسجل مكتب الاستقبال التابع للمقبرة الوفيات 127 قتيل حرب منذ بداية الهجوم على تكريت في بداية الشهر الجاري، ولكن هذا لا يشمل أرقام أكبر الميليشيات الشيعية، منظمة بدر، عصائب أهل الحق وكتائب السلام التابعة لمقتدى الصدر، إذ إنهم يسجلون موتاهم بشكل منفصل.
في محطات غسل الموتى التابعة للمقبرة، حيث تجهز معظم الجثث للدفن، يقول العمال إن أرقام القتلى مرتفعة جدا.
ونقل التقرير عن فاضل الزبيدي، أحد مسيري المقبرة، قوله: “في يوم واحد من أيام المعركة يسقط أحيانا مئات من الجنود، ولكن المشرحة لا تسلمهم في وقت واحد، لأن الأمر حساس جدا”.
وكشف هاشم ياسر، مسير آخر بمقبرة النجف، لمراسل الصحيفة أن ارتفاع عدد القتلى هو الأسوأ منذ بداية اجتياح تنظيم الدولة لشمال العراق في يونيو الماضي. وأضاف: “لدينا فكرة هنا عن كيفية سير المعارك، إنها ليست على ما يرام”.
على بعد مئات الأمتار عنه، كشف سميرة التميمي (59 عاما) مع جثث مقاتلي عصائب أهل الحق فقط، واحدة من الميليشيات الشيعية الأسوأ السمعة في العراق، أن 26 من مقاتلي ميليشيات المجموعة قد توفوا في تكريت حتى الآن، بما في ذلك ثلاثة من كبار القادة العسكريين الذين قتلوا في تفجير انتحاري يوم 5 مارس.
ونقلت الصحيفة عن عمال المقبرة قولهم إن التفجيرات ونيران القناصة هي الأسباب الأكثر شيوعا للوفاة بين القوات الموالية للحكومة العراقية.