أثار الظهور الإعلامي، للدكتور محمد الطالبي، على قناة “الحوار التونسي” وإعلانه عدم اعترافه بالشريعة الإسلامية واكتفائه بالقرآن مصدراً وحيداً للتشريع، باعتباره من المنتمين لما يعرف بـ”المسلمين القرآنيين”، وكذلك إعلان عدم تحريم الخمر في الإسلام مستنداً في ذلك إلى بعض المصادر، وكذلك جواز البغاء وعدم تحريمه في اعتقاده، جدلاً واسعاً في تونس.
هذه الآراء صدمت الرأي العام التونسي، وكانت محور الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي. كما كانت مشاركة الطالبي فى البرنامج التلفزيوني “لمن يجرؤ فقط” مثار تساؤل من عدد من الناشطين الإلكترونيين.
وكتبت الإعلامية والروائية آمال المختار: “لماذا يشارك الطالبي في مثل هذه البرامج التلفزيونية والإعلان عن آرائه وهو قامة علمية كبيرة”.
واعتبرت صفحات عدّة، آراء الطالبي، تعديّاً عن المسلمات الدينية. وهاجمت الصفحات الطالبي واصفةً إياه بأنه وصل إلى أرذل العمر (يبلغ 94 سنة)، ولم يعد يميز بين الصحيح المتفق عليه وبين الشاذ الذي يُحفظ ولا يقاس عليه.
حيث كتب الإعلامي والباحث في الحضارة، غفران الحسايني، على صفحته: “لا يختلف اثنان في كون الدكتور محمد الطالبي أصبح شيخاً هرماً وأصابه ما يصيب الإنسان إذا بلغ من الكبر عتيّاً ووصل إلى أرذل العمر، لذلك علينا أن نقف بموضوعية في تعاملنا مع الطالبي المفكر والمؤرخ الذي كتب ليطمئن قلبي في سنوات الجمر ووقف ضد مدارس اعتبرها انسلاخاً عن الإسلام وامتداداً للإسلاموفوبيا، في الوقت الذي كانت فيه أفواه الكثيرين ملجمة”.
وأضاف: “الرجل أصبح هرماً وقد رد إلى أرذل العمر.. وعرضه بتلك الشاكلة التي ظهر عليها البارحة أكبر إهانة للرجل، وقتل للطالبي المفكر وتكريس للطالبي المخرف الذي أصبح أضحوكة فيسبوك”.
البعض الآخر ذهب إلى أن البحث عن الإثارة من بعض القنوات التلفزيونية دفعها إلى طرح مواضيع لا تتماشى وطبيعة المرحلة التي تعيشها تونس، وهو ما عبر عنه الإعلامي التونسي فى قناة “بي بي سي” مكي هلال، في تدوينة على صفحته، قائلاً: “نقاش عقيم عن الحلال والحرام، للأسف لا تحتاجه تونس الآن، المؤسف أكثر أن عالماً في قامة الطالبي تورط فيه وجرته إليه جرّاً قنوات لا هم لها إلا تصدر نسب المشاهدة لا طرح الأسئلة ذات الأولوية فى النقاش العام ومطارحة وطرح أكثر القضايا عاجلية لتجاوز أزمة البلد. فقراء البلاد وعُراة الفيضانات وعموم الناس الخائفين على أمنهم ورزقهم لا يعنيهم من أمر الخمر والبغاء شيء”.
هذا الرأي حول السعي المحموم لرفع نسب المشاهدة وتحقيق المغانم الاقتصادية جعل الإعلامي والروائي، حسن بن عثمان، يُحمّل الإعلام التونسي المسؤولية، وكتب: “إعلامنا مرآتنا، ونحن عار على البشرية الراهنة، لذلك فإعلامنا هو إعلام العار الذي نحن عليه، قبل ذلك كان الإعلام مجعولاً ليعلمنا أننا لسنا في العار، فقط لا غير وكان الناس يتحدثون عن إعلام وهمي صاروا يعلمونه علم اليقين، فأهلاً بكم في عصر الصورة، حيث لا مفرّ من المرآة تكشف البشاعة بكل ألوان الطيف”.
يُذكر بأن الطالبي، هو أستاذ تاريخ ومختص في الدراسات الإسلامية ويعتبر من المؤسسين للجامعة التونسية، حيث تولى منصب أول عميد للجامعة التونسية بعد الاستقلال، وله أكثر من 26 كتاباً من أشهرها “ليطمئن قلبي” و”كونية القرآن” و”مفكر حرّ فى الإسلام” و”مرافعة من أجل إسلام معاصر”.
تونس ــ محمد معمري
العربي الجديد