قال “تسفي برئيل” محلل الشؤون العربية بصحيفة “هآرتس”، إن قرار المحكمة المصرية باعتبار حماس حركة إرهابية أثار أزمة في العلاقات بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث وجهت السعودية رسائل غير مباشرة لمصر كانت كافية لإسراع الحكومة المصرية بالطعن على قرار المحكمة الخاص بحماس.
ورأى “برئيل” في مقال بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن حماس ليست مجرد حركة فلسطينية أو شأن داخلي مصري، بل ورقة مساومة كبرى في الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران، وأن الملك سلمان يسعى لضم حماس لمحور سني ضد إيران يضم أيضا مصر وتركيا والأردن وكذلك باكستان.
وإذا ما اختارت الحركة الفلسطينية الانضمام لهذا المحور، وعدم الارتماء في أحضان إيران، فسوف يقدم الملك مبادرة جديدة للمصالحة بين حماس وفتح مدفوعة بشيك مالي كبير، كذلك ستستغل الرياض المساعدات التي تقدمها لمصر، والتي كان آخرها 4 مليارات تعهدت بها خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ لدفع مصر لفتح معبر رفح وتغيير سياستها بالكلية تجاه حماس، وفقًا لـ”برئيل”.
إلى نص المقال..
الصمود الاقتصادي للتنظيم، الذي يحتاج نحو مليار دولار سنويا لدفع رواتب عناصره، وللكثير من المليارات الأخرى لإعمار غزة، هو المحور الرئيس الذي يدور حوله الجدل الداخلي في صفوف التنظيم، فقد أثبتت السعودية لحماس أنها قادرة على القيام بما لا تستطيع إيران فعله بأي شكل كان – كأن تدفع مصر للطعن على قرار محكمتها، كذلك تعتزم السعودية تقديم مبادرة جديدة للمصالحة بين فتح وحماس – ستأتي مرفقة بشيك مالي سخي – وهي الوحيدة القادرة على دفع مصر لفتح أبوابها لغزة، مقابل التزامها نهاية الأسبوع بمنح القاهرة مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار.
أثار قرار المحكمة المصرية للأمور المستعجلة، القاضي بأن حماس تنظيم إرهابي، أزمة في العلاقات بين الملك السعودي سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. فبعد أيام قليلة من القرار بدأت التقارير تتواتر من السعودية بأن الملك ينوي دعوة خالد مشعل لزيارة رسمية في الرياض، صحيح أن حماس لم تؤكد بعد وصول مثل هذه الدعوة أو توقع وصولها، لكن كانت هذه الرسالة السعودية غير المباشرة كافية كي تتخذ الحكومة المصرية خطوة غير مسبوقة.
قدمت الحكومة الأربعاء الماضي طعنا على قرار المحكمة، وينتظر البت فيه يوم 28 مارس. لم تأت هذه الخطوة التي يتوقع أن تؤدي لإلغاء القرار مرفقة بأي تفسير قانوني، التفسير الوحيد الممكن سياسي. فحماس ليست مجرد تنظيم فلسطيني أو شأن مصري داخلي. فقد أصبح ورقة مساومة سياسية على الساحة الملتهبة بين السعودية وإيران.
صحيح أن السعودية تعتبر جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا، لكن في كل ما يتعلق بحماس تبدو سياستها مختلفة عن مصر، فالملك السعودي الذي يطمح في تكوين محور سني لتقليص التأثير الإيراني بالشرق الأوسط، لا يمكنه الاكتفاء بمحور الدول، بل سيضطر لإعطاء شهادات سماح لتنظيمات سنية، لاسيما لتنظيم مثل حماس، التي لا تزال ترى صعوبة في أن تقرر بشكل نهائي ما إن كانت ستعود لأحضان إيران، أم ستتبرأ منها وتنضم للدائرة العربية، في ذات الوقت، فإن إيران أيضًا لم تقرر بعد ما إن كانت ستبذل جهدًا لتقريب حماس مجددًا، أم ستواصل القطيعة السياسية والاقتصادية التي تفرضها على التنظيم الذي انفصل عن سوريا.
