إنه متجر للعرض يُعقد منذ عام 1984. ويوجد في هذا المعرض كل شيء من التكنولوجيا القادرة على اختراق أي هاتف أو جهاز كمبيوتر محمول وحتى برامج إتلاف كل شيء بدءً من محركات الأقراص الصلبة الصغيرة إلى «مكبر الصوت» الذي يعطل قدرة الأهداف عند 22 ياردة، وهي المنتجات التي ربما كان« جورج أورويل» نفسه فخورًا بالحلم بها في يوم الأيام.
ولكن بعيدًا عن الاستنتاجات من صفحات الواقع المرير الوهمية، فإن هذه ليست سوى بعض المُنتجات التي يتم عرضها الآن في المعرض الوحيد لمعدات الأسلحة والمراقبة والسيطرة على الحشود، والذي فتح أبوابه في مركز المعارض بهامبشاير.
معرض «الأمن والشرطة 2015»، والذي يحمل العلامة التجارية لوزارة الداخلية يصفه المنظمون بأنه فرصة حيوية للشرطة البريطانية والأجهزة الأمنية للقاء نحو 500 شركة تعرض بضائعها ومنتجاتها – من إشارات المرور المخروطية حتى بنادق القنص – اللازمة لتمكين الحكومة من «تقديم أولويات أمنها الوطني».
وبالنظر إلى أن الكثير من المعدات التجارية والحرفية اللازمة لتتبع أو إيقاف أهداف بدءً من الشبكات الإجرامية المتطورة والإرهابيين إلى المتظاهرين المناهضين للرأسمالية – والتي جمعيها ضمن السلع المعروضة – فإن كافة المشاركين يتم فحصهم من قبل السلطات، ويُقام هذا الحدث لمدة ثلاثة أيام كاملة وراء الأبواب المغلقة.
ويحظر على كل من وسائل الإعلام والجمهور الدخول إلى المعرض – على حد تعبير المنظمين – نظرًا لكون «المنتجات حساسة جدا في بيئة أكثر انفتاحا».
ولكن في الوقت الذي تمّ فيه تخفيف مستوى التدقيق الخارجي، فإن هناك فئة معينة من الزوار تحظى بترحاب حار بوجه خاص، ألا وهم العدد المتزايد باطراد من أعضاء الوفود الأجنبية.
وكان حوالي خُمس التعداد الإجمالي للزوار في العام الماضي – بلغ 5.200 زائر – من الأجهزة الأمنية والمخابراتية لـ81 دولة وجّهت الهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار – وكالة التجارة الخارجية الحكومية – الدعوة لهم.
وعندما سألت صحيفة «الإندبندنت» هذا الأسبوع الهيئة البريطانية لتوفير قائمة الدول المدعوة إلى الحدث رفضت الاستجابة، مُرجعة ذلك إلى «أسباب أمنية»، كما امتنعت الهيئة في الوقت ذاته عن إعطاء الرقم الإجمالي لعدد الدول التي وُجهت لها الدعوة.
ولكن نسخة ضمت قائمة ضيوف عام 2014 تم نشرها بموجب قانون «حرية المعلومات» أشارت إلى أن من بين كبار الشخصيات في الحدث هذا العام سيكون مُمثلي بلدان تمتلك سجلا حقوقيا لا تحسد عليه. وكان من بين الوفود المدعوة في العام الماضي البحرين ومصر وكازاخستان وليبيا والسعودية وتركمانستان. ومن بين الـ81 دولة كانت هناك أربع دول – العراق وليبيا وباكستان والمملكة العربية السعودية – على قائمة البلدان التي أشارت إليها وزارة الخارجية البريطانية بأنها مصدر قلق بالغ بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
وانتقد نشطاء بقوة تعزيز دول حديثة بمعدات الأمن الداخلي – مثل تركمانستان – التي وصفتها منظمة «هيومن رايتس ووتش» بأنها «واحدة من أكثر الدول قمعا في العالم».
وقال «أندرو سميث» – الناطق الرسمي باسم حملة مناهضة تجارة الأسلحة – «بغض النظر عن الحفاظ على أنفسنا في مأمن، فإن أحداثا مثل معرض الأمن والشرطة لا تعزز فقط سوى علاقات المملكة المتحدة مع الديكتاتوريات القمعية. تلك الأحداث تقوض المصداقية السياسية للحكومة عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، كما أنها تقوي الموقف السياسي والعسكري للأنظمة القمعية».
