القاهرة – الأناضول – قال المفكر المصري فهمي هويدي إن الأنظمة العربية تدفع الشباب دفعا نحو الانضمام لتنظيم “داعش”، ورأى أنه إذا أرادت هذه الأنظمة صرف الشباب عن هذا التنظيم الإرهابي فـ”يجب أن نقدم لهم أملا”؛ لأنه “لا يمكن أن نضيق الخناق على الناس ثم نطالبهم بحمل أغصان الزيتون”.
وفي حوار مطول، طرح هويدي صيغة اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، نموذجا لحل الأزمة السورية، معتبرا أن الطرف العربي ليس فاعلا في الأزمة السورية، وأن الطرفين الدولي والتركي هما الأكثر تأثيرا.
وفي حين حذر من أن النظام السوري هو أكثر المستفيدين من تنظيم “داعش” الذي صرف الانتباه عن خطورة هذا النظام، قال إن تركيا مدركة أن مكمن الخطورة في بشار الأسد رأس النظام وليس في “داعش”.
وفيما يخص الأزمة الراهنة في اليمن، رأى المفكر المصري أن التحرك السعودي في هذه الأزمة جاء متاخرا، داعيا الرياض إلى التحرك بسرعة لمواجهة الحوثيين عبر مساعدة القبائل الموالية لها في اليمن.
كذلك، حذر هويدي من أن تقسيم اليمن بين الشمال والجنوب “أصبح مرجحا الآن”، آملا ألا يدخل في معادلة التقسيم الزيود (المنتمين للمذهب الزيدي) والشوافع (المنتمين للمذهب الشافعي).
ومستشرفا العلاقات بين أنقرة والقاهرة، قال إنه لا يتوقع تغييرا في الموقف الأساسي الذي تبنته تركيا من النظام الحالي في مصر قبيل الانتخابات البرلمانية في تركيا المقررة في يونيو / حزيران المقبل، دون أن يستبعد تغير هذا الموقف بعد الانتخابات، ورأى أنه إذا كانت هناك وساطة سعودية بين القاهرة فستكون لتهدئة التوتر وليس لتطبيع العلاقات.
وبخصوص المصالحة بين السلطات المصرية الحالية وجماعة الإخوان المسلمين، رأى أنها “ليست وارده الآن”، معتبرا أن المبادرة الأهم للتهدئة مع الجماعة ينبغي أن تكون من جانب السلطة. وفي هذا السياق، رأى أنه من المبكر الحديث عن وساطة خليجية للمصالحة بين السلطات في مصر والإخوان؛ فـ”سياسة دول الخليج الآن ليست واحدة”.
كذلك، اعتبر أن طرح تشكيل القوة العربية المشتركة من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يتم الترحيب به عربيا؛ لأنه هناك إدراك أنه غطاء لدور تريد القاهرة أن تؤديه في ليبيا.
ومتحدثا عن الملف النووي الإيراني، قال إن هناك رغبة من الطرفين الأمريكي والإيراني للوصول لاتفاق، لكن اللوبي الإسرائيلي يعطل ذلك المسار عبر نفوذه في مجلس الشيوخ الأمريكي، لافتا إلى أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات مقابل رفع الحصار الاقتصادي عنها، والرئيس الأمريكي باراك أوباما يريد تحقيق انجازات قبل نهاية فترته الرئاسية الثانية.
لكنه اعتبر أن إيران لا يمكن أن تتخلي عن مشروعها النووي لأن ذلك يعني سقوط النظام فيها، وما يمكن أن يكون مطروحا من قبل طهران هو تأجيل المشروع أو تجميده لبعض الوقت، ومع ذلك توقع ألا يتم الاتفاق الأمريكي الإيراني “سريعا”.
وحول شكل التغير في السياسية السعودية بعد وصول الملك سلمان بن عبد العزيز للحكم أواخر شهر يناير / كانون الثاني الماضي، قال إن التحديات التي تواجها السعودية من قبيل “داعش” في الشمال والحوثيين في الجنوب شكلا بعض عوامل هذا التغير، ساردا بعض مظاهره ومن ضمنه رغبة السعودية أن تصبح مصدرا لاحتواء الأزمة في مصر لا أن تكون طرفا فيها.
كما رأى أن تزامن زيارتي السيسي وأردوغان للسعودية “أعطى انطباعا أن الرياض منفتحة على كل من القاهرة وأنقرة، وليست مصطفة مع مصر في مواجهة تركيا”.
وفي حال وجود وساطة سعودية بين القاهرة وأنقرة، أعرب عن اعتقاده أنها ستكون لتهدئة التوتر وليس لتطبيع العلاقات، متوقعا أن يقبل الجانب المصري بهذه التهدئة، لافتا إلى أن تركيا مقبلة على انتخابات برلمانية ولا يتوقع منها تغييرا في الموقف الأساسي الذي تبنته من النظام المصري الحالي قبيل هذه الانتخابات، دون أن يستبعد تغير هذا الموقف بعد الانتخابات.
واختتم حواره معتبرا أن موجة الربيع العربي، التي أشعلها الشاب التونسي بوعزيزي عام 2011، لم تنته بعد، وأنها تظهر جليّة في حراك موجود في العالم العربي، لافتا إلى أن الأمور في مصر تبدو وكأنها تعود إلى أجواء ما قبل ثورة 25 يناير / كانون الثاني 2011.