حماس الآن مثل قارب شراعي ينتظر الرياح المناسبة، ظاهريًا، فإن القرار المتعلق بالتوجه هو بمثابة أزمة للأغنياء، فالسعودية وكذلك إيران بحاجة لحماس لتحقيق تفوق سياسي في منطقة تدور بينهما لعبة محصلتها صفر، تقضي بأن أي إنجاز إيراني يعتبر خسارة سعودية والعكس لكن ما أصعبها من حيرة.
إذا قررت حماس الانضمام للمحور الإيراني، فسوف تضطر للتراجع عن انتقادها اللاذع للنظام السوري، وللتعاون مع حزب الله، وسوف تفقد تمامًا الفرصة للتحكم في إعمار غزة، سيتواصل إغلاق معبر رفح، لأنه ودون دخول قوات الحكومة الفلسطينية لغزة، فلن توافق مصر على إعادة فتح الحدود، وفي غياب عنوان “الكبير المسؤول”، فإنه لن يكون بالإمكان أيضًا وصول أموال المساعدات للقطاع.
وفي المقابل، إذا ما قررت الانضمام للمحور السعودي – المصري، فسوف تطالب بتنفيذ اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، الذي يقضي بتراجع كبير في قدرتها على السيطرة بالقطاع، وستكون خاضعة لقرارات مصر وستضطر لإثبات أنها لم تعد مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.
أي قرار سيلزم حماس بدفع ثمن أيديولوجي وسياسي فادح، في وقت لا تعلم الحركة بعد ماذا سيكون المقابل، لأن السعودية وإيران لم يطرحا عليها بعد قائمة التعويض الاقتصادي التي ستفوز به حال قررت اختيار واحدة منهما.
الصمود الاقتصادي للتنظيم، الذي يحتاج نحو مليار دولار سنويًا لدفع رواتب عناصره، وللكثير من المليارات الأخرى لإعمار غزة، هو المحور الرئيس الذي يدور حوله الجدل الداخلي في صفوف التنظيم. فقد أثبتت السعودية لحماس أنها قادرة على القيام بما لا تستطيع إيران فعله بأي شكل كان، كأن تدفع مصر للطعن على قرار محكمتها، كذلك تعتزم السعودية تقديم مبادرة جديدة للمصالحة بين فتح وحماس، ستأتي مرفقة بشيك مالي سخي، وهي الوحيدة القادرة على دفع مصر لفتح أبوابها لغزة، مقابل التزامها نهاية الأسبوع بمنح القاهرة مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار.
في المحور السني الذي تنوي الرياض إنشاءه، تبقى حماس تنظيمًا هامشيًا، فالهدف هو ضم تركيا أيضًا وترسيخ العلاقة بين السعودية وباكستان وبين السعودية والدول، التي يرتبط بعضها بعلاقات وطيدة مع إيران، وتعتبر إسرائيل نفسها شريكا خفيا في هذا المحور، لكنها قد تخسر هذا التطور إذا ما اعتبرت العلاقات الآخذة في التشكل بين السعودية وحماس، وكأنها “محور شر” جديد، لأنها تلغي منظومة العلاقات التي تحددت خلال حكم الملك عبد الله، منظومة حددت الأخيار والأشرار التي كانت حماس والإخوان المسلمين وإيران فيها الأعداء الألداء.
التغيرات في علاقات القوى والهزات التي طرأت على العلاقات العربية – العربية فاجأت إسرائيل، وبينما هي منشغلة بإحصاء الصواريخ الموجهة ضدها، تشكلت تحالفات جديدة من شأنها أن تستدعي احتمالات سياسية مثيرة للاهتمام. إذا ما أصبحت حماس قريبا جزء من محور مصري – سعودي – أردني، فلن يكون لدى إسرائيل المزيد من احتكار السيطرة على قطاع غزة، لأن مصر (بمشورة واحدة مع السعودية) هي التي ستقرر من يدخل ومن يخرج من القطاع.
هذا هو السيناريو الذي قد يكون في انتظار الحكومة (الإسرائيلية) التي ستتشكل بعد الانتخابات، وإذا ما حدث، فقد يحول إسرائيل لغير ذات صلة، على الأقل في كل ما يتعلق بمستقبل غزة.