العاصمة الجديدة التي أعلنت عنها سلطات الانقلاب ، هو أشبه ما يكون ضرب من الخيال ، فقد تساءلت صحيفة “جارديان” البريطانية: هل يمكن خلال 7 سنوات أن يكتمل بناء مدينة تتسع لخمسة ملايين شخص و 660 مستشفى و 1250 مسجدا وكنيسة ومدينة ملاهي أربعة أضعاف حجم ديزني لاند؟.
وقالت الصحيفة في تقرير مراسلها باتريك كينجسلي، كما نقلت عنها بوابة القاهرة: “إن هناك من يشكك في بناء عاصمة جديدة لمصر، وهو المشروع الذي يخطط له نظام السيسي بدعم إماراتي”.
وأضافت، “مصر لديها تاريخ لبناء مدن لم تكتمل في الصحراء، وكان ذلك نتاجا لاعتقاد استمر عقود بأن بناء مدن صغيرة حول مدينة كبيرة سيحد من الاكتظاظ في المدن الرئيسية”.
المثال الأكثر شهرة بحسب الصحيفة هو “القاهرة الجديدة” إحدى الضواحي الحديثة التي تم تشييدها شرق العاصمة، وكان من الفترض أن تجذب عدة ملايين من السكان، لكن بعد مرور عقد ونصف أصبحت لا تضم الآن سوى مئات الآلاف من المصريين.
وأشارت الصحيفة إلى أن ديفيد سيمز، المخطط المدني ومقره القاهرة، قضى سنوات في فهرسة إخفاقات المدن الجديدة بمصر، وتجلى ذلك في كتابه الأخير الذي نشر الأسبوع الماضي “أحلام الصحراء المصرية: تطوير أم كارثة؟.
ويميل سيمز إلى الكلمة الأخيرة، حيث يقول “حجم المدينة ضخم، وهناك أسئلة مثل: كيف ستشيد البنية التحتية؟
كيف ستحصل على الماء؟ كيف ستنقلون كل هذه الوزارات؟ وبعبارة أخرى، أعتقد أنه الأمر محبط، سيكون من المثير للاهتمام رؤية أي شيء يتحقق في هذا المشروع، لكنني أشك في ذلك “.
وأوضحت الصحيفة أن سبب فشل المدن الصحراوية في جذب السكان يعود إلى نقص البنية التحتية وفرص العمل؛ فأماكن مثل القاهرة
الجديدة لم تقدم ما يكفي من الوظائف للسكان الأكثر فقرا، أو وسائل نقل بأسعار معقولة إلى المناطق التي يمكن أن تجد مزيدا من العمل.
ونقلت الصحيفة عن نيك سيمكك أرس، عالم الأنثروبولوجيا في برنامج أكسفورد لمدن المستقبل، قوله: “الكثيرون لا يريدون الابتعاد عن العاصمة القاهرة والعيش في محيطهما لأن ذلك سيتطلب سيارة ودخل معين للعيش هناك.
تقول الصحيفة: تاريخيا، أجبرت الحكومة المصرية الناس على العيش في مناطق على أطراف القاهرة، من خلال طردهم من المناطق
الفقيرة داخل المدن، ونقلهم إلى المدن الصحراوية. ولكن حياتهم هناك كشفت سبب عدم انجذاب آخرين للذهاب معهم.
ونقلت عن سيمكك أرس قوله: “الحكومات تتصور أنهم قادرون على نقل الناس إلى مناطق جديدة، لكن في الواقع يذهب الناس إلى حيث يريدون”.
وأضاف: “كثير من الناس اتخذوا من بيوتهم أماكن لأعمالهم، وهذا لا يمكن أن يحدث في أبراج سكنية تبنى بالصحراء. نظام أعمالهم والدعم بأكمله سينهار”.