أثار بلاغ للنائب العام يتهم 9 إعلاميين مصريين بالتخابر مع الإمارات وإسرائيل مقابل مليار دولار مجددا قضية “الأذرع الإعلامية” للانقلاب في مصر، وتشابك علاقاتها بدول رئيسية محرضة وداعمة للانقلاب ومع مؤسسات نافذة وسيادية بالدولة.
وقد يفسر البلاغ قضية غامضة تتعلق بمصادر تمويل بعض القنوات الفضائية وأجور العاملين فيها وفي بوابات إلكترونية وصحف تضخ فيها بحسب خبراء إعلاميين مليارات، بينما تشير دراسات إلى أن نفقاتها تفوق بكثير إيراداتها، خاصة وأن بعضها يترأسها رجال أعمال عليهم ديون ومتهربون من الضرائب والبنوك.
فهناك تضخم لأجور المذيعين زاد بعضها عن عشرة ملايين جنيه سنويا (نحو مليون ونصف مليون دولار)، بينما تعاني أغلب القنوات الفضائية خسائر مادية كبيرة، بسبب ضعف الدخل من الإعلانات، ما يشير إلى وجود أهداف غير الربح تحكم عملها.
وكان قد اتهم البلاغ تسعة من الإعلاميين ومقدمي البرامج بالقنوات الفضائية، واختصم مقدم البلاغ المقيد برقم 4213 لسنة 2015 عرائض النائب العام، أسماء كل من: إبراهيم عيسى، وأحمد موسى، ووائل الإبراشي، وعمرو أديب، ولميس الحديدي، وتوفيق عكاشة، وأسامة كمال، ومصطفى بكري، وعبد الرحيم علي.
واتهمهم البلاغ بالخيانة العظمى، والإساءة لسمعة مصر في الخارج، والتخابر مع دول أجنبية مقابل الحصول على أموال، لتنفيذ مخططات الحكومتين الإماراتية والإسرائيلية.
مضيفا: “وقاموا بالتحريض على القتل والحرق ومخالفة القانون والدستور، والإساءة لجميع مؤسسات الدولة والتدخل في شئونها، والعمل على قلب نظام الحكم الجمهوري”.
وهذا يطرح تساؤلا آخر: هل يكون الإعلاميون الداعمون للانقلاب أول من يطبق عليهم قانون الكيانات الإرهابية الجديد الذي طالما طالبوا بسرعة إصداره للتنكيل برافضي الانقلاب بغطاء قانوني وقضائي؟ حيث اعتبر البلاغ أن هؤلاء الإعلاميين ينطبق عليهم القانون رقم 8 لسنة 2015 الخاص بالكيانات الإرهابية، بسبب عملهم لصالح دول أجنبية.
وهل يتكشف صراع ما بينهم وبين سلطة الانقلاب مع تصاعد نبرة انتقادها مؤخرا؟ أم ربما جاء البلاغ نفسه للتغطية على تسريبات الجيش وتمرد والإمارات؟
أيضا قد يكشف البلاغ حلقة خفية وجديدة من حلقات عمليات تمهيد الساحة وتهيئتها للانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في مصر، حيث يتهمهم بقلب نظام الحكم الجمهوري.
ورغم أن البلاغ الذي قدمه سعيد محمد عبد الله سليمان، مؤسس “جمعية المستقلين لمكافحة الفساد”، للنائب العام المصري المستشار هشام بركات ما زال قيد التحقيق، إلا أن هناك مؤشرات ودلائل بحسب محللين، تثبت تورط هؤلاء الإعلاميين في التمهيد للانقلاب وتثبيته، وفي التحريض على قتل رافضيه والعمل ضد المؤسسات المنتخبة المدنية وتثبت تعاونهم المباشر مع قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، الذي صك في تسريب له مصطلح “الأذرع الإعلامية”.
ونرصد فيما يلي أبرز هذه المؤشرات المتعلقة بالاتهامات:
أن الدول المتهمة بتمويل هؤلاء الإعلاميين هي أكبر دول دعمت الانقلاب وأكثر المستفيدين منه، وهما دولتا الإمارات وإسرائيل، التي تحدثت علانية عن دعمها للانقلاب وتأييدها له، وخطورة النظام المنتخب عليها، وقدمت دعما ماليا وسياسيا كبيرا للسيسي، وحشدت دعما دوليا وإقليميا لصالحه.
كذلك كشف تسريب أذيع مؤخرا لقيادات بنظام السيسي تمويل دولة الإمارات لحركة تمرد التي حشدت للانقلاب على الرئيس مرسي، وخدعت الرأي العام وصورت له أنها حركة شعبية، بينما كشفت التسريبات أنها حركة ممولة من الخارج وصناعة أمنية.
وتبين أن تمويل حركة “تمرد” للانقلاب على الرئيس مرسي تم عبر حسابات بنكية تابعة للمخابرات الحربية، كانت تغذيها الإمارات، وهو ما كشف عنه بوضوح حديث اللواء “عباس كامل” مدير مكتب السيسي مع “صدقي صبحي” رئيس الأركان، مما جعل تمرد متورطة بقضية تخابر مثل هؤلاء الإعلاميين، ومصدر التمويل قد يكون واحدا.
ورصدت تسريبات أخرى لقيادات الانقلاب أنه ليس هناك أية شفافية فيما يخص أوجه إنفاق المساعدات الخليجية، وتأكد استيلاء قادة بالمؤسسة العسكرية المصرية على هذه الأموال.
وأكد تسريب آخر أن عددا من الإعلاميين والقنوات يعملون لحساب “السيسي”، وأورد اللواء عباس كامل مدير مكتبه أسماء بعضهم، مثل أحمد موسى، ووائل الإبراشي، وإبراهيم عيسى، وذكر بالاسم قناة أون تي في، وآخرين.
وأيضا هناك اتهامات تتعلق بالتحريض على القتل، واضحة للعيان ومسجلة بالفيديو، تحرض فيها الأذرع الإعلامية على فض اعتصام رابعة والنهضة بالقوة ومهما كانت الخسائر، واختلق بعضهم روايات كاذبة عن مؤيدي الشرعية ورافضي الانقلاب، في إطار عملية ممنهجة لشيطنة الإخوان والرئيس مرسي، وصك مصطلح “خرفان” تمهيدا لذبحهم.
وكانت قد تسربت أول علاقة لإعلاميين بمؤسسة الجيش قبل الانقلاب، بمقطع فيديو يبدو أنه سجل في نهاية 2012، أكد فيه وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي على أن “امتلاك القوات المسلحة حصة مناسبة في التأثير الإعلامي، أمر يحتاج وقتا طويلا لتكوين الأذرع التي تعمل عليه، لكننا نعمل على هذا بكل تأكيد، ونحقق نتائج أفضل، لكن ما نريد تحقيقه لم نصل إليه بعد”.
شؤون خليجية