توالت ردود الأفعال في مصر على واقعة الاعتداء الجنسي على مراهقة حاول ثلاثة أشخاص تجريدها من ملابسها وتصويرها عارية داخل إحدى الشقق السكنية في محافظة القيلوبية.
وبثث قنوات مصرية خاصة مقطع فيديو صادم يظهر الفتاة، البالغة من العمر 17 عاما، تقاوم الأشخاص الثلاثة، ما خلف ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيه مصريات للاغتصاب الجماعي، إذ استوقف شرطيان في كانون الأول/ديسمبر الماضي فتاة أثناء تواجدها في سيارة صديق لها في حي الساحل (شمال القاهرة).
وقد أرغماها على الخروج من السيارة بداعي توصليها لمنزلها، لكنهما اصطحباها إلى منطقة نائية حيث قاما بتجريدها من ملابسها وحاولا الاعتداء عليها في سيارة الشرطة.
وفي حزيران/ يونيو الماضي أيضا قام عشرات الأشخاص بمهاجمة فتاة أخرى ومحاولة اغتصابها، في ميدان التحرير، خلال الاحتفالات بتنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر.
وتظهر مقاطع فيديو مجموعة من الرجال يحيطون بفتاة نزعت عنها ملابسها وتورم جسدها، فيما كان رجال شرطة ينقلونها لسيارة إسعاف وسط حالة من الفوضى العارمة بعد الاعتداء عليها جنسيا.
وعلى موقع التواصل الاجتماعي تويتر لا يزال هاشتاغ #ضد_التحرش نشطا ويواصل بشكل يومي تنديده بمعاكسة النساء في الشارع المصري.
أرقام مهولة
وفي دراسة أجراها معهد التخطيط القومي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيسان/إبريل 2013، قالت 99.3 في المئة من المصريات اللواتي شاركن في البحث إنهن سبق وتعرضن للتحرش الجنسي من قبل، ونصفهن قلن إنهن يتعرضن للتحرش يوميا، وثلاث من كل أربع نساء قلن إنهن يتعرضن للتحرش مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.
وقدرت الدراسة أن 96.5 في المئة من المصريات وقعن ضحايا للتحرش بلمس الجسد، وهي ذات النسبة أيضا للواتي اختبرن التحرش بألفاظ جنسية.
وكانت دراسة سابقة لمؤسسة تومسون رويترز وضعت مصر في ذيل قائمة الدول العربية في ما يتعلق بوضع النساء، مشيرة إلى أن ارتفاع نسب التحرش الجنسي سبب رئيسي في تدني ترتيب مصر على القائمة.
القانون لم يلجم المتحرشين
وقد أصدرت مصر، في يونيو/حزيران الماضي، قانونا لمعاقبة التحرش الجنسي هو الأول من نوعه في تاريخها وذلك بعد اتساع ظاهرة التحرش خصوصا في شوارع القاهرة وتزايد الضغوط من أجل مكافحتها.
وفي السابق لم يكن القانون المصري يحوي تعريفا لجريمة التحرش.
ووفق التعديلات فإن “كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
ورغم وجود هذا القانون، فإن ظاهرة التحرش الجنسي لا تزال متفشية بكثرة وفق ما تظهره الحوادث الأخيرة للاغتصاب الجماعي وآخرها حادثة فتاة القليوبية.
دعوات لتقنين الدعارة
وقد فتح المخرج المصري عمرو سلامة بابا جديدا من الجدل في مصر، خلال الصيف الماضي، عندما رأى أن مواجهة ظاهرة التحرش تتطلب الإيمان بالحرية الجنسية وتقنين الدعارة.
ورأى المخرج الشاب في صفحته على موقع فيسبوك أن “القوانين والتعليم وحملات التوعية لا تكفي، لأن الكبت سيظل موجودا وسيزيد مع وجود أزمة اقتصادية تصعب الزواج، وفواتح الشهية الجنسية متوافرة مهما زادت الرقابة”.
واعتبر أن هذه الحل هو أفضل للمجتمع باعتباره “أقل الشرين للمجتمع وللسيدات وأكثر توافقا مع قيمكم وشعبكم المتدين بطبعه”.
وليست المرة الأولى التي تخرج فيها مثل هذه الدعوات في مصر، فقد سبق أن دعت الكاتبة الليبرالية نوال السعداوي إلى الحرية الجنسية، ووصفت حينها من قبل محافظين بأنها “داعية الشذوذ والدعارة”.
وهاجمت السعداوي ما قالت إنها الفوضى الجنسية و”الحرية الجنسية الممنوحة للرجل دون ضوابط أو مسؤولية تجاه الزوجة والأم والأطفال تحت اسم الخصوصية الثقافية أو التقاليد الاجتماعية أو النظريات البيولوجية والدينية، لم تعد تقنع أي عقل أو ضمير”.
وأثارت المخرجة المصرية إيناس الدغيدي الجدل أيضا بدعوتها إلى ترخيص الدعارة، “لأنها موجودة بالفعل”. وقالت إن ممارستها موجودة منذ قديم الأزل في العالم أجمع.
وأشارت في لقاء تلفزيوني إلى صعوبة مواجهة الدعارة في أي مكان، وأن ترخيصها “سيساعد على حصر الظاهرة، ما يساهم في عدم نشر الأمراض ومنع الكبت الجنسي”.