وبالنسبة للاقتصاد البريطاني؛ فإنه يعتبر هذا المعرض بمثابة حصة في السوق العالمي سريعة النمو فيما يتعلق بمعدات الأمن، في الوقت الذي تعزز فيه الحكومات قدراتها لمواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية، وتُعدّل تقنيات جمع المعلومات الاستخباراتية على نطاق صناعي أماط الأمريكي «إدوارد سنودن» اللثام عنه.
ووفقا لأحد التحليلات، فإن سوق الأسلحة غير القاتلة – من الرصاص المطاطي حتى خراطيم المياه – من المتوقع أن ينمو بنسبة 5% على الأقل سنويًا ليصل إلى 4.7 مليار جنيه أسترليني بحلول عام 2020.
ومن بين المنتجات التي يتم إطلاقها لتلبية هذا الطلب بندقية «إيه – دبليو إيه إس بي» ذاتيّة التحميل وعالية الصوت والكفاءة، والتي تأتي أيضًا مُجهزة بـ«مسدس صوت» يرسل موجة من الموجات الصوتية على أهداف – تُوصف من قبل شركة «سيربيروس بلاك» المُصنّعة لها – بأنها «غير سارة للغاية وتعمل كرادع كبير» من على مسافات تصل إلى 20 مترًا أو أقل.
ومن بين الذين سيعرضون منتجاتهم الشركة الإيطالية «هاكينج تيم» أو فريق التنصت، صاحبة حزمة برامج «نظام التحكم عن بعد»، والذي يُسوّق قدرتها على رصد مئات الآلاف من الأهداف، وشركة «جاما إنترناشونال» الأنجلو ألمانية التي تعرض برنامجها «فينفشر» لموجة من الشكاوى لاستخدامه من قبل الأنظمة الاستبدادية في مراقبة المعارضين. وتصرّ كلا الشركتين على أنهما ملتزمتان باللوائح الدولية ولا تبيعان منتجاتهما إلا للحكومات المناسبة.
ونفت مصادر في الحكومة البريطانية أن الحدث يمثل فرصة للأنظمة القمعية لإعادة تعبئة ترساناتها وتسليح أنفسها بما تقمع به معارضيها في الداخل، لافتة إلى أن أي مشتريات تتطلب رخصة تصدير من وزارة الأعمال والابتكار والمهارات.
وفي بيان لها، قالت وزارة الداخلية البريطانية: «يجمع هذا المعرض بين الصناعة في المملكة المتحدة وتطبيق القانون والمتخصصين في مجال الأمن معًا في بيئة آمنة. صناعة الأمن المزدهرة هي أمر حيوي للمساعدة في خفض الجريمة وحماية الجمهور، ولذا فمن المهم أن تُعرض هذه المنتجات والخدمات ومن ثم يكون هناك تبادل للخبرات».
وفيما يلي عدد من الدول التي جاءت على قائمة وزارة الخارجية البريطانية بأنها مصدر قلق بسبب سجلاتها الحقوقية بالإضافة إلى واردتها من أدوات ومعدات السيطرة على الحشود خلال الفترة من 2010 – 2014.
أفغانستان: 3.900 جنيه أسترليني دروع مكافحة الشغب.
كولومبيا: 17.525 جنيه أسترليني دروع مضادة للشغب.
العراق: 24.940 جنيه أسترليني دروع مضادة للشغب، و25.940 جنيه أسترليني مكونات لمعدات السيطرة على حشود مدنية أو حماية موظفين.
إسرائيل: 950 جنيه أسترليني دروع مضادة للشغب، و11.420 جنيه أسترليني مكونات لمعدات السيطرة على حشود مدنية أو حماية موظفين.
ليبيا: 380.840 جنيه إسترليني دروع مضادة للشغب، و2.936.210 جنيه أسترليني غاز مسيل للدموع وذخيرة مُهيّجة (أُلغيت في وقت لاحق)، و227.806 جنيه أسترليني ذخيرة للسيطرة على الحشود (أُلغيت لاحقًا).
باكستان: 107.063 دروع مضادة لأعمال الشغب.
روسيا: 19.920 جنيه أسترليني معدات مكافحة الشغب وحماية العاملين بمكافحة الشغب وإخلال الأمن.
المملكة العربية السعودية: 10.796 جنيه أسترليني دروع مضادة للشغب، 30.920 جنيه أسترليني معدات مكافحة الشغب والسيطرة على الحشود، و2.956.449 غاز مسيل وذخيرة مُهيجة.