“نكن عميق التقدير لكل سيدة. وكل دور تساهم به المرأة في المجتمع يجعل منها شريكة في بناء أمتنا”.
هذا ما ذكره الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب الرئيس ورئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة، في تغريدة على موقع تويتر، في أبريل/نيسان 2014.
احتفلت الإمارات العربية المتحدة، كغيرها من الدول، باليوم العالمي للمرة في 8 مارس/آذار، حيث قد نستمع إلى المزيد من الكلمات على لسان قادة الإمارات احتفاءً بدور المرأة. وعلى رغم أهمية الاحتفال، فما تحتاج إليه النساء في الإماراتهذا العام، بدلا من إغداق المديح، هو أن تتخذ حكومتهم خطوات جدية من أجل إنهاء التمييز اللاتي تتعرضن له على المستويين القانوني والواقعي.
وفي ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، على الإمارات العربية المتحدة أن تستغل اليوم في وضع معايير صلبة لتحقيق المساواة لكافة النساء. سوف تمارس الأمم المتحدة بالطبع ضغوطاً على دولة الإمارات من أجل القيام بذلك هذا العام، عندما تلتقي مجموعة خبراءها المعنية بالقضاء على التمييز القائم على الجنس – المعروفة باسم سيداو- تلتقي بالمسؤولين الإماراتيين في جنيف لتدارس العديد من السُبل الكفيلة بتغيير القوانين والممارسات التي تواصل التمييز ضد المرأة.
وعلى الرغم من بعض التقدم، تظل النساء مواطنات من الدرجة الثانية في دولة الإمارات، حيث يعمل مبدأ “وصاية الذكر” المقنن في الإمارات، على إنكار حق المرأة في اتخاذ قرار الزواج على نحو مُستقل. ولا يتسنى للمرأة الزواج دون موافقة ولي أمرها الذكر على عقد الزواج، بموجب هذا القانون. وإذا رفض، يمكنها التقدم بالتماس إلى أحد القضاة كي يقوم بدور الوصي عليها. ويقتضي القانون طاعة الزوجة لزوجها بمجرد إتمام الزوج.
وهناك الكثير من النساء اللاتي يعملن في الإمارات، إلا أن الزوجة التي تعمل من دون موافقة زوجها تكون “ناشزا” بموجب القانون. وفي إحدى الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، اعتبرت إحدى المحاكم أن سيدة وقعت ضحية العنف المنزلي قد خالفت القانون لقيامها بالعمل من دون إذن زوجها.
ويحتفظ الرجل بحق الطلاق من جانب واحد، أما المرأة التي ترغب في الطلاق، فعليها التقدم بطلب إلى المحكمة؛ التي قد توافق عليه في حدود ضيقة، إلا إذا كان الزوج قد منحها الحق في الطلاق من جانب واحد رسمياً. وهناك وسيلة بديلة يمكن للنساء إنهاء الزواج بها تعرف باسم “الخُلع”، إلا أن الخلع يشترط تنازل المرأة عن حقها في، وهو مُقدم الصداق الذي تلقته الزوجة عند إتمام عقد الزواج.
والأكثر من هذا، أن دولة الإمارات ليس لديها قانون خاص بالعنف المنزلي. وفي الوقت الذي تنطبق فيه مواد قانون العقوبات، مثل تلك التي تنطبق على حالات الاعتداء، على الانتهاكات الزوجية، أخفق القانون الإماراتي في توضيح تدابير الحماية، ومسؤوليات الشرطة والقضاء وغيرهما من المؤسسات الحكومية من التصدي للعنف المنزلي وغيره من الانتهاكات.
ولقد انطلقت دعوات مؤخراً، مثل تلك التي أطلقتها مؤسسة دبي للمرأة والطفل، ونائب عام أبو ظبي، لسن قانون بشأن العنف المنزلي، إلا أنه لا تلوح أي بادرة في الأفق بشأن إصدار مثل هذا التشريع. بل على العكس، يسمح القانون الإماراتي للزوج بـ “تأديب” زوجته وأولاده القُصّر.
وفي عام 2010، استشهدت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات بهذا القانون –المادة 53 من قانون العقوبات- عندما قضت بإمكانية لجوء الأزواج للضرب أو غيره من وسائل العقاب أو الإكراه ضد زوجاتهم طالما لا يؤدي إلى إحداث آثار بدنية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش 3 حالات، قامت فيها الشرطة في دولة الإمارات بتثبيط عزم النساء عن الإبلاغ عن وقائع عنف منزلي، وأخفقت الشرطة في التحقيق في شكاواهن على نحو مُلائم.
كما تجعل القوانين الإماراتية من الصعب على المرأة التي تعرضت لاعتداء جنسي أو الاغتصاب التقدم بشكوى على هذه الجرائم، حيث قد تؤدي الشكوى إلى مُحاكمتهن بتهمة “الزنا”.
وتعد عاملات المنازل الوافدات من بين أكثر مجموعات النساء تعرضاً للخطر في الإمارات، رغم كونهن مكوناً رئيسياً من مكونات القوى العاملة في البلاد. ولقد وفد إلى الإمارات 146,000 سيدة على الأقل، أغلبهن من قارتي آسيا وأفريقيا، للعمل كعاملات منزليات. يتمتع العديد منهن بظروف عمل جيدة، إلا أن أخريات منهن يتعرضن لانتهاكات جسيمة.
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2014، كيف تم ترك العاملات المنزليات الوافدات عُرضة للانتهاك والاستغلال جراء نظام الوصاية على تأشيرات الدخول المعرف باسم الكفالة، إلى جانب حرمان العاملات المنزليات من مظلة حماية قوانين العمل.
لقد تحدثت هيومن رايتس ووتش مع 99 عاملة منزلية في الإمارات، قبل نشر هذا التقرير. وصف العديد منهن ما يتعرضن له من عدم الحصول على مُستحقاتهن، وعدم السماح لهن بالحصول على فترات راحة أو أيام إجازات، وعدم مُغادرة منازل أصحاب العمل، إلى جانب العمل المُفرط، الذي يتضمن يوم عمل يصل إلى 21 ساعة. كما وصفن ما تعرضن له من حرمان من الطعام، وتقدمن بإفادات بشأن تعرضهن إلى انتهاكات نفسية وبدنية وجنسية.
وقال العديد منهن إن أصحاب العمل كانوا يعاملوهن كالحيوانات، أو إذا ما كن قذرات، وأن أي تلامس بدني معهن سوف يؤدي إلى تلوث من يلامسهن. ولقد ارتقت الانتهاكات، في بعض الحالات، إلى حد العمل القسري أو الاتجار بالبشر.
تساهم المرأة في الإمارات العربية المتحدة بدور كبير في المجتمع، سواء كانت إماراتية أم من المُهاجرات. وتستحق النساء ما هو أكثر من مجرد كلمات لطيفة من الرجال الذين يحكمون الإمارات. تسحق النساء إصلاحات بعيدة المدى تضمن أن تنبذ القوانين والممارسات التمييز، وتعزز المساواة الأساسية في الحقوق والفرص.