غزة- الأناضول: قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس″ إنّ دعم قطر لقطاع غزة، وإعلانها عن بدء بناء ألف وحدة سكنية، سيتم تمويلها من “منحة المليار دولار” التي تبرعت بها لإعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، أثار غضب السلطة وقيادات في حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”.
وقال سامي أبو زهري، المتحدث باسم الحركة، في بيان له الثلاثاء، وصل الأناضول نسخة منه، إن “السلطة قلقة من جهود قطر في إعمار غزة، والتي كشفت عن تقاعس وتخاذل السلطة عن دورها في إعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة”.
وثمّن أبو زهري الدور القطري، واصفًا إياه بـ”العظيم، والكبير”، لافتًا إلى أن “لمز بعض قيادات حركة فتح بالدور القطري، دليل على ضيق السلطة، من البدء الفعلي للإعمار”.
وأضاف أبو زهري: “الدور القطري كشف عن أن كل ما قدمته السلطة من أسباب لعدم بدء الإعمار هي ذرائع واهية، ولا أساس لها من الصحة، وهي من تريد تعطيل الإعمار، والإبقاء على الحصار”.
ولم يصدر أي تعقيب فوري من السلطة، حول تصريحات أبو زهري، غير أنها أكدت في وقت سابق، دعمها للجهود القطرية، ووفق تصريحات للرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإن عدم إيفاء الدول المانحة بتعهداتها خلال مؤتمر القاهرة لإعمار غزة، يقف وراء تأخر الإعمار.
وكانت قطر، ومن خلال السفير محمد العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، الذي يزور قطاع غزة في هذه الأثناء، أعلن عن بدء المشاريع القطرية، لإعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، عبر بناء ألف وحدة سكنية، سيتم تمويلها من “منحة المليار دولار” التي تبرعت بها دولة قطر خلال مؤتمر القاهرة لإعمار غزة.
وتعهدت الدول والجهات المشاركة في مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار غزة، الذى انعقد في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بتوفير 5.4 مليار دولار، منها نحو 2.6 مليار دولار لإعادة إعمار غزة، والمبلغ المتبقي (2.8 مليار دولار)، يخصص للموازنة والحكومة الفلسطينية على مدار الـ 3 سنوات قادمة.
ووضع العمادي، الإثنين، حجر الأساس، لبناء حي سكني، يحمل اسم “مدينة سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثان”، خاص بالأسرى والمحررين الفلسطينيين.
وأكد العمادي أن جهود قطر لإعمار غزة تتم بالتنسيق الكامل مع حكومة الوفاق الوطني والتي يرأسها رامي الحمد الله، وأن التنسيق لإدخال مواد البناء يتم عن طريق الارتباط الفلسطيني.
وكان أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، قال، اليوم، في تصريحات صحفية، إن حركته تتخوف من الدور الذي تلعبه دولة قطر بالتنسيق المباشر مع إسرائيل لإعادة إعمار قطاع غزة.
وأضاف مقبول أن السلطة تتخوف مما وصفه بمؤامرة فصل قطاع غزة عن الضفة، وأن دور قطر قد يحمل أهدافا بعيدة عن “الإعمار”.
وتابع: “نخشى أن يكون للدور القطري أهدافاً وأبعاداً سياسية أخرى خلف تنسيقها المباشر مع إسرائيل في موضوع إعمار قطاع غزة”.
وكان القيادي في حركة فتح سفيان أبو زايدة، قال في تصريح عبر صفحته الشخصية، على موقع (فيس بوك) إن السلطة تخشى من مخطط تقوده حماس بالتعاون مع جهات إقليمية لمساعدتها في فصل غزة عن الضفة.
وأضاف أبو زايدة أنه رغم تخوف السلطة إلا أنها لا تنتقد دور قطر بوضوح، وتصر على الصمت حول هذا الموضوع.
إلا أن السفير العمادي نفى أن يكون لقطر أي هدف سياسي، وراء تقديمها للمساعدات لغزة.
والتمويل القطري الأخير لإعمار غزة، سبقه سلسلة من التبرعات المالية مصحوبة بدعم سياسي غير مسبوق للقضية الفلسطينية في العقد الأخير.
وكانت قطر قد تبرعت في أكتوبر/ تشرين أول 2012 بنحو 407 ملايين دولار، لإعادة إعمار قطاع غزة عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية وحيوية في القطاع.
وأنشأت المصرف الإسلامي برأس مال 50 مليون دولار، وتبرعت بباخرة قطرية محملة بـ 25 ألف طن من الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، فضلا عن تبرعها لمنح بلغت أكثر من 60 مليون دولار قدمتها لحكومة حماس السابقة، وحكومة الوفاق لشراء الوقود اللازم لمحطة الكهرباء.
وتوازى الدعم المالي بالدعم السياسي إذ زار أمير قطر السابق حمد بن خليفة القطاع في أكتوبر/ تشرين أول 2012, في زيارة تاريخية هي الأولى لزعيم عربي يصل غزة، معلنًا عن كسر حصارها وقام بتقديم مساعدات مالية بملايين الدولارات وصفها إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس السابقة بـ”أول الغيث قطر ثم ينهمرُ”.
والعام الماضي شنت وكالة معا المقربة من الرئاسة الفلسطينية حملة غير مسبوقة على دولة قطر وأميرها الجديد.
ونشرت الوكالة مقالا موقعا باسم رئاسة تحرير معا، عن ما وصفته بالتناقض في سياسة قطر التي تهاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ثم تقدم له الدعم المالي، وتقوم بفتح قنوات مع إسرائيل وتعلن دعمها للمقاومة.
ورأت الوكالة أن من حق الفلسطينيين أن يدركوا ما يحاك ضدهم، وألا يثقوا بقطر أساسا وأنها على حد وصفها ما دخلت “قضية” إلا وأفسدتها.
وكانت حركتا فتح وحماس، قد وقعتا في 23 أبريل/ نيسان الماضي، عقب قرابة 7 سنوات من الانقسام (2007-2014) على اتفاق للمصالحة، نص على تشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
ولم تتسلم حكومة الوفاق الفلسطينية أيا من مهامها في غزة، منذ تشكيلها في يونيو/ حزيران الماضي، بسبب الخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس، فيما تتبادل الحركتان الاتهامات بشأن تعطيل المصالحة، وتطبيق بنودها.